ورد إلى دار الإفتاء المصرية ، سؤال يقول "رجلٌ يملك بقرة، ونذر أنه إذا شفا اللهُ تعالى ابنَه المريض فسوف يذبحها لله تعالى ويوزعها على الفقراء والمحتاجين، وحين أكرمه الله بشفاء ولده وَفَّى بالنذر، فذبحها ووزعها على الفقراء والمحتاجين، لكنه أكل منها؛ فما حكم ما أكله من هذا النذر؟ وهل يجب عليه شيء؟
وأجابت دار الإفتاء ، بأنه يجب على هذا الرجل الذي أكل من النذر الذي عَيَّنَهُ للفقراء والمحتاجين أن يُخرج بدل ما أكله، ويتخير في ضمان بدله حسبما يتيسَّر له أو يكون أنفع للفقير، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا.
كما يجب الوفاء بنذر الطاعة لمَن قدر عليه، ومَن نذر شيئًا وعيَّنهُ للفقراء والمساكين فإنه يتعين لهم، ولا يجوز للناذر أن يأكل منه، فإذا أكل منه ضَمِن قدر ما أكله؛ على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في المعتمد، والشافعية، والحنابلة، وهو مخيرٌ في هذا الضمان؛ فإن شاء ضَمِن القيمة مالًا ووزعه على الفقراء؛ كما هو مذهب الحنفية، والمالكية في قول، والشافعية في أصح الأوجُه عندهم، أو ضَمِنها لحمًا؛ كما هو مذهب المالكية في المعتمد، والحنابلة، والشافعية في وجه، أو ضَمِنها طعامًا؛ كما هو قول الإمام عبد الملك بن الماجشون من المالكية، أو يشتري جزءًا من حيوانٍ مثله ويشارك في ذبحه ثم يوزعه عليهم؛ كما ذهب إليه الشافعية في وجهٍ ثالث عندهم، ويجزيه ما اختار من أيِّ صور الضمان تلك.
وبناءً على ما تقرر في المذاهب الفقهية أنَّ العامي "لَوِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اجْتِهَادُ مُجْتَهِدَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا"؛ كما قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 218، ط. المكتب الإسلامي)، و"مَتَى وَافَقَ عَمَلُ العَامِّيِّ مَذْهَبًا مِنْ مَذَاهِبِ الْمُجْتَهِدِينَ.. كَفَاهُ ذَلِكَ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا"؛ كما قال العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة).