استضافت مصر اليوم الخميس، مؤتمر قمة دول جوار السودان، وذلك في ظل الأزمة التي يمر بها السودان منذ منتصف أبريل 2023، حيث يشهد اشتباكات بين الجيش الوطني بقيادة عبدالفتاح البرهان وميليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وقف التصعيد في السودان
وأدى الصراع الدائر بالبلاد إلى مقتل أكثر من 2800 شخص، ونزوح أكثر من 2.8 مليون شخص، لجأ من بينهم أكثر من 600 ألف إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
وألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي البيان الختامي لقمة دول جوار السودان، التى دعا إليها الرئيس السيسي، وشارك فيها رؤساء دول وحكومات جمهورية أفريقيا الوسطي، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية، لبحث كيفية معالجة الأزمة السودانية.
وأكد الرئيس السيسي، أنه تم الاتفاق بين أعضاء دول الجوار السوداني، على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية للسودان المقدمة من دول الجوار، بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات، لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجا داخل الأراضي السودانية.
وأضاف السيسي خلال إلقائه النص الختامي، للبيان الجلسة الختامية لمؤتمر قمة دول الجوار السوداني، أنه سيتم دعوة مختلف الأطراف السودانية، لتوفير الحماية اللازمة لأعضاء الإغاثة للقيام بعمله، وذلك وفقًا للبند السادس في البيان.
وأشار رئيس الجمهورية، إلى أن البند السادس، ينص على تأكيد أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائم، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، يهدف عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني، في الأمن والرخاء.
وأكد الرئيس السيسي خلال إلقاء البيان الختامي، أن البند الأول في البيان ينص على الإعراب عن القلق العميق إزاء العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة، على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الحرب، وتجنب إيذاء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات.
وأشار رئيس الجمهورية، إلى أن البند الثاني ينص على تأكيد الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية والتعامل مع النزاع القائم على أنه شأن داخلي، والتشديد على عدم تدخل أي أطراف خارجية مما يعيق احتوائها ويطيل من أمدها.
توافق المشاركين في الرؤى
وتوافق المشاركون على الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات.
وقال آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، إن السودان يشهد نزاعًا سياسيًا عنيفًا، أدى لخسارة مئات الأرواح والدمار والكثير من النزوح، لافتًا إلى أن النزاع كان نتيجة لغياب منصات الحوار.
وأضاف أحمد، في كلمته بقمة دول جوار السودان، التي عقدت اليوم الخميس بالقاهرة، أنه لا يجب أن تترك الأمور تتدهور في السودان، ولا بد من احتواء النزاع بشكل أو بآخر، مشيرا إلى أن منطقة القرن الإفريقي وغيرها ستعاني، لو استمرت أطراف النزاع في تجنب الحل لتلك الأزمة، مشددًا على أهمية حل الأزمة عن طريق التضامن والوحدة.
وأوضح أنه لا بد أن نتخطى التحديات التي نواجهها في بلادنا، ونشارك الدروس المستفادة ونساعد في عدم إطالة الأزمة، لذلك تدعو إثيوبيا إلى وقف لإطلاق النار بشكل فوري ومستدام، وإجراء حوار يساهم في استقرار السودان.
وقال الرئيس الانتقالي لتشاد محمد ديبي، إن تبعات الصراع في السودان انعكست على بلاده، مشيرًا إلى أن موجة اللجوء السودانية شكلت عبئًا ثقيلًا على موارد إنجامينا.
وكشف ديبي خلال كلمته في افتتاح قمة دول جوار السودان، التي عقدت بالقاهرة اليوم الخميس، أن الصراع في السودان أضحى مصدر قلق لبلاده والدول الإفريقية كافة التي لا تزال تعاني جراء الأزمة الدائرة.
ووصف قمة جوار السودان بالضرورية لإنهاء الصراع في السودان، مشددًا على ضرورة مواجهة نقص الغذاء والمعدات الطبية ووضع اللاجئين المأساوي بسبب الأزمة.
