تعتبر "مجموعة البريكس" واحدة من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، وتتصارع الدول للانضمام لها لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.
أعضاء بريكس
وأصبحت مجموعة بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم نظرا لأرقام النمو التي باتت تحققها دول هذا التكتل مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام عديد من الدول الأخرى، التي ما فتئت ترغب في الانضمام إلى التكتل.
ويمثل التجمع نحو 30% من حجم الاقتصاد العالمي، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وتنتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب في العالم.
أعلن سفير جنوب إفريقيا لدى مجموعة "بريكس"، أنيل سوكلال، أن المنظمة في عملية التوسع يمكن أن توحد أكثر من 50 دولة.
وأكد أن العديد من الدول تريد الانضمام إلى "البريكس"، بما في ذلك مصر والإمارات وإندونيسيا والأرجنتين.
وشدد على أن "بريكس تمثل عالم المستقبل، وتأثير الجنوب العالمي آخذ في الازدياد، يجب أن يُنظر إلى "بريكس" على أنها حافز للتغيير نحو الأفضل في العالم".
وأشار إلى أن المجموعة جذابة نظرا لقوتها الاقتصادية والجيوسياسية، فضلا عن إمكاناتها المالية.
وتعمل "مجموعة البريكس "على تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات الاقتصادية والسياسية والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون الاقتصادي بين الدول وهو من شأنه أن يسهم في خلق نظام اقتصادي عالمي ثنائي القطبية، عبر كسر هيمنة الغرب بزعامة أميركا بحلول عام 2050.
ومن بين الأهداف الرئيسية الأخرى للمجموعة رغبة القوى الناشئة في تعزيز مكانتها على مستوى العالم من خلال التعاون النشط فيما بينها، وذلك من خلال:
- السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي شامل بهدف القضاء على الفقر ومعالجة البطالة وتعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
- توحيد الجهود لضمان تحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات.
- السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع البلدان غير الأعضاء في مجموعة بريكس.
- تعزيز الأمن والسلام من أجل نمو اقتصادي واستقرار سياسي.
- الالتزام بإصلاح المؤسسات المالية الدولية، حتى يكون للاقتصادات الناشئة والنامية صوت أكبر من أجل تمثيل أفضل لها داخل المؤسسات المالية.
- لعمل مع المجتمع الدولي للحفاظ على استقرار النظم التجارية متعددة الأطراف وتحسين التجارة الدولية وبيئة الاستثمار.
- السعي إلى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالتنمية المستدامة، وكذا الاتفاقات البيئية متعددة الأطراف.
- التنسيق والتعاون بين دول المجموعة في مجال ترشيد استخدام الطاقة من أجل مكافحة التغيرات المناخية.
- تقديم المساعدة الإنسانية والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، وهذا يشمل معالجة قضايا مثل الأمن الغذائي العالمي.
- التعاون بين دول بريكس في العلوم والتعليم والمشاركة في البحوث الأساسية والتطور التكنولوجي المتقدم.
عملة موحدة
وبعد الحرب الأوكرانية وما رافقها من إعادة تشكيل نظام عالمي جديد، ازداد الاهتمام بتكتل بريكس من طرف العديد من الدول، خاصة في ظل الاتجاه نحو تكتلات جيوسياسية واقتصادية جديدة، وأيضا بحث روسيا عن شركاء داعمين لها في وجه العقوبات الاقتصادية الغربية.
ومارس الماضي، أكدت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور زيادة اهتمام عديد من دول العالم بالانضمام إلى مجموعة بريكس، مشيرة إلى أن 12 دولة أبدت رغبتها في الانضمام إلى المجموعة، من بينها السعودية والإمارات ومصر والجزائر وإيران والأرجنتين والمكسيك ونيجيريا وغيرها.
انضمت الإمارات العربية المتحدة وبنغلاديش وأوروغواي رسميا إلى "بنك التنمية الجديد" التابع للمجموعة أواخر عام 2021.
تسعى دول مجموعة بريكس إلى إطلاق عملة موحدة بينها تنهي بها هيمنة الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي، إذ أعلن ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يونيو 2022، مشددا على أن مجموعة بريكس تعمل على تطوير عملة احتياطية جديدة على أساس سلة العملات للدول الأعضاء.
هذا الأمر أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يناير2023، حينما قال إن مسألة إصدار عملة موحدة لدول مجموعة بريكس ستناقش في القمة المقرر عقدها في جنوب أفريقيا نهاية أغسطس 2023.
وأضاف لافروف، خلال مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الأنغولية لواندا، عقب الزيارة والمباحثات التي أجراها مع الرئيس جواو لورنسو في أنغولا، حيث قال "هذا هو الاتجاه الذي تسير فيه المبادرات، التي ظهرت قبل أيام فقط، بخصوص الحاجة إلى التفكير في إنشاء عملات خاصة داخل مجموعة دول بريكس، وداخل مجتمع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي".
