الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل توقفت الماكينات عن العمل؟ أزمة قاتلة تضرب اقتصاد ألمانيا| ماذا يحدث؟

ألمانيا
ألمانيا

يبدو أن اقتصاد ألمانيا مقبل على أوقات عصيبة، فبالرغم من تأكيد المستشار الألماني، أولاف شولتس، تحول صناعي تقوده بلاده بأقصى سرعة عندما زار مصنعًا لأشباه الموصلات وآخر للسيارات الكهربائية، غير أن رؤساء الشركات والخبراء يحذرون من أن أوقاتاً صعبة تنتظر أكبر اقتصاد في أوروبا.

ألمانيا 

أزمة أكبر اقتصاد في أوروبا

فبعد أن شهد ركوداً هذا الشتاء، من المتوقع أن ينهي الاقتصاد الألماني العام في المنطقة الحمراء، لتلتحق البلاد بدول منطقة اليورو.

وفي تحليل لوكالة الأنباء الفرنسية، تتوقع الحكومة وحدها نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، إلا أن المعاهد الاقتصادية الرئيسية وصندوق النقد الدولي، يقدرون تسجيل تراجع يتراوح ما بين 0.2 و0.4%.

يؤثر التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ الانتعاش في الصين، وأسعار الطاقة، على النشاط الاقتصادي الألماني، لكن العاقبة ستكون أسوأ، حسبما حذر هذا الأسبوع، رئيس اتحاد قطاع الصناعات الألماني، سيغفريد روسورم، بقوله: "نرى أن البلاد في الوقت الراهن تواجه جبلًا من التحديات المتزايدة". 

وقال في المؤتمر السنوي للاتحاد، الذي يجمع النخبة السياسية والاقتصادية في ألمانيا، إن "المزيد من الشركات، حتى الصغيرة والمتوسطة، تفكر في نقل جزء من استثماراتها إلى خارج ألمانيا".

هذا وعادت إلى الظهور في الإعلام، صور تقدم ألمانيا على أنها "رجل أوروبا المريض"، في إشارة إلى الفترة الممتدة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما تم وصف البلاد بهذا المسمى، بسبب افتقارها إلى القدرة التنافسية وارتفاع معدلات البطالة.

لكن شولتس الذي وصل إلى السلطة في نهاية عام 2021، يفضل الإشارة إلى فترة أخرى في التاريخ الحديث. 

وفي مقابلة أجراها في مارس، قال إنه مقتنع بأن التحول المطلوب لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2045، سيسمح لألمانيا "باستعادة معدلات النمو لفترة من الزمن كما كانت في الخمسينيات والستينيات، أي في زمن "المعجزة الاقتصادية" لهذا البلد الذي كان في طور إعادة الإعمار.

يرى الزعيم الاشتراكي الديمقراطي، أن الإنفاق الهائل اللازم لتركيب توربينات الرياح، وتصنيع السيارات الكهربائية، وإزالة الكربون من انتاج الصلب أو المواد الكيميائية، وصنع مضخات حرارية مكان تسخين الغاز، ستخلق حلقة مفيدة.

المانيا

البلد الصناعي الأهم يعاني

يذكر أن وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، قال في الشهر الجاري إنه قد تضطر ألمانيا إلى تقليص أو حتى إيقاف النشاط الصناعي، ما لم يُمدد اتفاق نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا بعد انقضاء مدته نهاية العام المقبل. 

وأضاف هابيك أنه يجب احترام القواعد الخاصة بتقاسم عبء النقص المحتمل للغاز في شرق أوروبا، ما يعني أن ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا - ستضطر إلى تصدير الغاز إلى هناك لتعويض النقص، وأن الإمدادات لمصنّعيها ربما تُقيّد أو تُخفّض.

وتنتظر ألمانيا سنوات من النمو البطيء، وزيادات سنوية في الناتج المحلي الإجمالي تقل عن 1%، بحسب توقعات المعاهد الاقتصادية الرئيسية في البلاد، و قال مارسيل فراتزشر، مدير معهد DIW للابحاث الاقتصادية، "سيكون النمو أقل بكثير خلال هذا العقد مما كان عليه في 2010، المرتبط بازدهار البلاد".

