ما هو يوم التروية ؟ هو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويقضي الحجاج في مشعر منى يوم التروية، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه، ويجوز عدم الذهاب إلى مشعر منى يوم التروية فهو من سنن الحج وليس واجباته.
وينطلق الحجاج في يوم التروية إلى مشعر منًى، ويحرم المتمتع بالحج، أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما، ويبيتون بمنًى اتباعًا للسنة، ويصلون فيها خمس صلواتٍ: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهذا الفجر هو فجر يوم عرفة.
[[system-code:ad:autoads]]ما هو يوم التروية و لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم
سُميَ يوم التروية بهذا الاسم لأن الحجاج كانوا يروون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام؛ قال العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" وَقِيلَ: إنَّمَا سمي يوم التروية بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى.
وقيل إن يوم يوم التروية سمي بذلك لحصول التروي فيه من إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ وقال العلامة العيني في "البناية شرح الهداية" إنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ رأى ليلة الثامن كأنَّ قائلًا يقول له: "إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك"، فلما أصبح رؤي، أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمِنَ الله هذا، أم من الشيطان؟ فمِن ذلك سمي يوم التروي".
أعمال يوم التروية
يخرج الحاج من مكة في حدود الساعة التاسعة العاشرة صباحًا متوجهًا إلى مِنى في يوم التروية وهو اليوم الثامن، وهناك يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التاسع وهو يوم عرفة وهو في مِنى، وهناك أعمال مستحبة في يوم التروية وهي: الإحرام -نية الدخول في نسك الحج- يُحرِم في صبيحة يوم التروية بعد تحلله من العمرة، ويمكن الإحرام بعد الظهر أو بعد العصر أو في يوم عرفة.
ومن أعمال يوم التروية النزول في مِنى، فيتوجه الحج إلى مِنى لينزل فيها تحضيرًا لإتمام مناسك الحج، وكذلك من أعمال يوم التروية الصلاة: يصلي الحجاج الصلوات الخمس على أوقاتها قصرًا وليس جمعًا، فيصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين، أما الفجر والمغرب فلا يجوز قصرهما.
ويبيت الحجاج في منى ليلة التاسع من ذي الحجة وهذا من السنة، إذ إنه ليس بواجب، وأيضًا من أعمال يوم التروية الذكر والتكبير والتهليل والتحميد، ويستمر الحجّاج بالتلبية «"لبيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لكَ والمُلك لا شريك لك».
حكم من لم يذهب لـ منى يوم التروية
من لم يذهب في يوم التروية لا شيء عليه؛ لأنه هيئة من هيئات الحج، لا هي فرض، ولا هي واجب؛ إنما هي سُنَّة وهيئة، موضحًا أنه بعد ذلك سواء من كان في مكة (كمن لم يذهب إلى مِنى للزحام) أو كان في مِنى وأصبح الآن في اليوم التاسع وهو يوم عرفة فإنه يتحرك إلى عرفة بحيث إنه يظهر إليها قبيل الظهر؛ لأن وقت الوقوف عند جماهير الأمة يبدأ.
دعاء يوم التروية
ليس لمناسك الحج من الطواف والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، وفي مزدلفة ومنى أدعية مخصصة، لابد منها، بل يشرع للمؤمن أن يدعو ويذكر الله، وليس هناك حد محدود، فيذكر الله بقوله: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، يردد مثل هذا الذكر، ويدعو بما يسر الله من الدعوات، يسأل ربه أن الله يغفر له ذنوبه، ويدخله الجنة، وينجيه من النار، يسأل الله له ولوالديه المغفرة والرحمة».
فضل الصيام يوم التروية
يستحب لغير الحجاج الصيام في يوم التروية لأنها من العشر الأوائل من ذي الحجة التي يفضل فيها الإكثار من الأعمال الصالحة، ويكره للحجاج صيام يوم عرفة حتى لا يُرهق فتشق عليه أداء المناسك، فعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها: «أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا (أي اختلفوا) عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، فِي صِيَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ » متفق عليه.
فضل صيام يوم التروية
فضل صيام الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة.. تحدث العلماء عن فضلالأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وأجمع الكثير من المفسرين على أن الليالى العشر التى ذكرت فى قوله تعالى «وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ»، هي العشر من ذى الحجة.
خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:أولًا:أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانياإن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا:إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعاإن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا:إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا».
سادسًا:إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا:إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا:إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
معنى حج الإفراد
الإفراد عند بعض العلماء -كالشافعية- هو تقديم الحج على العمرة؛ بأن يُحرِم أولا بالحج من ميقاته، ويَفرَغ منه، ثم يخرج من مكة إلى أدنى الحِلِّ فيحرم بالعمرة، ويأتي بعملها، ومن العلماء مَن لا يشترط العمرة بعد الحج، ويجعل القيام بأعمال الحج وحده دون العمرة هو الإفراد.
كيفية حج الإفراد
يبدأ الحاج بطواف القدوم حين دخول مكّة، ثمّ يُؤدّي السَّعي بين الصفا والمروة، ويُؤخّره إن شاء إلى ما بعد طواف الإفاضة، والأولى بعد طواف القدوم؛ اقتداءً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ويبقى على إحرامه إلى اليوم الثامن من ذي الحِجّة؛ ليبيتَ في مِنى ذلك اليوم، ويُؤدّي فيها الصلوات الخمس، كلّ صلاةٍ في وقتها، ويقصرُ الصلاة الرباعيّة؛ فيُؤدّيها ركعتَين، ويقف بعرفة في اليوم التالي؛ اليوم التاسع من ذي الحِجّة، ويجمعُ تقديمًا بين الظهر والعصر، ويقصرُهما، ويبقى في عرفة إلى غروب الشمس.
ثم يتوجه بعدها إلى مُزدلفة، ويبقى فيها حتى الفجر، ويتوجّه بعد ذلك إلى مِنى، ويرمي جمرة العقبة بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند رَمي كلّ حصوةٍ، ويَحْلق شَعْره أو يُقصّر، ويغتسل ويتطيّب، ثمّ يتوجّه إلى مكّة؛ ليطوف طواف الإفاضة، ويعود إلى مِنى؛ ليبيتَ فيها ليلة الحادي عشر، والثاني عشر إن كان مُتعجِّلًا، وليلة الثالث عشر إن أراد التأخُّر، ويرمي في كلّ يومٍ منها الجمرة الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ العقبة؛ كلّ واحدةٍ بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند كلّ حصاةٍ، ثمّ يرجع إلى مكّة، ليطوف سبعة أشواطٍ طواف الوداع.
أنواع الحج الثلاثة
أنواع النسك ثلاثة:
1- حج إفراد: ينوي فيه الحاج نية الحج فقط.
2- حج قِران: ينوي فيه الحاج نية الإتيان بحج وعمرة معًا في آن واحد وبأفعال واحدة، من طواف وغيره من أعمال الحج، أو يحرم بالعمرة أولًا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها. وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه.
3- حج تمتع: ينوي فيه الحاج نية العمرة في أشهر الحج (شوال، ذي العقدة وأول 8 أيام من شهر ذي الحجة)، فينوي العمرة فقط ويؤدي مناسكها، ثم يتحلل من إحرامه ويتمتع بحياته العادية من ملبس وغيره من معاشرة النساء، فإذا أتى اليوم الثامن من ذي الحجة نوى الحج من مكانه بمكة ولبس ملابس الإحرام وأتى بمناسك الحج. وهذا النسك هو الأفضل.