دخلت الاشتباكات بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع بالخرطوم شهرها الثالث، حيث يشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وأدى النزاع الى مقتل نحو 2800 شخص وفرار أكثر من 2,8 مليون شخص.
وحذرت منظمات إغاثية من تفشي الحصبة وسوء التغذية بين الأطفال في مخيمات النازحين والاعتداءات الجنسية على النساء.
العنف ضد النساء
من جانبه عبّر مسؤولون في الأمم المتحدة عن صدمتهم وإدانتهم لتزايد العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان- بما في ذلك العنف الجنسي المرتبط بالصراع ضد الفتيات والنساء النازحات واللاجئات.
ودعا المسؤولون الأمميون- في بيان صحفي مشترك نُشِر الأربعاء - إلى الوقف الفوري للعنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك العنف الجنسي كتكتيك في الحرب لإرهاب الناس، كما دعوا إلى فتح تحقيقات فورية وشاملة ومحايدة ومستقلة بشأن الانتهاكات الجسيمة والإساءة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، ومحاسبة مرتكبي تلك الأفعال.
وشدد البيان أيضا على "ضرورة احترام جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانوني الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان بهدف حماية المدنيين بمن فيهم الفتيات والنساء، على أن يشمل هذا توفير سبل آمنة للناجين للحصول على الرعاية الصحية، والسماح للعاملين في مجال الصحة بالوصول إلى المنشآت الصحية".
وحث المشاركون في البيان على ضرورة التعزيز الفوري للوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي وخدمات الاستجابة في السودان والدول المجاورة التي يلجأ إليها المتضررون التماسا للأمان.
وأشار البيان إلى أنه منذ اندلاع الصراع في السودان، تلقى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقارير ذات مصداقية تفيد بوقوع (21 حادث عنف جنسي مرتبطا بالصراع ضد 57 سيدة وفتاة على الأقل، وفي حادث واحد، تعرضت حوالي 20 امرأة إلى الاغتصاب في الهجوم نفسه).
وأوضح البيان أنه بالنظر إلى أنه لا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان، فإن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير، مشيرا إلى أن الإبلاغ عن الانتهاكات وطلب المساعدة قد يكون صعبا – وربما مستحيلا – بسبب انعدام الكهرباء وانقطاع الاتصالات، فضلا عن انعدام وصول المساعدات الإنسانية بسبب الوضع الأمني غير المستقر.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن خطر العنف الجنسي يزيد بالأخص عندما تتنقل الفتيات والنساء بحثا عن مناطق أكثر أمنا، مؤكدين أن "هناك حاجة ماسة لزيادة المساعدة في مواقع استقبال النازحين واللاجئين في المناطق المتضررة في السودان، وكذلك في دول الجوار".
معاناة النساء في السودان
ونبّه مسؤولو الأمم المتحدة في بيانهم إلى أن "مساعدة النساء والفتيات على نطاق واسع، يتطلب دعما سخيا من المانحين".
وأشاروا إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية المعدلة للسودان دعت إلى تقديم دعم بمقدار 63 مليون دولار للوقاية وخدمات الاستجابة للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود حذرت من أن ولاية النيل الأبيض، على مسافة نحو 350 كم جنوب الخرطوم، باتت تستقبل "أعدادا متزايدة" من النازحين، وكتبت عبر تويتر “تستضيف 9 مخيمات مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال”.
كما أفادت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل الحكومية عن تسجيل حالات جديدة من العنف الجنسي ضد النساء في الخرطوم ودارفور، خصوصا في مدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور.
وقالت في بيان عبر صفحتها على فيسبوك السبت "بلغ إجمالي حالات الاعتداء الجنسي في الخرطوم 42 حالة، بينما سجلت في الجنينة 21 حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع"، مشيرة إلى أن معظم البلاغات والشهادات قيدت ضد عناصر ينتسبون الى قوات الدعم السريع، وسبق للوحدة أن سجلت 25 حالة اعتداء جنسي في نيالا عاصمة جنوب دارفور.
وقال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في 19 يونيو الماضي إن مكتبه تلقى تقارير عن أعمال عنف جنسي ضد ما لا يقل عن 53 امرأة وفتاة في الصراع السوداني، قائلا إن ما بين 18 و20 امرأة اغتصبن في هجوم واحد.
وأضاف تورك "مصدوم من مزاعم العنف الجنسي، لا سيما الاغتصاب"، مشيرا إلى أن الجناة في "جميع الحالات تقريبا" كانوا من قوات الدعم السريع.
حالات اختطاف للنساء
وتم في يونيو الماضي، تداول مقطعين مصورين صادمين، بينهما فيديو التقطه المعتدون أنفسهم، وفيه يقوم رجلان بالتناوب على اغتصاب امرأة فيما كان ثالثهما يصور المشهد وهو يثبت الضحية بقدمه على الأرض.
