لم تكن ثورة 30 يونيو حدثًا عاديًا في مسيرة الوطن، بل كانت أحد أبرز المحطات الفاصلة والتحولات الفارقة في تاريخ مصر المعاصر، فلم تغير مسار الدولة المصرية فحسب، وإنما أنتجت مجموعة من التحولات واسعة النطاق على المستوى العربي والإقليمي.
تنظيم الإخوان الإرهابي
ولقد ثار المصريون في 30 يونيو على نظام تنظيم الإخوان الإرهابي انطلاقا من مجموعة من المسببات الموضوعية التي عكست في مجملها أزمة متراكمة عاشتها مصر على مختلف المستويات خلال عام حكم التنظيم، وإدراكا لطبيعة الخطر الذي يحدق بالدولة المصرية بأركانها ومؤسساتها وهويتها وطبيعتها بسبب حكم الجماعة.
وتتوالى الحكايات التي تبرز الطريق على ثورة 30 يونيو، وما فعلته جماعة الإخـوان الإرهابية بحق الشعب المصري خلال فترة حكمها البلاد قبل أن يثور ضد الجماعة، ويطيح بها من حكم مصر.
وكانت قضت المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012، بأن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، وأن تكوين المجلس بكامله يكون باطلا منذ انتخابه بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون دون حاجة إلى اتخاذ أي إجراء آخر.
وأصدر الرئيس الإخواني محمد مرسي، قرارًا في 12 أغسطس 2012، بإحالة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان إلى التقاعد، وتعيين الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة.
كما أصدر الرئيس المعزول في 21 نوفمبر 2012 إعلانا دستوريا مكملا أُعلن عنه يوم 22 نوفمبر 2012، نص على أن الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية. وألا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.
طريق ثورة 30 يونيو
واحتشد الآلاف من مناصري جماعات الإسلام السياسي وراء جماعة الإخوان المسلمين أمام جامعة القاهرة؛ تأييدا لما أسموه الدفاع عن شرعية الرئيس والدفاع عن الشريعة الإسلامية وذلك في 1 ديسمبر 2012 بعد إصدار المعزول مرسي الإعلان الدستوري المكمل، وقررت الجماعة وأنصارها تنظيم مظاهرات أمام جامعة القاهرة بعد أن اختارت القوى السياسية المعارضة ميدان التحرير لمظاهرات في نفس اليوم.
وأثار الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الرئيس المعزول غضبًا عارمًا في الأوساط الشعبية والسياسية على السواء، وخرج الآلاف في مظاهرات منددة بهذا الإعلان ومنها المظاهرات السلمية التي خرجت في 4 ديسمبر، وما تلاها من اعتصام يوم 5 ديسمبر أمام قصر الاتحادية، فأمرت الجماعة الإرهابية أنصارها بالهجوم على المتظاهرين والمعتصمين باستخدام الأسلحة النارية والبيضاء في مشهد أدى إلى سقوط عشرات القتلى والمصابين.
من جانبها قدمت الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور - في 30 نوفمبر 2012 "التي سيطر عليها الإخوان والتيارات الإسلامية، وكان 50% من أعضائها من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، و50% من خارج المجلسين"، مشروع الدستور الجديد الذي لاقى اعتراضًا واسعًا من جانب القوى السياسية المختلفة، حيث أسفر الاستفتاء الشعبي، الذي جرى يومي 15 و22 ديسمبر 2012، عن الموافقة على الدستور بنسبة 63.8% من الأصوات.
وأطلقت مجموعة من الشباب في أبريل 2013 حملة تمرد لجمع توقيعات الشعب المصري لسحب الثقة من رئيس الجمهورية بعدما وصلت البلاد إليه من تدهور ملحوظ على جميع المستويات، على أن تنتهي الحملة في يوم 30 يونيو بمليونية أمام قصر الاتحادية، فيما حضر الرئيس المعزول مؤتمر حمل اسم «الأمة المصرية لنصرة الثورة السورية دعت إليه قوى وتيارات إسلامية في "ستاد القاهرة الدولي" يوم 15 يونيو 2023، وأعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا وإغلاق السفارة السورية بالقاهرة وسحب القائم بالأعمال المصري.
ثورة 30 يونيو كاشفة
وألقى مرسي خطابًا يوم 26 يونيو 2013 بمناسبة مرور عام على توليه الرئاسة برأ فيه نفسه من المسؤولية عن الأزمات المعيشية التي يواجهها المواطنون، وقال إنها أزمات مفتعلة، وانتقد رموز المعارضة وعددا من القضاة الذين اتهمهم بالتزوير، وقال إن هناك من لا يريد أن تكون العلاقة بين الرئاسة والقوات المسلحة صحية، لكن تبقى الحقيقة التي اجتمع عليها جميع الرافضين بأن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
واحتشد الملايين من المصريين في 30 يونيو 2013، في ميدان التحرير وجميع ميادين الجمهورية في مظاهرات مليونية للمطالبة برحيل "مرسي"، والإخوان عن الحكم، مرددين شعارات: "ارحل"، يسقط يسقط حكم المرشد».
وأصدرت القوات المسلحة بيانا يوم 1 يوليو 2013، قالت فيه إن العالم كله شهد خروج شعب مصر العظيم ليعبر عن رأيه وإرادته بشكل سلمي وحضاري غير مسبوق، ولقد رأى الجميع حركة الشعب المصري وسمعوا صوته، ومن المحتم أن يتلقى الشعب ردا على حركته وندائه من كل طرف يتحمل قدرًا من المسؤولية.
وقالت: وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال مهلة 48 ساعة فسوف يكون لزامًا عليها استنادا لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرًا لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد.
وألقى الرئيس المعزول خطابا يوم 2 يوليو أكد فيه تمسكه بما أسماه الشرعية التي كررها 59 مرة خلال الخطاب الذي استمر نحو 45 دقيقة.
خطابات محمد مرسي
وكتب من خلال حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في اليوم ذاته الرئيس محمد مرسي يؤكد تمسكه بالشرعية الدستورية ويرفض أي محاولة للخروج عليها، ويدعو القوات المسلحة إلى سحب إنذارها ويرفض أي إملاءات داخلية أو خارجية".
وأعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسي قرارات 3 يوليو التاريخية التي تضمنت تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، وأن يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقاليةلحين انتخاب رئيس جديد.