منذ أن تطأ قدم الحاج إلى بيت الله الحرام والروحانيات تتدفق داخل أروقة روحه وحالة من السكون تعم النفس لا توصفها كلمات ولا عبارات مهما خطت أقلام وامتلأت الصحف، الملفت وسط هذه الأجواء القدسية مشهد الحمام الذي يرافق زوار بيت الله الحرام وعلاقة حب ومودة نشأت منذ مئات السنين، حيث تطوف "حمامات الحرم" أرجاء مكة المكرمة، وتحلق فوق الرؤوس ليبادلوها الناس بالألفة وإطعامهم، وحين يقف الحمام بين جنبات المباني ووسط الساحات، يتعالى هديله في مشاهد جميلة عكسها لون الحمام المميز، ليتسابق المارة في تقديم الحب والذرة والماء، لينثروها في مشهد تتهاتف تلك الطيور لأخذ نصيبها من الطعام.
فحمام الحمى أو حمام الحرم، أسماء تعددت لهذا الطائر الجميل، فتجده محلقاً بجناحيه حول صحن البيت العتيق، وفي ساحات المسجد الحرام وشوارع مكة المكرمة، متزينا بريشه الرمادي المائل للزرقة أو الخضرة عند عنقه.

وتعود حرمة المساس بـ"حمام رب البيت"، إلى أنه من سلالة الحمام الذي عشش على باب غار ثور في مكة، عندما كان الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مختبئا فيه.
كما يحظى الحمام المكي بمعاملة خاصة، إذ لا يجوز للمحرم أو غير المحرم قتله، ويستوجب قتله الفدية، أي ذبح شاة، كما لا يجوز تنفيره أو تكسير بيضه بغرض طرده من المكان الذي يحط فيه.
وبحسب ما ذكر في الوثائق التاريخية أن هناك وقفا عبارة عن مزرعة في "حوطة سدير" خصص لحمام الحرم، كما أن مواطناً خصص وقفاً في مكة المكرمة يعود ريعه لحمام الحرم المكي، والهدف من هذا الوقف إطعام الحمام ليبقى على قيد الحياة".