بالإضافة إلى مشروع تحويل الطاقة، هناك نقاط ضعف هيكلية تعيق الأداء الاقتصادي، مثل بطء الإجراءات البيروقراطية، وتأخيرات في التحديث الرقمي، وقبل كل شيء الشيخوخة الديموغرافية، التي تؤدي إلى نقص العمالة التي تعاني منها الشركات بالفعل، كما حذر تيمو وولميرشاوسر، من أنه "إذا انخفض عدد السكان لفترة طويلة، فلن يتمكن الناتج المحلي الإجمالي أيضًا من النمو في نهاية المطاف".

ومع نموذج اقتصادي يعتمد بشكل كبير على النشاط الصناعي، الذي يمثل أكثر من 20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ستعاني البلاد أيضًا من أسعار الطاقة المحكومة بالارتفاع بشكل دائم، حتى لو هدأت بعد أن بلغت مستويات قياسية على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وخلال مؤتمر الصناعة، أكدت إنغبورغ نيومان، رئيسة اتحاد شركات النسيج الألمانية، أنه نظراً إلى "تكلفة الطاقة ونقص اليد العاملة الماهرة والبيروقراطية، بالنسبة لنا، الإنتاج في ألمانيا لم يعد جذابًا".

عبد المسيح الشامي

تأثير الحرب في أوكرانيا 

في هذا الصدد، قال المحلل السياسي ومنسق العلاقات الألمانية العربية في البرلمان الألماني، عبد المسيح الشامي، إن الاقتصاد الالماني يعاني بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات المفروضة، فضلاً عن شح الطاقة الذي أدى بدوره إلى خفض كمية الطاقة الموجودة كمخزون احتياطي وارتفاع سعر الطاقة إلى خمسة أضعاف وأكثر، وبمرحلة من المراحل وصل إلى 10 أضعاف، وهذا انعكس على الاقتصاد الألماني بشكل سلبي كبير على الاقتصاد.

وأضاف الشامي، في تصريحات لــ"صدى البلد"، أن أزمة الطاقة من الأزمات الهامة، ولكن هناك أيضا أزمة المواد الأولية التي تدخل بالصناعات، خصوصاً الصناعات الثقيلة، والتي يقوم عليها الاقتصاد الألماني ويمثل الركيزة الأساسية؛ مثل صناعة السيارات وغيرها، كل هذا تأثر بشكل سلبي بسبب نقص الحديد والخشب والبتروكيماويات والشرائح الإلكترونية، فضلا عن شح مواد السماد والأمور الأساسية التي تحتاجها الزراعة في ألمانيا، حيث إن أغلبها كان يأتي من روسيا، وبالتالي تأثرت الزراعة بشكل كبير، معقبا: “ألمانيا تأثرت من كل الجوانب”.

وتابع: “كل هذا أدى لإغلاق الكثير من المصانع والمعامل والورش والحرف، وتراجع الدخل والنمو، وأصبح هناك شبه توقف لبعض القطاعات الاقتصادية بألمانيا، وأصبح الانكماش أمرا حتميا، وبالتالي هذا يفسر لماذا هناك تراجع”. 

وأشار إلى أنه ما زال حتى الآن هناك حد أدنى من الغاز يأتي من “نورد ستريم 1” الذي يمر بأوكرانيا، وإذا لم يتم تمديد ذلك سيكون هناك أزمة كبيرة لأن كل البترول والغاز الذي حصلت عليه ألمانيا بعد خفض السحب من الروس لم يكف حاجة أوروبا وألمانيا من الطاقة، وبالتالي المسألة ستكون كبيرة وعميقة والمصانع ستغلق لأن ليس هناك موارد أخرى للطاقة، ومن غير المرجح أن تمدد روسيا الاتفاق في ظل هذا التصعيد.