وعبرت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان- حكومية، عن شعورها بقلق بالغ إزاء تزايد حالات اختطاف النساء والفتيات- ولا سيما الطفلات- في مناطق النزاع، خاصةً الخرطوم.
وقالت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية في بيان: "تضع حادثة اختطاف فتاتين من منزلهما في "حلفاية الملوك" في بحري من قبل عناصر من قوات الدعم السريع الأحد الماضي، قبل أن تفلح الجهود الأهلية في استعادتهما، وحادثة اختطاف طفلة قاصرة في المسالمة بأم درمان من قبل عناصر من الدعم السريع- تضع هذه الحوادث وغيرها عبئًا ثقيلًا على أجهزة الدولة المختصة - وعلى رأسها الوحدة- لإيقاف هذه الانتهاكات الخطيرة وضمان سلامة النساء والفتيات والأطفال وصون حقوقهم".
وأضافت: "وإزاء تنامي ظاهرة اختطاف النساء والأطفال، تحذر الوحدة من مغبة استهداف الطفلات وزيادة أعباء الحرب على الأسر- ولا سيما النساء- ومن خطورة تفكيك المجتمعات والحرب على المواطنين".
وطالبت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، قيادة الدعم السريع بضبط عناصرها ومنع هذه الجرائم والانتهاكات وضمان محاسبة مرتكبيها، كما طالبت الأجهزة الأمنية بالاضطلاع بدورها في حماية المدنيين وضمان سلامتهم حتى في ظروف النزاع، ووثقت الوحدة التابعة، العديد من حالات العنف الجنسي المتصل بالنزاع، منذ اندلاع الحرب بالخرطوم ومناطق أخرى في 15 ابريل الماضي.
وقالت الوحدة في تحديث بحالات العنف الجنسي في الخرطوم ونيالا والجنينة، السبت الماضي، إن إجمالي حالات الاعتداء الجنسي في الخرطوم بلغ (42) حالة، وفي نيالا (25) حالة، بينما سجلت في الجنينة (21) حالة عنف جنسي مرتبط بالنزاع.
وعبرت الوحدة عن أسفها لتنامي حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات وتزايد حالات العنف الجنسي المتصل بالنزاع بمعدل لا يتناسب مع البلاغات المسجلة لديها.
حرب نفسية ضد النساء
في هذا الصدد قال السماني عوض الله، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع الحاكم نيوز السوداني، إن المواطن السوداني يتعرضحالياً لانتهاكات حادة في حقوق الإنسان خاصة من مليشيا الدعم السريع المتمردة حيث يتعرض لانتهاك خصوصيته وقهره من خلال طرده من منزله او الاستيلاء على ممتلكاته وتصفيته وتصفية أفراد العائلة دون اية مسوغات قانونية، وهذا التعرض السافر يتوجب أن يتحرك المجتمع الدولي تجاهه وفرض عقوبات مشددة على الذين تسببوا او قاموا بهذه الانتهاكات فهي انتهاكات مؤسفة وجسيمة يتعرض لها المدنيون.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد"، أنه يعتقد أن هشاشة الأمن وعدم إلمام المقاتلين بالقانون يعرض حياة كثير من الفتيات للخطر ولعمليات اغتصاب وترويع وعنف ليس النازحات واللاجئات فحسب، بل حتي اؤلئك اللائي فضلن البقاء في منازلهن تعرضن لعمليات اختطاف واغتصاب، وأيضا ترويع وقتل وتهديد وهذه الحالات في تزايد مستمر بل الأسوأ من ذلك يتم تصوير بعضهن فيديوهات ونشرها ضمن الحرب النفسية والعمليات الاستفزازية التي يمارسها الجنود الذين لم يتم تدريبهم واطلاعهم على القانون الدولي والإنساني.
وأكمل: إذا تعامل المجتمع الدولي بحيادة فمن الطبيعي جدا محاسبة أولئك الذين انتهكوا تلك الحقوق، كما أن المجتمع السوداني نفسه لن يصمد حيال تلك الانتهاكات والاستفزازات ولن يقف مكتوف الأيدي ويري تعرض فتياته وبناته وهن يتعرضن للاغتصاب والقهر والتعذيب.
وتابع: المطلوب ليس دعما ماليا فحسب لابد من دعم لوجستي ومعنوي لمعالجة الآثار النفسية التي تعرضت لها الفتيات من خلال برامج مكثفة بجانب برامج توعوية للجنود المقاتلين الذين يمارسون تلك الانتهاكات إضافة إلي توفير آليات الحماية ودعم الآليات الموجودة وتفعيل القوانين المحلية لمنع وقوع مثل هذه الانتهاكات مستقبلا.