49 عاما من الخدمة قضتها القاطرة فهد في خدمة السفن بالمجرى الملاحي لقناة السويس منذ دخولها الخدمة حتى تعرضها للغرق قبل إحالتها للتقاعد بعام واحد في حادث تصادم مع إحدى السفن العملاقة العابرة لقناة السويس باتجاه الشمال.
تاريخ دخول القاطرة فهد الخدمة
دخلت القاطرة فهد الخدمة عام ١٩٧٦عقب عودة قناة السويس لفتح أبوابها للملاحة العالمية بناء على قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات في أعقاب حرب أكتوبر ١٩٧٣ وبعد توقيع اتفاقية السلام و الزيارة التاريخية للرئيس السادات لمحافظة بورسعيد لإطلاق إشارة البدء بعودة الملاحة العالمية للقناة.
ودخلت قاطرة هيئة قناة السويس الغارقة فهد الخدمة تحديدا عام ١٩٧٦ تحت رقمIMO 7430474 وأطلق عليها اسمها الحالى فهد.
ويرجع منشأ تصنيع القاطرة إلى Bodewes Binnenvaart ميلينجن ، هولندا، ويصنف نوعية السفينة فهد ضمن السفن العاملة لخدمة الملاحة في قناة السويس لقاطرة وتبلغ الحمولة الإجمالية للقاطرة فهد الغارقة في قاع قناة السويس 249 طنا.
وظلت القاطرة فهد تخدم في المجرى الملاحي لقناة السويس طوال 49 عاما مع تعاقب الأطقم البحرية عليها حتى وصلت لطاقمها الحالي والذي كان يستعد لخروجها من الخدمة العام القادم تكريما لرحلة عطاء استمرت سنوات طويلة.
رحلة النهاية للقاطرة فهد
لم يكن طاقم القاطرة فهد يعلم أنه على موعد مع القدر ليتعرض للموت مع قاطرته فهد لولا العناية الإلهية التي أنقذتهم عدا ريس الميكانيكا شهيد الواجب السيد موسي الذي لقي ربه غرقا مع القاطرة.
كانت القاطرة فهد تعرضت لارتطام شديد مع السفينة الناقلة CHINAGAS LEGEND بالكيلو 51 بمنطقة البلاح والذي أسفر عن فقد القاطرة توازنها وغرقها.
لم يتوقع طاقم القاطرة فهد أن الناقلة القادمة ضمن قافلة الجنوب في رحلتها قادمة من سنغافورة ومتجهة إلى هونج كونج، ستضع قصة النهاية للقاطرة "فهد" بصدمها في نطاق منطقة البلاح ما أدي إلى حدوث فتحات في بدن القاطرة ودخول المياه ومن ثم غرقها فى قاع قناة السويس .
ويبلغ طول الناقلة المتسببة في الحادث 230 مترا، وعرضها 36 مترا، بغاطس 27 قدما، وحمولة كلية 52 ألف طن والتي لا تزال متحفظا عليها حاليا في بورسعيد لحين انتهاء الإجراءات المرتبطة بالحادث.
نجاة طاقم القاطرة فهد عدا فرد
ونجحت جهود فريق الإنقاذ البحري التابع لهيئة قناة السويس في إنقاذ طاقم القاطرة المكون من ٦ أفراد ، عدا ريس بحرى فقط سقط مع القاطرة لحظة غرقها وتم انتشال جثمانه بعد ٤٠ ساعة قضاها داخل القاطرة المستقرة في قاع قناة السويس بواسطة منقذي هيئة قناة السويس الذين اصروا رغم العمق البالغ ٢٤ مترا على انتشال جثمان زميلهم وعدم الانتظار لحين انتشال القاطرة برافعات الهيئة.
رحلة انتشال القاطرة فهد
استخدمت هيئة قناة السويس الرافعة انقاذ البالغ طولها 60.9 متر، وعرضها 26.6 متر، بحمولة 500 طن، والتي تستخدم في أعمال رفع وإنزال الوحدات البحرية وتعويم وانتشال الوحدات البحرية الغارقة لانتشال القاطرة فهد من قاع قناة السويس.
