لاشك أن الدعاء بعد قراءة القرآن يعد أفضله، لذا يبحث الكثيرون ممن يعرفون فضل سورة الكوثر عن ما الدعاء بعد قراءة سورة الكوثر، والذي يمثل أحد أسرار هذه السورة الخفية، فإذا كان الدعاء هو طوق النجاة وسبيل التخلص من بلاء الدنيا والتعجيل بالفرج ، فإن ارتباطه بأحد سور القرآن يضاعف أهميته وقدره لذا يزيد السؤال عن ما الدعاء بعد قراءة سورة الكوثر ، حيث إن القرآن الكَريم كَلام الله المُنزل على سيّدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- المُتعبّد بتلاوته، والمنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس، أُنزِل ليَكونَ المعجزةَ الخالدة لسيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم كله خير، وقد وردت العديد من الأحاديث في فضائل بعض السور، منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها ما لم يثبت عن النبي ويتناقله الناس، ومن بينها يأتي الاستفهام عن ما الدعاء بعد قراءة سورة الكوثر .
ما الدعاء بعد قراءة سورة الكوثر
ورد أنه بعد قراءة سورة الكوثر يتم دعاء الله عز وجل، كما أنه عندما يشرع الشخص في تلاوة السورة، وطلب الحاجة، عليه أن يثق في رب العالمين، وفى قدرته على تحقيق ما يتمناه وتلبية دعاءه، وعن ما الدعاء بعد قراءة سورة الكوثر، فقد ورد أنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء بعد قراءة سورة الكوثر ، إلا أنه يمكن الدعاء بعدها بعدة صيغ لقضاء الحاجة ، ومنها: اللهم اغفر زلاتنا الذنوب التي وقعنا فيها ، وأستغفر الله العظيم الذي لا له إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه، اللهم يا جامع الشتات ويا مخرج النبات ويا محيي العظام الرفات ويا مجيب الدعوات ويا قاضي الحاجات ويا مفرج الكربات ويا سامع الأصوات من فوق سبع سموات ويا فاتح خزائن الكرامات ويا مالك حوائج جميع المخلوقات اسألك اللهم أن تجود علي بقضاء حاجتي (…وتسمي حاجتك…) إنك قادر على كل شيء يا رب العالمين يا عظيم.
ما فضل قراءة سورة الكوثر
لم يَثبت في فضل قراءة سورة الكوثر ، كما الكثير من سور القرآن، أحاديثٌ ورواياتٌ خاصة بفضلها، لكن من المُمكن أن تستنتج بعض الفضائل العامَّة المُرتبطة بنهر الكوثر الذي أتت السُّورة على ذكره وسُمِّيت باسمه، ومن هذه الفضائل: ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: قَالَ: بَيْنَما رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ).
ويمكن أن يُستخلص ما فضل قراءة سورة الكوثر من هذا الحديث الشَّريف، وهذا الفضل مُتمثلٌ في استبشار النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- وضحكه عند نزول السُّورة عليه، ممّا يُشير إلى مكانتها وعِظمها، وهذا هو الحديث الشَّريف الوحيد الذي يمكن اعتباره مباشراً في فضل السُّورة، أمَّا باقي الأحاديث والآثار فهي مُنصبَّةٌ على نهر الكوثر وصفاته وفضله.
ممَّا جاء في نهر الكوثر ووصفه ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال:(بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ فَإِذَا طِينُهُ أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ شَكَّ هُدْبَةُ)، أمَّا الأخبار الواردة في أنَّ لقراءة سورة الكوثر يوم الجمعة أو غيره من الأيام ألف مرَّةٍ فضلٌ مخصوصٌ، وأنَّ الله يسقي من قرأها من أنهار الجنة فلم يثب، واعتُبِرَ الحديث المُطوّل الوارد في فضائل سور القرآن بتعدادها سورةًَ سورةً بما فيه الكوثر موضوعاً؛ أي مكذوباً على النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-، أو كما وصفه ابن الجوزي: (حَدِيث فَضَائِل السُّور مَصْنُوع بِلَا شكّ).
سورة الكوثر
سورة الكوثر سورةٌ مكيَّةٌ على قول جمهور المفسِّرين، وقال بعض السَّلف، كمجاهد والحسن وعكرمة وقتادة، أنَّها مدنيَّةٌ، وهو ما رجَّحه بعض المُعاصرين من المُفسِّرين، كالطاهر بن عاشور، وبناءً على القول بأنَّها مكيَّةٌ فهي السُّورة الخامسة عشرة في ترتيب نزول السُّور على النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، حيث نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التَّكاثر، وهي السُّورة رقم مئة وثمانية في ترتيب المُصحف الشَّريف، وعدد آياتها ثلاث آياتٍ، وتُعتَبر أقصر سورةٍ في القرآن الكريم لا من حيث عددُ آياتها؛ لأنَّ سورتيّ العصر والنَّصر كذلك آياتهما ثلاثة، لكنَّ سورة الكوثر اعتُبرت الأقصر من حيث عددُ كلماتها وحروفها.