يظل يوم عاشوراء واحداً من أيام العام التي يغفل البعض فضلها، وإن سن النبي صلى الله عليه وسلم لأمته صيامه احتفاءً بأخيه موسى، إلا أن ما لا يعلمه الكثيرون أن يوم عاشوراء ليس يوماً يكفر الله به ذنوب عام فقط لمن صامه، بل إنه يوم وليلة يستجاب فيها الدعاء وبها من البشريات الكثير.
وفي التقرير التالي نرصد ما ثبت في فضل ليلة عاشوراء ويومها حسبما ورد في السنة وأقوال الصالحين.
فضل ليلة عاشوراء
يحتفي المسلمون يوم الجمعة المقبلة بيوم عاشوراء 2023، حيث يسن للمسلم صيامه وصيام يوم تاسوعاء الموافق الخميس المقبل، أو صيام السبت التالي ليوم عاشوراء من الأسبوع المقبل، ومع الاستعداد لصيام يوم عاشوراء اعلم أن في قيام ليلته بشرى عظيمة، حيث قال خالد بن معدان : «خمس ليال في السنة من واظب عليهن رجاء ثوابهن وتصديقا بوعدهن أدخله الله الجنة : أول ليلة من رجب يقوم ليلها ويصوم نهارها، وليلة الفطر يقوم ليلها ويفطر نهارها ، وليلة الأضحى يقوم ليلها ويفطر نهارها ، وليلة عاشوراء يقوم ليلها ويصوم نهارها ، وليلة النصف من شعبان» .
وقد ظل عاشوراء فرضًا على المسلمين إلى أن أنزل الله سبحانه وتعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} حتى قال {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فأصبح هذا ناسخًا لهذا وظل صوم يوم عاشوراء سنة إلى يوم الدين .
بحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء فإنه حينما دخل النبى صلى الله عليه وآله وسلم المدينة من غزوة فوجد اليهود تصوم يوم عاشوراء وسأل ما هذا؟ قالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى قال: (نحن أولى بموسى منهم) فصامه وأمر بصيامه، وصادف يوم عاشوراء العاشر من محرم العاشر من شهرهم تشري (تشرين)، ولايزال اليهود يصومون إلى الأن العاشر من تشري.
وظائف يوم عاشوراء
وفي وظائف يوم عاشوراء وليلته يقول:"هناك سبعة أمور منها: الصيام، التوسعة على الأهل، الذكر، الدعاء، قراءة القرآن أو الاستماع له، فعل الخيرات والصدقات، واجتماع الأسرة".
حيث يقول: من وظائف يوم عاشوراء : الصيام لِمَنْ يستطيع، وإن كنت غير قادر على الصيام ، ووسعت على الأسرة، فأنت بذلك قد قمت بسنة التوسعة، وعلى ذلك توسع عليَّ السنة كلها. وسئل ﷺ عن صوم يوم عرفة، فقال: يكفر السنة الماضية، والباقية. قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفر السنة الماضية» [رواه مسلم]، والذكر، والدعاء ، وقراءة القرآن أو الاستماع له ، وفعل الخير والصدقات، ومن أهم هذه الوظائف: اجتماع الأسرة ، واجعلوها فرصة للقاء العائلة.
وكان شيخنا الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى رحمه الله تعالى، عندما يُسْئَل عن كيف نحتفل بعاشورا، ونحتفل بالمولد النبوي، ونحتفل ببداية السنة الهجرية، ونحتفل ... فكان يقول: نحن في عصر انشغل الناس فيه، فمثل هذه الومضات، تجعل الحياة تضيء، فتجعل بينك وبين الإسلام علاقة، في الثقافة. فهذه المناسبات تجعل الناس تحيا في ظلال الإسلام . هُوِية الإسلام .
فَهْم مشايخنا رحمهم الله تعالى أننا يجب أن نهتم بالمناسبات التي تجعلنا مرتبطين بِالْهُوِية، وأن نقوم بها كما فعلها رسول الله ﷺ ، وأن نراعي تغير الزمان والمكان، وأن نستحضر، ونحيي الوظائف في هذه الأيام، فنخرج بفوائدها، وهناك أسرار كثيرة لا نعرفها، ولكن إذا ما نحن اتبعنا الشريعة، وصلينا في مواقيتنا، وصليناها كما قال سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام ، سنتعرض لنفحات كثيرة، من أهمها : الهدوء النفسي، الطمأنينة، السعادة، الرضا والتسليم، الأمل، والهمة.
صوموا يوم عاشوراء، وَمَنْ لم يستطع أن يصم، فعليه بالذكر، والدعاء، والقرآن، قراءةً أو استماعًا، ووسعوا على عيالكم، واجتمعوا حول مائدة واحدة، حتى نصل الرحم، وحتى نطبق بركة سيدنا رسول الله ﷺ.
ومن دعاء ليلة عاشوراء: «اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت. اللهم افتح علينا خزائن رحمتك. اللهم علمنا الأدب معك. اللهم افتح علينا فتوحَ العارفين بك. اللهم يا أرحم الراحمين اسلك بنا طريقك».