وسط مخاوف من أزمة غذاء قد تضرب القارة الأفريقية جراء قرار روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، تأتي القمة الروسية الأفريقية، حيث تسعى موسكو للخروج من العزلة الغربية المفروضة عليها بإيجاد شراكات جديدة مع دول القارة السمراء.

القمة الروسية الأفريقية

ويستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتبارا من الخميس عددا من قادة الدول الإفريقية في مدينة سان بطرسبرج، حيث تسعى بلاده إلى تقوية علاقاتها بدول القارة السمراء ودعمها اقتصاديا، ومساندتها لتجاوز أزماتها في ظل حالة التجاذب والاستقطاب التي يشهدها العالم.

وتتسارع روسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين وعدة دول أوروبية للتقرب من الدول الأفريقية؛ للاستفادة من المقدرات الطبيعية الكبيرة التي تحظى بها، إضافة إلى القوى البشرية الهائلة لدى شعوبها، ولكن هل يستطيع هذا التقارب مساعدة دول القارة؛ لتجاوز أزماتها المزمنة؟.

وتجمع روسيا وأفريقيا علاقات سياسية واقتصادية، وتتمتع بجذور قوية وعميقة، وقد تميزت هذه العلاقات في جميع الأوقات بسمات الاستقرار والثقة، فيما قال الرئيس بوتين، إنه يتطلع إلى الاجتماع مع القادة الأفارقة في سانت بطرسبرج في القمة الروسية الأفريقية المقبلة، حيث يتم اعتماد خطة عمل حتى عام 2026.

وحول هذا الأمر، كتب بوتين مقالا بعنوان "روسيا وأفريقيا: توحيد الجهود من أجل السلام والتقدم والمستقبل الناجح" نشره الكرملين الإثنين، قائلا: "أود أن أكرر أننا نولي أهمية كبيرة للقمة الروسية - الأفريقية الثانية".

وأضاف: "نتوقع أن تعتمد القمة إعلانًا شاملاً، وعددًا من البيانات المشتركة وتوافق على خطة عمل منتدى الشراكة الروسية الأفريقية حتى عام 2026".

وقال الرئيس الروسي إنه من المتوقع أن يتم تبني مجموعة من الاتفاقيات والمذكرات الحكومية الدولية والمشتركة بين الوكالات مع الدول الأفريقية الفردية، وكذلك الاتحادات الإقليمية في القمة الروسية الأفريقية.

وكتب بوتين، "إنني أتطلع إلى الترحيب بالقادة الأفارقة في سانت بطرسبرج وأقف ملتزماً بإجراء حوار بناء مثمر، وأعتقد اعتقاداً راسخاً أن القرارات المعتمدة في القمة والمنتدى، إلى جانب العمل المشترك المتنوع المستمر، ستسهم في زيادة تطوير الشراكة الاستراتيجية الروسية الأفريقية لصالح بلداننا وشعوبنا".

ويبحث قادة وزعماء الدول الإفريقية مع روسيا في القمة الروسية الأفريقية، التي تعقد بعد غد / الخميس / تحت عنوان " روسيا وإفريقيا : توحيد الجهود من أجل السلام والتقدم والمستقبل " في مدينة سانت بطرسبرج، تعزيز التعاون الروسي – الأفريقي الشامل وملفات القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

أما عن الأجندة السياسية للقمة، فإنه من المتوقع مناقشة تشكيل عالم متعدد الأقطاب، وإنشاء بنية عادلة للعلاقات الدولية، ودخول أعضاء جدد إلى البريكس وتطوير العلاقات الاقتصادية.

الأجندة السياسية للقمة

وسيوقع المشاركون إعلانا سياسيا يعكس وجهات نظرهم المشتركة حول تطوير التعاون الدولي في الظروف الجديدة، وخلال القمة، يلتقي قادة بعثة السلام الأفريقية ، التي تتكون من سبع دول ، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وينوي ممثلو الدول مناقشة إحلال السلام على أراضي أوكرانيا.

ويشارك بالقمة أكثر من 40 رئيس دولة إفريقية إلى جانب آلاف الحضور، وتعد الأولى من نوعها من حيث مستوى الحدث في العلاقات الروسية الأفريقية، مشيرا إلى سعي موسكو لزيادة حجم التبادل التجاري مع القارة السمراء نظرا لما تحمله من أهمية متزايدة في العلاقات الروسية الأفريقية.

ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي بسام البني، إن القمة الروسية الأفريقية تعد قمة مهمة وتاريخية، في ظل الظروف القائمة اليوم في العالم والصراع الشرقي الغربي، ومن خلال هذه القمة سيتم تعزيز العلاقات الروسية الافريقية التاريخية، وسيتم التنويه إلى أن روسيا ملتزمة بكل ما تعهدت به بشأن الحبوب والغذاء، وليست مسئولة عن ارتفاع أسعار الحبوب في العالم.

وأضاف البني- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن اهتمام روسيا بإفريقيا اهتمام تاريخي، وبوتين لم يذهب لجنوب إفريقيا حتى لا يسبب لها إحراجا تجاه الدول المعنية بمحكمة العدل الدولية، مع أنه بإمكانه الذهاب إلى هناك، وأوضح أنه في ظل العقوبات التي فرضت على روسيا غير المحقة والعادلة، تبحث روسيا عن بدائل، وأول تلك البدائل هو إفريقيا، حيث إنها قارة غنية بالموارد الطبيعية والبشرية، وهناك أيضا مساحة جيوسياسة وجيواستراتيجية.

وأشار البني، إلى أن أفريقيا تدخلت في حل الأزمة الاوكرانية الروسية بشكل معتدل، ولكن من رفض التدخل هنا هو أوكرانيا، وسيتم طرح حلول جذرية لإنهاء تلك الأزمة خلال القمة الأفريقية الروسية.

وتابع: "روسيا تهتم بعودة سوريا إلى حضن الوطن العربي، لتخفيف معاناة الشعب السوري، والشعب المصري يقف بجانب الشعب السوري بشكل جيد جدا، ويتم معاملة السوريين في مصر كأنهم مصريون، أما عن العلاقات السياسية، فهي علاقات طيبة وجيدة بين مصر وسوريا، حيث إن مصر من أكبر الدول العربية وأهمها، كما أن روسيا تهتم بتطوير العلاقات بينها وبين مصر".

والجدير بالذكر، أن القمة الروسية الإفريقيةستبدأ أعمالهافي بطرسبورج في الـ26 وحتى الـ29 من يوليو الجاري.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في وقت سابق، أنه يجرى في إطار التحضير للقمة المقبلة إعداد بيان موسع سيرسممسارات التعاون بين روسيا والدول الإفريقية لعدة سنوات.

وما يقرب من 43 رئيس دولة أفريقية حضر القمة الروسية الأفريقية لعام 2019، حيث كان لديهم آمال كبيرة في أن تبرز روسيا كمصدر جديد للاستثمار والتجارة للقارة السمراء، بعد ان تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمضاعفة التجارة الروسية مع أفريقيا، في غضون خمس سنوات إلى 40 مليار دولار.