بعد مشاهدتي مسرحية "طيب وأمير" لم يكن غريبا بالنسبة لي أن يرفع مسرح ميامي شعار "كامل العدد".
لا خلاف على أن "طيب وأمير" واحد من العروض المسرحية الجميلة، التي تذكرنا بمسرحيات وعروض الزمن الجميل، بعيدا عن الإسفاف الرخيص والإيفيهات السمجة المكررة.
المسرحية مأخوذة عن واحدة من روائع تراث نجيب الريحاني وبديع خيري "خير في سلامة"، التي سبق أن قدمت في فيلم سينمائي شهير، قام ببطولته نجيب الريحاني وحسين رياض وراقية إبراهيم، وتم عرضه في نوفمبر من عام 1937.
أجمل ما في عرض "طيب وأمير" أنه "قريب | بعيد" عن العمل الأصلي، بحيث جاء مناسبا للعصر، بمفرداته وحواراته، دون أن يبعد عن الفكرة الأصلية للعمل الأصلي.
إنها مسرحية تفصلك عن الواقع لساعات، ضحك من القلب، من خلال جرعة إضحاك مكثفة في هذا العمل الجميل الذي يعتمد في الأساس على كوميديا الموقف، بعيدا عن الإيفيهات المبتذلة التي كانت سببا في إبعاد الناس عن المسرح لفترات طويلة.
توهج أبطال العرض على خشبة المسرح، وكان لكل منهم بصمته الخاصة وإيفيهاته المميزة لشخصيته، ابتداء من هشام اسماعيل، الذي لعب دور الوظف المخلص الأمين "سعيد الطيب"، مرورا بعمرو رمزي الذي أعاد اكتشاف نفسه في دور "الأمير غندور"، وكذلك تامر فرج الذي جسد باقتدار دور "الوزير مسرور"، وأحمد السلكاوي الذي قدم دور "مدكور مشهور"، مجسدا دور الشر بخفة ظل لافتة، والجميلة نهى لطفي التي جسدت دور موظفة الفندق المؤمنة بالمساواة بين الجنسين دون أي تفرقة، والتي وقعت في غرام الأمير، وانتهاء بباقي فريق العرض، ومنهم شيماء عبدالقادر ورشا فؤاد ومحمود الهنيدي وغيرهم من نجوم فرقة المسرح الكوميدي.
لفت الأنظار في العرض خفة دم شريف حسني، الذي كان مفاجأة العمل، وواحدا من أهم نجوم الكوميديا في المسرحية، والمؤكد أن هذا الدور سيكون فارقا في حياته وأعماله المقبلة.
لعبت البطولة الجماعية في عرض "طيب وأمير" دورا مهما في نجاحه، حيث لم ينفرد أحد بدور البطولة، وشكلت الجماعية دور البطل الأهم في العرض.
ساعد في نجاح العرض أيضا السيناريو الرائع الذي صاغه أحمد الملواني ببساطة وسهولة وتألق، واستطاع أن يمسك بتفاصيل الفكرة التي سبق تقديمها أكثر من مرة، لكن بلغة عصرية وقراءة مختلفة عما سبق.
الحقيقة أنهه لا يمكن إغفال أي عنصر من عناصر العرض، بدءا من الديكور المميز لحمدي عطية، ومرورا بالإضاءة اللافتة لأبوبكر الشريف، والملابس المناسبة لأميرة صابر، وانتهاء بألحان كريم عرفة، وأشعار طارق علي.
كان من اللافت أيضا الاستعراضات المبهجة لأسامة مهنى، التي أضفت جوا من المتعة على العرض، ونافست جمال الأداء وجرعة الكوميديا في العرض.
وبالطبع لا يمكن إغفال دور المخرج محمد جبر في نجاح هذا العمل، من خلال اهتمامه بكل هذه التفاصيل المبدعة، ومجهوده الواضح مع فريق العمل، فضلا عن عمله على تناغم جميع عناصر العرض، الذي استطاع إعادة الأسرة من جديد للمسرح، من خلال واحدة من أجمل مسرحيات الموسم، إن لم تكن أجملها على الإطلاق.
أيضا الإشارة واجبة للدور الكبير الذي لعبه مدير المسرح الكوميدي ياسر الطوبجي، الذي يبدو أنه يضيف إلى موهبته التمثيلية موهبة جديدة في فن الإدارة، الأمر الذي بدا واضحا من خلال قدرته على إعادة المسرح الكوميدي بعد تجديده، لمساره الحقيقي وهويته المعروفة، ليواصل سيرة الكبار كمال ياسين ومحمود السباع والفريد فرج والسيد راضي وعبدالمنعم مدبولي وغيرهم من الفنانين الكبار الذين لعبوا دورا فنيا وإداريا في آن واحد وبنجاح لافت.
"طيب وأمير" مسرحية تستحق المشاهدة وعرض يستحق الإشادة.