هدم الدولة يبدأ من هدم الأسرة، مما يترتب عليه من تفكك وعدم الاستقرار. ويعود فى النهاية على الدولة وترابطها وصلابتها وقوتها، كيف لمجتمع مفكك أسريا يقوم بالبناء والنهضة .
يعد تدخل الأهل في حياة أبنائهم المتزوجين انتهاكاً لخصوصية العلاقة الزوجية، وظاهرة يعاني منها المجتمع المصري بشكل كبير، وأحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع معدلات الطلاق في مصر، و يأتى تدخل الأهل في حياة أبنائهم ضمن أسباب الطلاق المبكر، بسبب عدم توافر خصوصية للعلاقة الزوجية، و هذا الأمر يؤدي إلى طرح أفكار سواء من هذا الجانب أو ذاك على الشباب، وهي أفكار قد تكون سلبية أو إيجابية، ولا انكر أن هناك "أسرا حكيمة تتدخل بشكل إيجابي من أجل بقاء هذه الأسرة، وتنمي فيها الشعور بالانتماء لبعضهما البعض".
لذلك يجب على اهل الزوجين عدم التدخل فى شئون اولادهم المتزوجين، و"ترك مساحة للزوجين لخوض التجربة وضرورة وجود نوع من الاستقلالية في الحياة حتى يسطيع الزوجان حل مشاكلهما دون تفاقم أو الوصول لـ الطلاق المبكر ، ولتقليل نسب الطلاق داخل المجتمع المصري بعدما اصبحت ظاهرة تهدد استقرار المجتمع .
[[system-code:ad:autoads]]
سعت الدولة المصرية من جانبها بكل مالديها من صلاحيات لتقليل نسب الطلاق عن طريق عدة إجراءات منها مبادرة "مودة" التي تهدف إلى تنظيم دورات تدريبية للمقبلين على الزواج، على أن يكون احد الشروط الملزمة التى يطلبها المأذون لعقد القران هو شهادة تفيد بحصول العروسان على دورة تدريبية وتم اجتيازها بنجاح وتكون ملزمة للمقبلين على الزواج، كتدريب، يحصل عليه الشباب وفق 3 خطوات؛ لأن عملية الزواج وبناء أسرة ليست عملية بسيطة، والدولة ترغب في الحفاظ على الأسرة المصرية، وخفض معدلات الطلاق وحماية الأطفال من أسر مفككة وتداعياته السلبية على الأطفال.
فإن استقرار المجتمع المصري أساسه استقرار الأسرة في كيان واحد لذلك عملت الدولة المصرية على تدشين منهج تدريبي يضم علماء الدين، والمناهج التربوية والنفسية للمقبلين على الزواج من النواحي الأسرية، والاجتماعية، والنفسية، والتوسع في مجالات الاستشارات النفسية ومواجهة جميع المشاكل الأسرية والصحية، ومتابعة الزوجين برامج التربية الايجابية للأطفال.
وتأتى السوشيال ميديا من أهم أسباب الطلاق المبكر التي تنهي الحياة الزوجية بسبب تداول الخلافات البسيطة عبر صفحاتها و يتدخل كل من هب و دب ويدلي بدلوه مما يؤدى الى اشتعال الامر بين الزوجين وخاصة فى مرحلة ما قبل الانفصال حيث تبدأ العلاقة الزوجية فى اتخاذ شكلين مهمين، الانفصال العاطفي أو الخرس الاختياري، وهي المرحلة التي يصل فيها الزوج والزوجة لمرحلة من اليقين أنه لا مفر سوى الانفصال.
لذلك لابد من النصح للزوجين بضرورة البعد عن السوشيال ميديا وعدم طرح امورهم الخاصة وخلافاتهم عبر عالم افتراضى، ويجب أن يعمل كل طرف على إصلاح نفسه قبل أن ينظر لأخطاء الطرف الثاني ويتعايش تعايشا سلميا والتأقلم مع الظروف الموجودة، وأن يكون هناك حسن استماع وإنصات وتبادل الأدوار لمعرفة تأثير أي رد فعل يصدر منا على الطرف الأخر .
والحذر ثم الحذر من اللجوء لطرف ثالث عند حل المشكلات حتى لا تتفاقم وألا تطول فترة الخصام وعدم الوصول بالخلاف لمرحلة الانفجار، و لا بد من وجود تنازل نسبي في بعض المواقف للحفاظ على كيان الأسرة .
وكما ذكرت خلال السطور السابقة أن تدخل الآباء يعد من أكبر الكبائر في الحياة الزوجية ويؤدي إلى الانفصال السريع، نظراً لوجود غضب مكبوت داخل الزوج والزوجة نتيجة الشحن الدائم من قبل الأهل، ويلحق ضررا نفسيا قبل الضرر الاجتماعي و 70% من حوادث الطلاق في مصر تمت خلال العام الأول من الزواج، بسبب تدخل الأهل في حياتهم وتقوية كل طرف على الأخر.
لذلك انصح الأهل بعدم التدخل في حياة أولادهم وفطامهم اجتماعياً وتركهم يشكلون حياتهم طبقا لرؤيتهم، وعلى الزوجة الصبر للحفاظ على الأسرة.
و طبقا للإحصائيات الرسمية عن سن الطلاق سجلت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 30 إلى أقل من 35 سنة)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 48342 إشهاداً بنسبة 19.8%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 18 إلى أقل من 20 سنة)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 390 إشهاداً بنسبة 0,2% من جملة الإشهادات وقد بلغ متوسط سن المطلق 40.1 سنة خلال العام الماضي .
وبالنسبة للمطلقات، فقد سجلت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 25 إلى أقل من 30 سنة)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 43427 إشهاداً بنسبة 17.8%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق فى الفئة العمرية (65 سنة فأكثر)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 1637 إشهاداً بنسبة 0,7% من جملة الإشهادات وقد بلغ متوسط سن المطلقة 33.8 سنة خلال العام الماضي، الامر الذى ينذر بكارثة حقيقية تهدد الامن القومي المصري .
لنا ان نتخيل خلال العشرين عاما القادمة سوف نجد اختفاء تام لكيان الاسرة ويصبح لدينا شباب وشابات نشأوا فى محيط مفكك تسوده صراعات بين الام والاب داخل ساحات المحاكم وأقسام البوليس، بالطبع سيكونوا مشوهين نفسيا واخلاقيا و غير قادرين على البناء وفاقدين للانتماء مما يعود بالضرر على مجتمع مفكك من الداخل، سهل النيل منه من الخارج .