من جانبه، قال رئيس مجلس الدوما الروسي ألكسندر باباكوف، خلال حديثه على هامش منتدى الأعمال الهندي الروسي في نيودلهي مطلع أبريل 2023، إن "مجموعة دول بريكس تخطط لإصدار عملة موحدة للتداول فيما بينها لكسر هيمنة الدولار باعتباره الوسيط الرئيس للتجارة والتسويات الدولية".
ولم تحسم بعد دول بريكس شكل العملة الجديدة، وتأتي العملات الرقمية ضمن الأفكار المطروحة لهذه العملة التي ستُنشأ على أساس استراتيجي، لا على أساس الدولار أو اليورو، وتأمينها سيكون بالاعتماد على الذهب والمعادن النفيسة، حسب ما صرح به باباكوف.
وتسابق دول بريكس الزمن خاصة روسيا التي تخوض حربا ضد أوكرانيا وحلفائها الغربيين، وأخرى اقتصادية ضد العالم الغربي لإصدار هذه العملة الموحدة، بالنظر للعقوبات القاسية المفروضة عليها من طرف الولايات المتحدة وعديد من الدول الأوروبية.
وتسعى هذه الخطوة إلى كسر هيمنة الدولار الأميركي وإنهاء تحكمه في الاقتصاد العالمي، وفي الوقت نفسه ترى دول بريكس في الأزمة الروسية الأوكرانية فرصة مواتية لإصدار هذه العملة والاستفادة من التذمر المتزايد من السياسات الأميركية.
أفريقيا وبريكس
وكانت أعلنت الشهر الماضي، جنوب أفريقيا، إنها ستستضيف قمة دول "بريكس" في أغسطس كما هو مزمع.
واجتمع بوتين، مع رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامابوسا، في 17 يونيو الماضي بروسيا، والتي تعتبر الحليف التاريخي القوي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في جنوب أفريقيا منذ عقود.
وقالت وزارة العلاقات الدولية والتعاون في بيان، "تستضيف جنوب أفريقيا قمة "بريكس" الخامسة عشرة في مركز ساندتون للمؤتمرات في جوهانسبرج، بين يومي 22 و24 أغسطس 2023".
وأكد فنسنت ماجوينيا، المتحدث باسم الرئاسة، لرويترز في رسالة نصية، أن هذا يعني أن القمة بأكملها، بما في ذلك الجزء الرئيسي الذي يشارك فيه رؤساء دول "بريكس"، ستعقد في جنوب أفريقيا.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي توفيق حميد، إن مجموعة بريكس هي تحول كبير يجري في بنية النظام العالمي، وهي مجموعة اقتصادية أو ومالية بالأساس لكن هذا لا يمنع أنها سوف يكون لها انعكاسات كبيرة، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح حميد ـ في تصريحات له، أن رغبة بريكس هي التخلص من الهيمنة الأمريكية في كل شيء تقريبا، حتى في التفاوض والمجالات السياسية، في اعتقادي يسبب درجة من الهلع داخل الأنظمة الأمريكية.
وأضاف أنه لو استمر الوضع في اتجاه التخلص من الهيمنة الأمريكية، سيصبح تأثيره سلبي بدرجة مخيفة على قدرة الولايات المتحدة الاقتصادية والسياسية، ثم بعد ذلك أي أمور أخرى تأتي.
ولفت إلى أن مجموعة البريكس باختصار تسحب بساط القوة كلها من تحت أقدام أمريكا، فاليوم أمريكا كانت متحكمة كقوى عظمى أو قوى وحيدة في العالم، وفي أمور كثيرة دون منافس، اليوم مع وجود المنافس سيسمح لدول كثيرة أن يكون لديها عملية اختيار الذهاب في الجانب الأمريكي أو الجانب الآخر.
وذكر أن الولايات المتحدة معرضة لضغوط ضخمة، فهي مدينة بنحو 32 تريليون دولار، وهي مرعوبة من هذا الدين، لأن الدول إذا بدأت تتجه للتجارة بعملة أخرى غير الدولار لين يتمكن الأمريكيون من شراء السلع بنفس الأسعار الرخيصة التي يشترون بها الآن، ولذا نجد في كل تصريحاتهم تقريبا نوعا من الخوف ومحاولة لإنكار هذا التحول العالمي.
والجدير بالذكر، منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية نأت دول مجموعة بريكس بنفسها عن الغرب حيث لم تشارك الهند أو البرازيل أو جنوب أفريقيا أو الصين في تطبيق العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ضد روسيا.
ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل ارتفعت مستويات التجارة إلى معدلات غير مسبوقة بين روسيا ودول البريكس خاصة وعلى رأسها الهند والصين.