غيرت ثورة 30 يونيو مجرى أحداث التاريخ المصري الحديث والمعاصر وكتبت بأحرف من نور ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطني المصري الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحقيقية والحديثة على كافة المستويات، ترتكز على دعائم قوية من التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني لمجابهة التحديات.
خطابات المعزول مرسي
وأنهى الشعب المصري من خلال ثورة 30 يونيو حكم محمد مرسي، بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها في الحكم. ارتكب خلالها أخطاء فادحة أنهت العلاقة بينه وبين الشعب في خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر التي كانت البلاد فيها أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم والنمو والاستقرار.
وكانت قضت المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012، بأن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، وأن تكوين المجلس بكامله يكون باطلا منذ انتخابه بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر.
وأصدر الرئيس الإخواني محمد مرسي، قرارًا في 12 أغسطس 2012، بإحالة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان إلى التقاعد، وتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة.
كما أصدر الرئيس المعزول في 21 نوفمبر 2012 إعلانا دستوريا مكملا أُعلن عنه يوم 22 نوفمبر 2012، نص على أن الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية. وألا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.
وألقى مرسي خطابًا يوم 26 يونيو 2013 بمناسبة مرور عام على توليه الرئاسة برأ فيه نفسه من المسؤولية عن الأزمات المعيشية التي يواجهها المواطنون، وقال إنها أزمات مفتعلة، وانتقد رموز المعارضة وعددا من القضاة الذين اتهمهم بالتزوير، وقال إن هناك من لا يريد أن تكون العلاقة بين الرئاسة والقوات المسلحة صحية، لكن تبقى الحقيقة التي اجتمع عليها جميع الرافضين بأن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
بيان بعد ليلة 30 يونيو
واحتشد الملايين من المصريين في 30 يونيو 2013 (ثورة 30 يونبو)، في ميدان التحرير وجميع ميادين الجمهورية في مظاهرات مليونية للمطالبة برحيل "مرسي"، والإخوان عن الحكم، مرددين شعارات: "ارحل"، يسقط يسقط حكم المرشد».
وأصدرت القوات المسلحة بيانا يوم 1 يوليو 2013، قالت فيه إن العالم كله شهد خروج شعب مصر العظيم ليعبر عن رأيه وإرادته بشكل سلمي وحضاري غير مسبوق، ولقد رأى الجميع حركة الشعب المصري وسمعوا صوته، ومن المحتم أن يتلقى الشعب ردا على حركته وندائه من كل طرف يتحمل قدرًا من المسؤولية.
وقالت: وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال مهلة 48 ساعة فسوف يكون لزامًا عليها استنادا لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرًا لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد.
وألقى الرئيس المعزول خطابا يوم 2 يوليو أكد فيه تمسكه بما أسماه الشرعية التي كررها 59 مرة خلال الخطاب الذي استمر نحو 45 دقيقة.
وقد عملت جماعة الإخوان الإرهابية على استغلال الوازع الديني لدى المصريين في خلق استقطاب ديني يجعل منه في منظور المصريين ركنا من أركان النظام السياسي الجديد بما ضمن تحقيق الجماعة مكاسب كبيرة خلال الاستحقاقات الانتخابية التي أعقبت الثورة، وذلك وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها مرشح الجماعة محمد مرسي، وتحقق بذلك للجماعة السيطرة الكاملة على المشهد السياسي في البلاد.
التعديل الدستوري 2011
كان الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011 أولا الاستحقاقات بعد الثورة، وشهد استقطابا حادا بدعاوى دينية؛ إذ كانت مصلحة جماعة الإخوان في هذه الأثناء الموافقة على الاستفتاء، فحشدت قواعدها في كل المحافظات واستغلت كل الأساليب التي تكفل تحقيق هذه النتيجة، ومنها الوسائل والأساليب الدينية وتقسيم المجتمع على هذا الأساس، وكذلك بالاعتماد على التيارات الإسلامية المختلفة التي التفت وراء الجماعة في هذا التوقيت.
واستطاعت تحقيق هذا الهدف بالفعل، إلى الحد الذي وصف فيه الداعية محمد حسين يعقوب الاستفتاء بـ "غزوة الصناديق" ، ووصف الموافقة على التعديلات بأنها "انتصار للدين"، قائلا: "كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز، واليوم يقولون لنا بيننا وبينكم الصناديق وقالت الصناديق المدين (نعم)، ومن قالوا لا عرفوا قدرهم ومقامهم وعرفوا قدر الدين".
ودائما ما كان التهديد والتلويح بالفوضى واستخدام العنف أداة أساسية من أدوات جماعة الإخوان في التعامل مع كافة الأحداث السياسية، ولطالما هددت بقية القوى السياسية إما التجاوب مع مطالبها أو الفوضى ونزول أنصارها والمتعاطفين معها إلى الشوارع، كأداة من أدوات الضغط لتحقيق مآربها.
وكان هناك اتفاق في 29 يوليو 2011، بين التيارات الإسلامية والتيارات الليبرالية والمدنية على عقد لقاء "لم الشمل" في ميدان التحرير بهدف تجاوز الخلافات والخروج من حالة الاستقطاب التي سادت من بعد 2011، ولكن مثل هذا اليوم نقطة تحول في تاريخ العلاقة بين الطرفين، وأثار الخوف في نفوس ملايين المصريين غير المنخرطين في هذا الصراع السياسي.
فقد تحول الميدان إلى ملتقى الآلاف من عناصر جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية المتشددة والجماعات الإرهابية ومن يحملون أفكار تنظيم القاعدة، وحتى العائدين من أفغانستان الذين خرجوا من السجون، فرفعوا الرايات السوداء، ورددوا الهتافات التي تطالب الإخوان والتيارات المتشددة بتطبيق الشريعة، في مسعى منهم إلى تصوير الأمر على دفاع عن الهوية الإسلامية لمصر، ولكن حقيقة الأمر كان الهدف هو القضاء على أي أصوات مناوئة لهم أو قد تعوق تنفيذ مخططاتهم تحت ستار الدين.