الهند من أكبر الدول المصدرة للأرز في العالم، حيث تشكل صادراتها من هذا المحصول 20 في المائة من إجمالي التجارة العالمية، ولكن في الآونة الأخيرة، بدأت الحكومة الهندية تناقش خطة لحظر تصدير جميع أنواع الأرز غير البسمتي، وهو ما يشمل معظم أنواع الأرز الأبيض.
أسباب حظر تصدير الأرز
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن الحكومة الهندية تدرس حظر تصدير معظم أنواع الأرز لعدة أسباب رئيسية، منها:
التضخم: تشهد الهند ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية، مثل الزيت والبقوليات والخضروات، بسبب عوامل مختلفة، مثل زيادة التكاليف وانخفاض المحصول وارتفاع الطلب. وتخشى الحكومة أن يؤدي ذلك إلى رفض شعبي قبيل إجراء انتخابات في عدة ولايات. لذلك، تسعى إلى خفض أسعار الأرز في السوق المحلية عن طريق حظر التصدير وزيادة المخزون.
ظاهرة النينو: أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في نوفمبر الماضي عودة ظاهرة الطقس المضطرب المخيفة، المعروفة باسم “ظاهرة النينو”، والتي تحدث بشكل طبيعي كل بضع سنوات. وتؤثر هذه الظاهرة على درجات حرارة سطح المحيطات في منطقة المحيط الهادئ، مما يؤدي إلى تغيرات في نمط هطول الأمطار والرياح في جميع أنحاء العالم.
وتزيد هذه التغيرات من خطر حدوث جفاف وفيضانات في بعض المناطق، مثل آسيا. وتخشى الهند أن تؤثر ظاهرة النينو على إنتاجية محصول الأرز، خاصة في منطقتي شمال شرق وجنوب غرب، التي تشكل نحو 60 في المائة من إجمالي إنتاج الأرز في البلاد.
الأمن الغذائي: تواجه الهند تحديات اقتصادية واجتماعية، مثل نقص اليد العاملة وارتفاع متوسط الأعمار وانخفاض معدلات الخصوبة. وتحتاج الهند إلى ضمان توافر الغذاء لسكانها البالغ عددهم نحو 1.4 مليار نسمة، والذين يستهلكون نحو 100 مليون طن من الأرز سنويًا. ويعد الأرز غذاءً أساسيًا لنحو نصف سكان العالم، حيث تستهلك آسيا نحو 90 في المائة من الإمدادات العالمية. وتريد الهند تأمين احتياجاتها من الأرز قبل تلبية احتياجات الدول الأخرى.
آثار حظر تصدير الأرز
إذا ما قررت الهند حظر تصدير معظم أنواع الأرز، فإن ذلك سيكون له آثار محتملة على السوق العالمية والمستهلكين، منها:
ارتفاع أسعار الأرز: إذا خفضت الهند صادراتها من الأرز، فإن ذلك سيؤدي إلى نقص في المعروض على المستوى العالمي، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأرز في الأسواق. وقد يؤثر هذا على قدرة المستهلكين في بعض الدول على شراء هذه المادة الغذائية.
تضرر المستوردين والمستهلكين في دول أخرى، خاصة في آسيا وأفريقيا، التي تعتمد على الأرز كغذاء أساسي. وخسارة حصة الهند من سوق التصدير وتقليل دخل المزارعين والتجار الهنود.
احتمالية حدوث ردود فعل سلبية من دول شريكة أو منظمات دولية، مثل اتهامات بالحمائية أو انتهاكات للاتفاقات التجارية.
معاناة أفريقيا
بعد قرار الهند بحظر تصدير الأرز الأبيض (غير البسمتي) على نحو فوري بعد ارتفاع سعره بنسبة 3% في الأسواق المحلية خلال الشهر الماضي، وفي ظل توقعات بتراجع المحصول. تأثرت الدول الإفريقية علي نحو كبير، حيث تمثّل إفريقيا 23 في المئة من واردات الأرز العالمية لنحو 13 في المئة من سكان العالم، وفقاً لـ"أفريكا رايس" وهو مركز أبحاث في أبيدجان يضم 28 دولة.
ويشير المركز إلى أن "إنتاج الأرز المحلّي لا يغطّي سوى 60 في المئة من الطلب الحالي في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى"، لذا، فقد أدى قرار الهند الحدّ من صادراتها حالة من الذعر في العديد من البلدان الإفريقية حيث يعتبر الأرز سلعة أساسية.
وفي جزر القمر، تسبّب ارتفاع سعر الأرز في اشتباكات في نهاية سبتمبر. أما في ليبيريا، تشكّلت طوابير أمام محال تجّار الجملة وسط شائعات عن شحّ في هذه المادة.
ويقول ضيوف إن تهديد (الشح) حقيقي في السنغال" عندما تقول الهند إنها لن تصدّر هذه المادة بعد الآن. وشهدت البلاد في العام 2008 "أعمال شغب بسبب الغذاء" في ظل الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية الأساسية.