وأعرب رئيس تشاد، عن دعم بلاده لكافة المبادرات الساعية لحل الأزمة السودانية، داعيًا إلى تشكيل آلية موسعة لحل النزاع الدائر.
بذل الجهود لاحتواء الموقف
وطالب ديبي ببذل الجهود لحل الأزمة السودانية، دون الوقوع في فخ التدخلات الخارجية، وحث رئيس تشاد الوكالات الإنسانية على تقديم الدعم للاجئين من السودان.
كما قال محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إن الصراع في السودان خلف آثارًا سلبية، أمنية واقتصادية، على دول الجوار، معلنا استعداد بلاده للمساهمة في إيقاف الحرب بالسودان، داعيًا إلى توحيد الفرقاء السودانيين لإنهاء الصراع، وضرورة إحلال السلام في السودان وعدم المساس بوحدته.
وأوضح أنه يجب وقف جميع أنواع المواجهات المسلحة في السودان، لافتا إلى أن هذه القمة فرصة لاستعادة استقرار وأمن السودان، بعد أن أصابه دمار كبير في البنية التحتية جراء الصراع الدائر هناك.
وأكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي ضرورة توحيد المبادرات، وفق أسس تصب في مصلحة السودان، وتشكيل لجنة اتصال إقليمية ودولية لحل أزمة السودان.
وصف فاوستين تواديرا رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، الصراع في السودان بالحرج، والذي يعوق التنمية الاقتصادية في الدول الإفريقية، داعيًا إلى احترام سيادة السودان وسلامة أراضيه.
وأضاف تواديرا خلال كلمته، أن الأزمة السودانية خلفت موقفًا مأساويًا ونقصًا في الغذاء والمحروقات وأسفرت عن تزايد التجارة غير المشروعة في الأسلحة الخفيفة.
وشدد على أن إنهاء الصراع المسلح في السودان يمثل أولوية للدول الإفريقية، منوهًا إلى أن الصراع يشكل تهديدًا وتحديًا لاستقرار الدول المجاورة، معربا عن قلق بلاده بشأن الموقف الحالي في السودان، وتمسكه برفض التدخلات الخارجية في السودان.
إعطاء فرصة لحوار السلام
ودعا رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، الأشقاء في السودان إلى إعطاء فرصة للحوار من أجل السلام، لافتًا إلى أن عملية النزوح واللجوء بالسودان أثرت على الحالة الأمنية، حيث إن بلاده استضافت 14 ألف لاجئ سوداني منذ بدء الصراع وتدفقهم مازال يتواصل.
كذلك قال سلفا كير ميارديت، رئيس جمهورية جنوب السودان، إن الأولوية بالنسبة لبلاده هي إيجاد حلول إفريقية لمشاكل القارة، ونجتمع اليوم كدول جوار السودان لمناقشة سبل إنهاء الأزمة هناك.
وأضاف ميارديت، في كلمته بأنه يجب الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل مستدام في السودان، لأن الحرب لها تداعيات أمنية واقتصادية سلبية على دول الجوار، مطالبًا أطراف الصراع في السودان بوقف إطلاق النار فورًا.
وأشار إلى أن هذه القمة تأتي في وقت حرج وحساس، ويجب ألا يتم تجاهل الشعب السوداني في محاولات إيجاد حل للنزاع، مضيفًا أن القمة تعطي فرصة للحوار بشأن الموقف بالسودان، فضلا عن أنها ضرورية لإيجاد حل سلمي للصراع في السودان.
وأكد رئيس جنوب السودان ضرورة توسيع مبادرة "إيجاد" لتضمين ممثلين عن الشعب السوداني، داعيًا المجتمع الدولي للاستجابة لأزمة اللاجئين من السودان، وعلى المجتمع الدولي إتاحة الموارد لدعم لاجئي السودان، متوجها بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي على تنظيم قمة دول جوار السودان لحل الأزمة وحقن دماء السودانيين.
