تحل علينا الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو التي انتفض فيها المصريون آملين مستقبل أفضل لهم، يرفضون أن تتحكم فيهم جماعة تحتقر المصريين وحقوقهم باسم الدين وهم بعيدين كل البعد عن ديننا الحنيف. ولم تكن تلك الانتفاضة ضد الجماعة الإرهابية وانما كانت انتفاضة ضد الفوضى وانعدام الأمن وسوء الأوضاع الاقتصادية والتشرذم وتقسيم المجتمع المصري لطوائف وجماعات تقودها مصالحهم ويستغل بعضهم الدين سبيلا لتحقيقها. كانت 30 يونيو لحظة تمرد على الوضع العشوائي والذي يتنافى مع مطالب الشعب الحقيقية التي كانت ترغب في تحقيق الحربة وعدم استغلال الدين في السياسية وتأسيس اقتصاد قوي وتحقيق تنمية يشعر بها لمواطن والمحافظة على كرامة المصري.
لقد واجهت مصر خلال العشر سنوات الماضية العديد من التحديات، وكانت الدولة المصرية والمصريين قادرين على مواجهتها والتغلب عليها. فكانت أول التحديات الملف الأمني ومكافحة الإرهاب والذي عانى منه المصريين طويلا، وها نحن الآن ننعم بأمان لم تشهده مصر منذ عقود حيث انعدمت العمليات الإرهابية، بل بدأ تنفيذ خطة الدولة لتنمية سيناء بعد انحسار الجماعات الإرهابية هناك والقضاء على منابع التمويل والإمداد. كذلك تحسين الوضع الاقتصادي، والذي واجهته الدولة بسياسة إصلاح جريئة استطاع المصريين الصمود أمام آثارها لتأسيس اقتصاد قوي قادر على تحمل الصدمات، وتحقيق التنمية. وهو ما ظهر بشكل واضح مع جائحة كورونا ومن بعدها الآثار الناجمة عن الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
كانت أبرز ما اتسمت به السنة العاشرة من ذكرى 30 يونيو هو الحوار الوطني ومكتسباته. إن الحوار الوطني الذي نحن بصدده الآن هو مثال حي لرحلة التطور الذي شهدته الدولة المصرية من السعى إلى تحقيق استقرار حقيقي أمني واقتصادي إلى إصلاح سياسي نحن بحاجة إليه الآن أكثر من أي وقت مضى. ولن يكون هناك أي إصلاح سياسي بدون حوار عميق وصادق وجامع لكافة أطياف المجتمع وهو ما رأيته خلال مشاركتي في الحوار ومتابعتي للجلسات المختلفة.
إن 30 يونيو تاريخ فارق من عمر الدولة المصرية، وسيقف التاريخ أمامه طويلا يتدارس أسبابه ونتائجه. فقد كنت العشر سنوات الماضية بمثابة رحلة طويلة كنا عليها شهودا على ما قابلناه من تحديات واجهها المصريين كافة شعبا وقيادة، وشهودا على العديد من الإنجازات التي يتم تنفيذها دون توقف في سبيل تأسيس جمهورية جديدة تليق بمستقبل نطمح إليه.