تعد مصر حليفًا جيو استراتيجي لـ الولايات المتحدة لأسباب متعددة ترجع في أساسها إلى عدد من العوامل ذات الأهمية، أبرزها الموقع الاستراتيجي لمصر، إضافة إلى العنصر البشري، والثقل السياسي والتاريخي، وهي الأمور التي تجتمع لتجعل للقاهرة مكانة خاصة في الاستراتيجية الأمريكية على كافة الأصعدة الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية.
مباحثات شكري وبلينكن
وأجرى وزير الخارجية سامح شكري، الإثنين، اتصالًا هاتفيا بنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين، والملفات والأوضاع في المنطقة وأبرزها الوضع في السودان وليبيا والنيجر وسوريا وفلسطين.
وقال المتحدث الرسمي باسم بوزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبوزيد، في بيان عبر صفحة الوزارة على فيسبوك، إن "وزير الخارجية السفير سامح شكري، أجرى اتصالاً هاتفيًا، مع وزير خارجية الولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، في إطار متابعة أبرز المستجدات على صعيد العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وأضاف أبو زيد، أن الوزيرين أكدا خلال الاتصال، على "أهمية العمل على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، بالدفع بمختلف أطر التعاون التنموية والاقتصادية والعسكرية".
وأردف أبوزيد في البيان أنه "تم بحث المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وبخاصة الأوضاع في السودان وليبيا والنيجر، ونتائج اجتماع لجنة الاتصال العربية الخاصة بسوريا، والتطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتابع البيان أن "الوزيرين أكدا حرصهما على استمرار التنسيق والتشاور خلال الفترة القادمة، لمتابعة مسارات التعاون بين البلدين، والعمل المشترك من أجل مواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة".
وسبق هذا الاتصال مكالمة أخرى أجريت بين الوزيرين في 4 أغسطس الجاري، تم خلالها بحث تنسيق الجهود لإنهاء الصراع في السودان، ودعم الممثل الخاص للأمم المتحدة عبدالله باثيلي في التوسط في مسار انتخابات ناجحة في ليبيا، وتعزيز تدابير متساوية للأمن والكرامة والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين.
من جانبه، قال الخبير في الشئون الأمريكية، الدكتور أحمد سيد أحمد، إن مصر تتمتع بثقل كبير في الأجندة والسياسة الأمريكية، خاصة في التعامل مع قضايا وملفات وصراعات مهمة في المنطقة، وينبع ذلك من العمق الاستراتيجي الذي يحكم العلاقات بين البلدين.
وأضاف سيد، في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة هي علاقات متشابكة ومترابطة على جميع المستويات الأمنية، والاقتصادية، السياسية، مشيراً إلى أنه يوجد إطار مؤسسي يحكم هذه العلاقات دائماً ويسهم في دفعها وتطويرها للأمام.
الولايات المتحدة ومصر
وأكد الخبير في الشئون الأمريكية، أن هذه العلاقات شهدت طفرة كبيرة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس دونالد ترامب، خاصة بعد أن تسببت سياسات إدارة الرئيس السابق أوباما، في إيجاد نوع من التباعد، ولكنها لم تصل إلى مرحلة القطيعة، لأنها علاقات استراتيجية متواصلة ومستمرة، مما يعكس دائما الرؤية الأمريكية في التعاون مع مصر في القضايا والأزمات وتحقيق الأمن والسلم الإقليمي والعالمي، مضيفاً أن التنسيق المصري الأمريكي، يمثل جزءا مهما في استراتيجية التعاون مع القضايا والملفات.
ويجمع مصر بالولايات المتحدة الأمريكية علاقات قوية خاصة خلال الأشهر الأخيرة، فعندما اشتعلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، عمل الرئيسان عبد الفتاح السيسي وجو بايدن معًا للتوسط في وقف إطلاق النار والالتزام بتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، وتلعب مصر اليوم دورًا أساسيًا في تثبيت التهدئة تمهيدًا لإطلاق جهود سلام جادة.
ومع ترقب إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، لعبت مصر دورًا حاسمًا في التقريب بين جميع الأطراف، ومع انهيار مناقشات قمة برلين بشأن مستقبل ليبيا بما هدد انتخابات ديسمبر عملت مصر والولايات المتحدة بسرعة لضمان نجاح مؤتمر باريس حول ليبيا، وتعملان معًا لإبقاء عملية الانتخابات في مسارها الصحيح وإجراء الاستحقاقات في أوقاتها المحددة.
وفي أغسطس الماضي، عندما أنذرت الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان بالفوضى، عملت مصر والولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق مع الدول المجاورة للسماح لمصر بتزويد لبنان بالغاز الضروري لدعم وإعادة المستشفيات والشركات والخدمات الحكومية للعمل بعدما كانت على حافة هاوية.
ومع المخاطر والشكوك التي أثارها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، نسقت وزارة الدفاع المصرية والقيادة المركزية الأمريكية مع 21 دولة عمليات جوية وبرية وبحرية مشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، في رسالة للجميع بأن مصر والولايات المتحدة وحلفاؤها على أهبة الاستعداد لحماية السلام والاستقرار معًا.
وفي قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26)، وقفت مصر إلى جانب الولايات المتحدة ودول أخرى للإعلان عن التزامات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واختيار مصر لقيادة جهود تغير المناخ وصولًا إلى استضافتها مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27 في شرم الشيخ يعد دليلاً واضحًا على الثقة الدولية في مصر الجديدة اليوم.
وتواكب جهود مصر المشتركة دوليًا مع الولايات المتحدة تقدمًا كبيرًا يقوده الرئيس السيسي في الداخل، بهدف حماية الأرواح وحقوق الإنسان بطريقة شاملة ومتوازنة لجميع المصريين.