كما قال الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، إن قمة دول جوار السودان المنعقد في القاهرة فرصة جيدة للعمل الجماعي بين دول جوار السودان لدعم الشعب السوداني.
وأكد أفورقي، خلال كلمته في قمة دول جوار السودان المنعقدة بالقاهرة اليوم الخميس، رفض بلاده أي تدخلات خارجية تعقّد الأزمة في السودان، ويجب أن تكون هناك آلية واضحة لحل الأزمة، مشيرا إلى أنه لا مبرر لاستمرار الحرب في السودان، ويجب منح الشعب السوداني الفرصة لإنهاء الحرب وتحديد مستقبله، مطالبًا دول الجوار السوداني بضرورة توفير المناخ المناسب لإنهاء الحرب.
إطلاق مبادرة في السودان
أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع انهيارها ومساعدتها قدر الإمكان على الاستمرار في أداء مهامها بشكل طبيعي، وتجاوز الصعوبات التي تواجهها.
وأضاف "أبو الغيط"، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "قمة دول جوار السودان"، بالقاهرة، اليوم الخميس، أن الجامعة العربية تعارض أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي السوداني، والتضامن الكامل مع السودان في صون سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، ودعم مسار جدة الساعي إلى تحقيق شروط وقف إطلاق نار شامل ومستدام وفوري يسمح باستئناف العملية الانتقالية.
وأشار إلى أهمية دور دول الجوار التي تواجه الأعباء الإنسانية الأمنية الكبيرة للأزمة، ودعم مسار سياسي سوداني شامل لكل الأطياف السودانية، يحقق تطلعات الشعب السوداني في السلام والأمن والتنمية، ويؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية قادرة على تحقيق التوافقات المطلوبة؛ لمعالجة القضايا الأساسية وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وإصلاح قطاع الأمن.
وقال إن الجامعة العربية تحرص في جميع جهودها تجاه الأزمة في السودان على التنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وأيضًا المنظمات الإنسانية ذات الصلة؛ لما يمثله الوضع من تحدٍ كبيرٍ للسلم والأمن في هذا البلد العربي الإفريقي المهم.
وتوجه أبو الغيط بالشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على عقد هذا الاجتماع المهم والأول من نوعه لدول جوار السودان؛ لبحث سبل إنهاء الأزمة الحالية وتداعياتها السلبية وغير المسبوقة على مستقبل السودان وأمن واستقرار جواره.
كما أكد اهتمام مجلس الجامعة منذ اندلاع الأزمة ببحث سبل استعادة السلم والاستقرار في السودان، كإحدى أهم أولويات الجامعة العربية، وكررت اجتماعات مجلس الجامعة المنعقدة بشأن السودان بما في ذلك اجتماعات القمة العربية الأخيرة في جدة مطالباتها بضرورة وقف جميع الاشتباكات المسلحة؛ حقنًا للدماء وحفاظًا على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني ووحدة أراضيه وسيادته.
وطالب الأمين العام للجامعة العربية بتعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة للوضع في السودان، وتكثيف الجهود العربية والإقليمية والدولية للحيلولة دون تدهور الأمن الغذائي المتردي أصلًا - في السودان وآثاره السلبية على عدد من دول جواره.
وأوضح أنه في هذا الشأن الجامعة العربية قد أطلقت مبادرة عاجلة لإنقاذ الموسم الزراعي السوداني، ويجرى حاليًا بحث خطوات تنفيذها مع الجانب السوداني وكافة الجهات المعنية والمنظمات الشريكة، ويجب التزام جامعة الدول العربية بالاستمرار في بذل كافة الجهود التي من شأنها تعزيز الجهود العربية وأيضًا الإفريقية؛ لحل الأزمة حقنًا لدماء السودانيين وإنقاذًا لمستقبل السودان.