قالت وزير الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، اليوم الأربعاء، إنه في 17 يوليو الماضي رفضت روسيا تجديد اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، ومن خلال هذا القرار الأحادي الجانب اختارت موسكو إنهاء مبادرة تقودها الأمم المتحدة بدعم المجتمع الدولي.
وأضافت كولونا في مقال لها نشرته السفارة الفرنسية لدي مصر، أن تلك المبادرة كانت تستفيد منها الدول الأكثر ضعفًا بعد أن سمحت بوجه خاص لبرنامج الأغذية العالمي بتوفير الغذاء لصالح آلاف الأشخاص المحتاجين في جيبوتي، وكينيا، وأثيوبيا، والصومال، والسودان، وأيضًا في اليمن.
[[system-code:ad:autoads]]
تداعيات تعليق روسيا صفقة الحبوب
وشددت على أن الدول الأكثر هشاشة، التي تعاني بشدة من وطأة تداعيات الحرب في أوكرانيا، هي التي ستدفع الثمن الأكبر جراء التوقف المفاجئ لهذه الاتفاقية، خصوصا أن هذا التوقف غير المسئول، يأتي في الوقت الذي كان عام 2022 عامًا صعبًا للغاية على مستوى الأمن الغذائي فوفقًا للأمم المتحدة، يعاني 735 مليون شخص من الجوع في العالم، لافتة إلى أن الحقائق واضحة من دون أي لبس.
وتابعت كولونا: "سيترجم انتهاء مبادرة البحر الأسود في صورة نقص كبير في كميات الحبوب التي تصل إلى الشعوب الأكثر احتياجًا إليها"، مشيرة إلى أن الاتفاقية سمحت خلال عام واحد بمرور 33 مليون طن من المنتجات الغذائية إلى 45 دولة.
ولفتت إلى أن المنح التي أعلنت عنها روسيا، من دون تواريخ محددة وتقتصر على حفنة من البلدان وعلى بضعة آلاف من الأطنان، تمثل جزءًا ضئيلًا من المساعدات الإنسانية التي كان يتم توفيرها عبر البحر الأسود عن طريق برنامج الأغذية العالمي، مؤكدة أن هذه البادرة البسيطة للغاية والظاهرية، التي تم الإعلان عنها بمناسبة عقد قمة، لا تخدع أحدّا.
وأردفت وزيرة الخارجية الفرنسية في مقالها: "كما سيؤدي التوقف المفاجئ للاتفاقية من قبل روسيا إلى جعل أسعار الحبوب أكثر تقلبًا، حيث كانت المبادرة قد سمحت بخفض سعر المنتجات الغذائية بمقدار يقرب من الربع بعد المستوى القياسي التي سجلته هذه الأسعار في عام 2022 والناتج عن اندلاع الحرب العدوانية ضد أوكرانيا، وكنا قد أملنا في انخفاضها بشكل مستدام، لكن على العكس لا تزال الأسعار مرتفعة للغاية، حيث شهدت الأسعار أعلى ارتفاع لها في 19 يوليو الماضي، وهناك خطر تزايدها بشكل أكبر على المدى المتوسط".
وتساءلت كولونا: "من المستفيد من هذا الارتفاع؟"، مجيبة أن روسيا وقطاعها الزراعي، روسيا التي تريد تحقيق الثراء على حساب من هم الأكثر فقرًا التي لا تخضع صادراتها، بغض النظر عما تقول هذه الدولة، لأي عقوبات، علاوة على ذلك تأمل روسيا تسجيل رقم قياسي، فهي تكدس المخزونات والمحاصيل لكي تقوم ببيعها بأسعار أعلى، بينما سيعاني بقية العالم من قراراتها، قائلة: "الأفعال تتحدث عن نفسها أيضًا".
وأضافت: "لقد تمكنت أوكرانيا، وهي دولة في حالة حرب ودولة تم احتلال جزء من أراضيها بشكل غير قانوني ويقع سكانها ضحية لعمليات القصف اليومية، من التحرك لصالح الأمن الغذائي العالمي حيث أطلقت المبادرة الإنسانية "الحبوب من أوكرانيا" «Grain From Ukraine» لصالح الدول الأكثر ضعفًا في أفريقيا وآسيا".
وأردفت: "بالعكس، تضرب روسيا عمدًا موانئ أوديسا، وميكولايف، وتشورنومورسك، وقامت بتدمير صوامع الحبوب وضربت السفن المدنية، وبهذه الأعمال فهي تنتهك بشكل واضح القانون الدولي، وبهذه الأعمال فهي تتسبب أيضًا في رفع أسعار الحبوب في الأسواق، عقب كل هجوم من هجماتها، كما تقوم بتدمير ومنع توصيل الاحتياطي الذي كان يذهب إلى برنامج الأغذية العالمي وبالتالي إلى الشعوب الأكثر معاناة، فأي هدف تسعى هذه الدولة لتحقيقه إلا استخدام الغذاء كسلاح؟".
وأشارت كولونا إلى أنه في مواجهة الغذاء كسلاح من قبل روسيا، اختارت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون طريق المسئولية والتضامن الدولي، حيث قامت فرنسا على الصعيد الوطني بحشد أكثر من 840 مليون يورو لصالح المساعدات الغذائية خلال العام المنصرم، ومن ضمنها ما يقرب من 250 مليون يورو للمساعدات الطارئة وذلك من أجل مساعدة الشعوب الأكثر تضررًا.
وأضافت: "كما شاركت فرنسا في "ممرات التضامن" التي أقامها الاتحاد الأوروبي، والتي سمحت بتصدير أكثر من 38 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا عبر الطرق البرية والسكك الحديدية والطرق النهرية، بينما قلصت روسيا مساهمتها في برنامج الأغذية العالمي".
وأوضحت وزيرة الخارجية الفرنسية، أن باريس قدمت لهذا البرنامج الدعم المالي والمادي المكثف بهدف توصيل الحبوب والأسمدة إلى الدول الأكثر احتياجًا إليها، مؤكدة على أن فرنسا ستستمر في بذل جهودها، خاصة في شهر أكتوبر بباريس بمناسبة انعقاد قمة التحالف لصالح التغذية المدرسية، الذي يعمل على تمكين الأطفال في الدول النامية من الحصول على الغذاء والذهاب إلى المدرسة، وبمناسبة قمة التغذية القادمة التي ستستضيفها فرنسا.
وأشارت كولونا إلى أن باريس عقدت قمة "من أجل ميثاق عالمي جديد"، يومي 22 و23 يونيو الماضي، التي سمحت بشكل أكبر في خلق دينامية جديدة للتضامن مع الدول النامية في مواجهة الفقر وتغير المناخ.
ولفتت إلى أن العمل يجرى من أجل أن يصبح الجوع سلاحًا للإجبار السياسي، هذا هو المستوى الذي انحدرت إليه روسيا، وبذلك انتهكت موسكو مرة أخرى، كما تفعل باستمرار منذ عام ونصف، أحد المبادئ الأساسية في أخلاقياتنا المشتركة.
واختتمت كولونا: "وفي مواجهة ذلك، ستعمل فرنسا بلا كلل، مع شركائها، حتى يتمكن الأشخاص الأكثر احتياجًا من الحصول على الغذاء كما ينبغي، وسنظل نحن أوفياء لمبادئنا".