ارتبط اللؤلؤ دائما بالرقي والمكانة العالية، فكان لا يمتلكه الا أصحاب الطبقات العليا نظرًا لندرته وارتفاع سعره.
فكرة إنتاج اللؤلؤ صناعيًا
ظل الحال على هذا الوضع ، إلى أن جاء ميكوموتو رجل ياباني قروي ، ولد في قرية "توبا" وفي سن الثامنة عشرة عمل بصيد الأسماك والغوص وصيد اللؤلؤ وبيع الأصداف وكان يهوى جمع النادر منها.
كانت هناك فكرة في رأسه وأسئلة لم يعرف كيف يجيب عليها، فهو لم يتعلم ما فيه الكفاية، وفي أحد الأيام ذهب ميكوموتو إلى أحد أصدقائه من المشتغلين بعلم "الأحياء المائية" وسأله لماذا يوجد اللؤلؤ في القواقع؟!، لماذا يوجد في بعض القواقع وبعضها لايوجد به؟!، أجابه صديقه بأن السبب هو أن بعض الطفيليات الموجودة في البحر تتسلل إلى داخل القوقعة وتجرح لحمها، فتقوم القوقعة بالدفاع عن نفسها بأن تعزل هذا الجسم الغريب عن طريق افراز مادة جيرية شفافة تحاصر هذا الشيء الغريب الذي تسلل إليها.
هذه المادة الجيرية الفسفورية التي يتم تكوينها في عدة سنوات هي اللؤلؤ، وهذه الطفيليات قد تكون حبة رمل أو قشرة سمكة أو حشرة صغيرة.
ومن وقتها جاءت فكرة انتاج اللؤلؤ بطريقة صناعية لا تفارق مخيلة ميكوموتو، فقرر ميكوموتو أن يدخل جسمًا غريبًا في كل قوقعة يجدها، فجمع عددًا من القواقع وفتحها برفق وأدخل فيها الأجسام الغريبة وانتظر عامين وبعد ذلك فتحها فلم يجد شيئًا فقد ماتت جميعا.
وحاول من جديد وهبت العواصف وماتت القواقع وخسر ميكوموتو الشيء الكثير، ولكنه لم ييأس، وتعلم من تجاربه التي استغرقت 15 عاماً أن انخفاض درجة حرارة الماء إلى أقل من 7 درجات مئوية يقتل القواقع، لذلك يجب نقل القواقع من الماء البارد إلى الماء الدافئ، وتعلم أيضاً أن وضع عدد كبير من القواقع في قفص واحد يقتلها.
ولذلك حاول ميكوموتو في المرات التالية أن يتلافى كل هذه الأخطاء، ومع ذلك كانت القواقع تموت.
ولكن طوال الخمسة عشر عاماً لم تنجح أي من محاولاته حتى أصيب بفقر مدقع واتهمه الناس بالجنون، وحين دب فيه اليأس قرر العودة لبيع الأرز المسلوق، ولكن زوجته رفضت هذا التراجع وقالت له: سأدفع أنا العربة وتستمر أنت حتى يظهر اللؤلؤ.
فكر ميكوموتو أن يمسك قوقعة بها لؤلؤة طبيعية ويدرسها ويعرف بالضبط مكان اللؤلؤة، وقام بدراسة العديد من القواقع الطبيعية وعرف تماماً أين يجب أن يضع الجسم الغريب، واكتشف أنه كان يضع الجسم الغريب في مكان غير مناسب، وقام بعملية زراعة الأجسام الغريبة في 5000 قوقعة أخرى، وبعد سنتين ذهبت زوجته إلى الشاطئ حيث أقفاص القواقع وأمسكت قوقعة وفتحتها ثم تفاجأت بوجود اللؤلؤ، أول لؤلؤة مزروعة في اليابان وكان ذلك سنة 1859.
وأصبح هذا اليوم من كل شهر إجازة في كل شركات ومصانع ميكوموتو، الذي اصبح من اثرى اثرياء العالم، واصبح احد الرموز التي حولت اليابان الى دولة من اقوى الدول الصناعية.
واستطاع ميكوموتو بعد ذلك أن يتحكم في شكل ولون حبات اللؤلؤ وكذلك عددها في القوقعة الواحدة.
هكذا بدأت امبراطورية ميكيموتو الذي انضم الى أشهر المخترعين حول العالم وامتلك لقب ملك اللؤلؤ وأصبح يمتلك جزيرة كاملة لزراعة اللؤلؤ يعمل بها 100 ألف عامل ومصانع متعددة لانتاج اللؤلؤ، بل واستطاع التحكم في شكل ولون وحجم اللؤلؤ وعدد اللآلئ في المحارة الواحدة!.
وبذلك الاختراع المتفرد وضع ميكيموتو اليابان في مقدمة الدول المنتجة للؤلؤ وسحب البساط من أهم دول العالم التي اشتهرت بتصديره مما ساهم في الدخل القومي لليابان، ولذلك قامت اليابان بتكريم اسم ميكيموتو في حياته وبعد مماته وأقامت له تمثالاً كأحد الرموز القومية الهامة.