لعل الاستفهام عن ما هو يوم التروية و لماذا سمي بهذا الإسم ؟، يعد سؤال الساعة حيث إن غدًا الإثنين يوافق الثامن من ذي الحجة هو يوم التروية، ويعد استفهام ما هو يوم التروية و لماذا سمي بهذا الاسم ؟ ، أحد أسرار تلك الأيام العشر المباركة من ذي الحجة، كما أن يوم التروية فيه مجموعة من الأعمال الواجبة على حجاج بيت الله الحرام، فهو مرتبط بفريضة الحج العظيمة، وكما هو معروف فإنه إذا عرف السبب زاد الفضل ، من هنا تنبع أهمية معرفة ما هو يوم التروية وفيه ذكر العلماء سببين لتسميته.
ما هو يوم التروية
ورد أن للحجِّ أياماً عديدة، وأيام الحج لها أسماء، فاليوم الثامن من ذي الحجة هو يوم التروية، واليوم التاسع يوم عرفة؛ لوقوف الحاجّ فيه على جبل عرفة، وفي يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة وهو اليوم الذي يذهب فيه الحجاج إلى منى للمبيت بها.
لماذا سمي يوم التروية بهذا اسم
ورد أن اليوم الثامن من ذي الحجة ،هو يوم التروية، و العلماء ذكروا في تسميته بهذا الاسم سببين، أولهما أنه سمي بذلك لأن الحجاج كانوا يرتوون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام، لما رواه العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" (2/ 467): [وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى].
وجاء ثانيهما أنه سُمي أيضًا بذلك لسبب آخر،قيل:سمي بذلك لحصول التروي فيه من إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل، فقد قال الإمام العيني في "البناية شرح الهداية" (4/ 211): [وإنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى ليلة الثامن كأن قائلًا يقول له: إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك، فلما أصبح تروى، أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح أمن الله هذا، أم من الشيطان؟ فمن ذلك سمي يوم التروية، وفيه ينطلق الحجاج إلى منى، ويحرم المتمتع بالحج، أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما، ويبيتون بمنى اتباعا للسنة، كما يصلون فيها خمس صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهذا فجر يوم عرفة".
أعمال يوم التروية للحاج
ورد عن أعمال يوم التروية للحاج ، أن هناك أربعة أعمال يؤديها الحاج في يوم التروية، وعنها قال الفقهاء إنه إذا جاء يوم التروية الموافق الثامن من ذي الحج، فأول ما يقوم به الحاج فى هذا اليوم، هو الإحرام إذا كان الحاج متمتعًا فيحرم بالحج من المكان، الذى هو فيه ولا يشترط الإحرام من المسجد الحرام، أما بالنسبة للحاج المقرن والمفرد فهما يبقيان على إحرامهما من الميقات.
و ورد أنه إذا كان الحاج في المدينة المنورة عليه أن يتوجه إلى أبيار على للإحرام وينوي قائلا لبيك اللهم بحجة، وإذا كان في جدة يحرم من بيته أو يذهب الى مكة ويحرم من الفندق أو المكان الذي يقيم فيه، وإذا كان في مكة أصلا فعليه أن يحرم من الفندق أيضًا دون الذهاب الى التنعيم، ويجوز للحاج أيضا القادم من خارج مكة أن يؤدي العمرة قبل البدء في مناسك الحج حتى ولو كان قد أداها قبل الخروج من مكة فطالما خرج وذهب الى المدينة أو جدة بعد العمرة وعاد مرة أخرى فلا بأس أن يؤدي عمرة أخرى بعد إحرامه من أبيار علي أو من جدة أو من مكة شريطة أن يكون غادر مكة بعد العمرة الأولى.
ويُستحب أن يحرم الحاج صباحًا قبل الزوال – أى قبيل صلاة الظهر- فهذا هدى النبى -صلى الله عليه وسلم- فى يوم التروية، فيغتسل ويتطيب - إن تيسر له ذلك - ويلبس ثياب الإحرام، ثم يقول: «لبيك حجًّا: لبيك اللهم لبيك.. إلخ»، ثم يتوجه بعد ذلك إلى مشعر منى لقضاء هذا اليوم والمبيت بها، و المبيت في منى سُنة وليس واجب؛ بمعنى أن الحاج لو تقدم إلى عرفة ولم يبت في منى في ليلة التاسع فلا حرج عليه، موضحين أن «منى» منطقة صحراوية تبعد حوالي 7 كم شمال شرق مكة على الطريق الرابط بين مكة ومزدلفة.
كما أنه يُستحب للحاج الإكثار من الدعاء والتلبية أثناء فترة إقامته في منى، كما يقوم الحاج بأداء صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء قصرًا دون جمع؛ بمعنى أن كل صلاة تصلى منفردة ثم يقضي ليلته هناك، ويصلي الحاج بعد ذلك صلاة الفجر ويخرج من منى متجهًا إلى عرفة لقضاء يوم الحج الأكبر، والمقرن إذا طاف وسعى بالبيت فيجوز له أن يؤديهما بنية الحج والعمرة فليس له سعي بالحج مرة أخرى، ثم بعد ذلك يذهب الحاج إلى منى أو لا يذهب فهي سُنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذهب إلى منى ليكون قريب من عرفات، لذا فالمبيت بمنى ليس شرطًا في الحج، كما يجوز للحاج أن يذهب إلى عرفات مباشرة.
أعمال يوم التروية لغير الحاج
يمكن لغير الحاج في هذا اليوم العظيم أن يصوم تطوعًا لله، ففي صيام العشر من ذي الحجة ثواب وفضل عظيم، ويمكن ذكر الله عز وجل كثيرًا، وقراءة القرآن الكريم، وإخراج الصدقات لوجه الله، والتكبير والتهليل، ومعايدة الأقارب، وقراءة الأذكار والمحافظة على الصلوات الخمس، والإكثار من النوافل، وصلام القيامة، حيث إن الله عز وجل وعدنا هو ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بمضاعفة الأعمال الصالحات في هذه الأيام.
ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِ)، وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا : (ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ)، وقال النبي في فضل العمل في العشر الاوائل من ذي الحجة مطلقًا : (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ).