لاشك أنه بعد ما صار السهر عادة الكثيرين ، زاد بحث من نام عن صلاة الفجر هل يصلي السنة ؟ بعد طلوع الشمس أم يقضي الفريضة فقط؟، خاصة وقد أصبح النوم عن صلاة الفجر حال عدد ليس بالقليل، إما بسبب ظروف العمل أو حتى اللهو والتسلية ، وأيًا كانت الأسباب فإن فضل صلاة الفجر العظيم يُصعب مسألة التفريط فيه بسهولة، فالعاقل يسعى لإدراك أي من نفحاته بشتى الطرق وكثرة المحاولات، ومن ثم يتساءل من نام عن صلاة الفجر هل يصلي السنة أم القضاء للفريضة فقط؟.
من نام عن صلاة الفجر هل يصلي السنة ؟
ورد أنه ينبغي على المسلم أن يكون حريصًا على أداء الصلاة في أوقاتها؛ لقوله – تعالى -: «إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا» [النساء: 103]، وأن يأخذ المسلم كافة الأسباب التي تجعله مؤديًا للصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يصلى الفجر في وقته، فعليه بالنوم مبكرًا مع استحضار النية لأداء هذه الفريضة مستعينًا بمن يوقظه، أو ضابطًا للمنبه على وقتها، فإذا سمع الأذان لصلاة الفجر عليه أن ينهض من فراشه، ويسارع إلى مرضاة ربه؛ لكي يستقبل يومه بالطاعة والجد والاجتهاد؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم-:« يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» متفق عليه.
أما عن إجابة من نام عن صلاة الفجر هل يصلي السنة ؟، فجاء أن من استيقظ بعد طلوع الشمس فليصلها، ولا إثم عليه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، »وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي» [طه: 14].}. متفق عليه، أما كيفية قضاء ركعتي الفجر بعد أن فات وقتها وطلعت الشمس: فمن السنة أن يبدأ الإنسان بركعتي الفجر، ثم يصلى فرض الصبح؛ لأن القضاء عين الأداء، هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم – لما فاتته صلاة الصبح في أحد أسفاره، ولم يستيقظ هو الصحابة إلا بعد طلوع الشمس.
و روى أبو دواد وغيره عن أبي قتادة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سَفَرٍ له.....، فقال: "احفَظُوا علينا صلاتَنا" يعني صلاةَ الفَجرِ، فضُربَ على آذانِهم فما أيقَظَهم إلا حَرٌّ الشَّمس.....، فتَوَضَّؤوا، وأذَّنَ بلالٌ فصَلّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ صَلَّوُا الفَجرَ ورَكبُوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: قد فَرّطنا في صلاتِنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها..}، ففي الحديث دلالة على قضاء سنة الفجر قبله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا بالأذان ثم صلى الراتبة (سنة الفجر) ثم أمر بإقامة الصلاة بعد ذلك فصلى الفريضة.
وتُعدّ سُنّة الفجر من أكثر السّنن تأكيدًا وأفضلها؛ فقد كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يُداوم عليها في الحضر والسفر، ويُصلّيها ركعتين قبل ركعتي الفرض، حيث إنّ صلاةَ سنة الفجر هي عبارةٌ عن ركعتين خفيفتين يؤدّيهما المُسلم بعد أذان الفجر؛ بحيث يُصلّيهما قبل إقامة صلاة الفجر، فعن أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- (أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة).
ورَوت السيّدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)، وكذلك ورد في الحديثِ الشّريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ) وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتركهما ولا يدعهما لا في الحضر ولا في السفر، وقد تميّزت ركعتا سنة الفجر أيضًا بالثواب والأجر، فهما خير من الدنيا وخيرٌ ممّا فيها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
من نام عن صلاة الفجر كيف يصلي السنة ؟
ورد أن صلاة الفجر فرض عَين على كل مسلم ومسلمة ذكرًا كان أو أنثى بالغًا عاقلًا، وهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بفضل الصلاة في أول وقتها، كما نبهنا إلى أن صلاة الفجر تعد من الصلوات التي لها فضل عظيم، وينبغي اغتنامه وعدم تفويته أيا كانت الظروف، و لا يجوز تأخير صلاة الفجر عن وقتها بخروج الوقت بعد طلوع الشمس؛ لقول الله تعالى: «فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)» النساء، ومن هنا فإن من أخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر؛ من النوم مبكرًا والقيام بالسنن المتعلقة بالنوم وإعداد المنبه أو الطلب من الأهل أن يوقظوه؛ ثم لم يستيقظ بعد ذلك، فلا إثم عليه؛ لأن ابن عباس روى أن رسول الله قال : « إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه » حديث حسن.
وينبغي على العبد في هذه الحالة أن يبادر إلى قضاء الصلاة عندما يستيقظ؛ ويبدأ بالسُنة أولا ثم الفريضة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، أما من يتهاون في أمر الصلاة وتعمد إخراجها عن وقتها؛ يأثم لأنه فوت وقت الصلاة، مشيرًا إلى أن الإثم متعلق بالأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة؛ من عدمه وان الله تعالى قال: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ...»التغابن،وقال أيضًا: « لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» البقرة،وصلاة المسلم للصبح بعد شروق الشمس تعد قضاءًا وليست حاضرة.