عقد الجامع الأزهر أمس، الثلاثاء ، حلقة جديدة من ملتقى "شبهات وردود"، والتي جاءت بعنوان "القوامة في الإسلام.. شبهات وردود"، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبمتابعة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير الجامع الأزهر.
وحاضر في الملتقى كل من الدكتور محمود خليفة، أستاذ التفسير وعلومه بكلية العلوم الإسلامية، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية وعضو لجنة الفتوى الرئيسية بالأزهر الشريف.
وأكد الدكتور محمود خليفة أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم وحواء وجعل القوامة للرجل، كما أن القوامة واردة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة وبمعان متعددة لعل أبرزها: الملازمة كما في قوله تعالى: "وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ"، كما وردت بمعنى الحفظ والرعاية كما قال تعالى "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ"، ووردت أيضا بمعنى السداد كما في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ".
وأضاف الأستاذ بجامعة الأزهر، أن علماء التفسير بيّنوا في قوله تعالى:"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ"، أن هناك صنفا من الناس ذهب إلى أن هذا الأمر إجحاف للمرأة، وأن هذه القوامة تسلط على المرأة، وصنف آخر نظر باعتدال نظرة صواب، وأن هذه القوامة قوامة حفظ ورعاية واهتمام، مبينا أن الإمام الطبري عمدة المفسرين، فسر قوله تعالى"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ" أي الرجال حافظون ومدبرون، ومن المفسرين من يرى أن القوامة معناها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما بين أن من يرون أن الإسلام ظلم المرأه نقول لهم: إن القوامه معناها الرعاية.
واختتم حديثه، بأن العلماء أجمعوا على أن القوامة ليس معناها تسلط الرجل على المرأة وإجبارها على التصرف في شيء بشكل معين، بما في ذلك عقيدة الزوجة، فلا يجوز للرجل أن يجبر زوجته الكتابية على اعتناق الإسلام، فهل بعد ذلك كلام يقال في أن القوامة تسلط أو قهر واستبداد!!
من جانبه، أوضح الدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أن الأسرة هي مؤسسة اجتماعية يكمل بعضها بعضاً، فلا يستطيع الرجل أن يكدح كدح المرأة، ولا تستطيع المرأة أن تكدح كدح الرجل، وأن الله سبحانه وتعالى خلق الرجل أقوى من المرأة يستطيع أن يقوم بما لا تقوم به المرأة، كذلك المرأة تستطيع ما لا يستطيعه الرجال من رحمة ومودة تجاه أبنائها الصغار فهي فطرة الله التي فطرها عليه.
وبين مهدي، أن الرجل عليه أن يقوم بكل ما تحمله هذا الكلمة من معنى ، فيكون راعياً لأهله متحملا لمسئوليتهم، كما كان النبي ﷺ مع أهله، فإذا قام الرجل بما يجب عليه تجاه أهله وكذلك المرأة؛ كان ذلك أدعى إلى نجاح الأسرة واستقرارها، موضحا أن من لا يقوم بحق القوامة كما ينبغي؛ فإنه يعتبر في نظر الشرع فاشلاً غير أهل لهذه الأمانة التي حمّله الله تعالى إياها.
ثم ساق نماذج من أفعال السلف الصالح تجاه الأسرة؛ الرجل بقوامته والمرأة بطاعتها لزوجتها ورعايتها لأسرتها، واسترسل فضيلته قائلا: “إن القوامة نعمة وأن الله تعالى ما جعل القوامة بيد الرجل إذلالاً للمرأة أو تقليلا من شأنها، لكن في نفس الوقت لا ينبغي أن يكون الرجل لينا ضعيفا أمام زوجته، بل ينبغي أن يكون مُهابا في بيته قائما بحق الله تعالى في رعايته لأسرته، فإذا فهم الناس المعنى الحقيقي لكلمة القوامة لن تجد شُبه المشككين سبيلا إلى قلوب الناس ونفوسهم”.
من جانبه أكد الدكتور عبد الله الحسيني، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، أن أعداء الإسلام يتربصون به على الدوام فنجدهم بين الفينة والأخرى يتخذون من بعض النصوص ذريعة للتلبيس على الناس، فنجدهم يروجون لفكرة المساواة التَّماثليَّة بين الجنسين، ويُثيرون الشُّبهات حول النُّصوص الشَّرعية فيما يتعلَّق بقضايا المرأة الاجتماعيَّة، ومن ذلك: المُطالبة بإلغاء قوامة الرَّجل على المرأة بزعم أنَّ لفظ (القوامَة) يعني: التَّسلُّط والقهر، أو تقييد حرية المرأة وسلب حقوقها ، أو القدح في عقلها، ويقولون إن القوامة من مخلفات عهد استعباد النساء الذي مضى وولى، كل ذلك إما جهلا منهم بمفهوم القوامة في الإسلام، أو محاولة منهم للنيل من الإسلام حقدا وحسدا من عند أنفسهم ،لكن الله تعالى دوما يقيض لهذا الدين من يرد عنه كيد الكائدين وحقد الحاقدين وشبه المشككين من علماء الأزهر الربانيين، ليفندوا حججهم ويفسدوا مكائدهم.