وتم سحب القاطرة من قاع القناة من خلال عملية دقيقة، ونجحت جهود رجال الإنقاذ لهيئة قناة السويس وسحبها إلى البلاح لاستكمال الإجراءات الخاصة بالتحقيق في وقائع وتفاصيل الحادث.
تشييع جثمان شهيد القاطرة فهد
وفى الوقت الذي عادت القاطرة إلى سطح الماء شيع جثمان شهيد الواجب السيد موسي احد طاقمها إلى مثواه الأخير وسط حالة شديدة من الحزن انتابت كل زملائه والعاملين بهيئة قناة السويس.
كانت قرية حي حوض الجنينة شيعت جثمان شهيد القاطرة فهد السيد موسى إلى مثواه الأخير بمدافن الأسرة عقب صلاة الجنازة عليه بمسجد القرية فور وصوله قادما من الإسماعيلية برفقة والده الذي أصر على دفنه بمسقط رأسه بمدافن الأسرة.
وكان جثمان شهيد القاطرة فهد وصل إلى قريته حي حوض الجنينة بمركز السنبلاوين محافظة الدقهلية حيث أدى عليه صلاة الجنازة زملاؤه القادمون من بورسعيد لوداعه برفقة أسرته وأهالي القرية.
كان جثمان شهيد القاطرة الغارقة فهد تحرك من محافظة الإسماعيلية إلى مسقط رأسه بمحافظة الدقهلية مركز السنبلاوين ليوارى جثمانه بمدافن الأسرة وفق رغبة والده.
وأنهت النيابة العامة بمحافظة الإسماعيلية إجراءات مناظرة جثمان شهيد القاطرة الغارقة فهد عقب وصوله من منطقة البلاح إلى مستشفي هيئة قناة السويس وصرحت بدفن الجثمان.
وأنهى زملاء الفقيد و أسرته عمليات التجهيز للجثمان ليؤدي عليه الصلاة مباشرة فور وصوله الي مسقط رأسه ليوارى جثمانه التراب بمدافن الأسرة.
ونقل جثمان شهيد القاطرة الغارقة فهد بإسعاف طائر يرافقه خلال رحلة الوداع عدد من زملائه الذين أصروا على التواجد بالإسماعيلية حتى إنهاء الإجراءات.
وتحركت من محافظة بورسعيد إلى مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية العديد من السيارات من زملاء شهيد الواجب السيد موسى غريق القاطرة فهد بمجرى قناة السويس الملاحي لوداعه قبل أن يوارى جثمانه التراب .
وسادت حالة من الحزن الشديد جموع العاملين بترسانة بورسعيد والتحركات والقاطرات البحرية حزنا على فراق زميلهم بقسم التحركات الذي وافته المنية أثناء أداء واجبه على القاطرة الغارقة فهد والتى صدمتها إحدى السفن العملاقة أثناء عبورها ضمن القافلة القادمة من الجنوب باتجاه الشمال .
وحركت اللجنة النقابية للعاملين بهيئة قناة السويس بمحافظة بورسعيد برئاسة طارق جاد أتوبيسا من اتوبيسات الهيئة إلى السنبلاوين مسقط رأس شهيد الواجب حتى يتثنى لزملائه وداعه عقب وصوله من الإسماعيلية الي الدقهلية.
وكان والد الفقيد أصر على دفت جثمان نجله بمقابر الأسرة بقرية حي حوض الجنينة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية.
وباءت جميع محاولات زملاء الفقيد وقياداته بهيئة قناة السويس فى اقناع أسرة الفقيد بدفن جثمانه بمحافظة بورسعيد الا ان والده أصر على أن يدفن بمقابر الأسرة.
خفت الجروح ويظل ألم الفراق بين الناجين حزنا على زميلهم
تماثل باقي طاقم القاطرة فهد الناجون من الغرق للشفاء وسمح لهم بمغادرة المستشفي لتحسن أحوالهم الصحية واستمرار المتابعة الطبية غير أن الجميع انتابتهم حالة من الحزن على فقدان احد أعضاء فريقهم غرقا مع القاطرة، ليسدل الستار على رحلة القاطرة فهد وانتهاء خدمتها بهيئة قناة السويس قبل عام واحد من إحالتها للتقاعد وتكريمها على رحلة عطاء استمرت قرابة نصف القرن.