مازالت صاحبة الفستان الأزرق، التي أثارت الجدل خلال الفترة الماضية بسبب رقصها في فرح إحدى صديقاتها تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لما وصفه المتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي بـ «الرقص الشرقي الأًصيل»، وهو الأمر الذي يكشف تميز المصريين بالرقص منذ عصور الفراعنة، حيث لعب دورًا حيويًا في مرحلة معينة من مراحل تطور المجتمعات الإنسانية، إذ أنه يمكن اعتباره من أقدم وسائل التعبير الجماعي عن العواطق والرغبات والآمال.
صاحبة الفستان الأزرق.. أمجاد الرقص في العصور القديمة
وأعاد صاحبة الفستان الأزرق الأمجاد في الرقص من العصور القديمة، حيث احتل الرقص الغنائي في تلك المرحلة مكانة بارزة بين الفنون، بل إنه شكل مظهرًا أساسيا من مظاهر الحياة العامة، وعندما أراد الشاعربيندار أن يصف بلاد الإغريق في القرن الخامس قبل الميلاد، قال عنها: «إنها أرض الرقص الجميل»، ويبدو مدى تقدير الإغريق للرقص الغنائي فيما خلفوه من نقوش على أوانيهم وعلى جدران ما صمد من معابدهم، وتمثل هذه النقوش جماعات راقصة وقد التف حولها أو اصطف بجانبها فريق من الموسيقيين يعزف أفراده على آلات ما زال معظمها يستعمل حتى اليوم. إلا أنه لا جدال في أن اهتمام مصر القديمة بالموسيقى والرقص يرجع إلى عهد أسبق بكثير، والواقع أن للموسيقى والرقص في مصر عراقة الحضارة الفرعونية نفسها، إذ تكشف النقوش عن ميل المصريين إلى فن الرقص، وفن الغناء والموسيقى بصفة عامة منذ فجر التاريخ.
الرقص في معابد الفراعنة
ولا تفتقر نقوش الدولة القديمة إلى مناظر الرقص، ففي عدد كبير من نقوش هذا العصرتبدو الراقصات وقد تحلين بسوارات في معاصمهن ورسوغهن، وبعض نقوش مقابر سقارة تدل على أن هؤلاء الراقصات كن يتحركن على لحن بطيء ترتفع معه إلى الأمام إحدى ساقي الراقصة، وتمتد ذراعاها في محاذاة الساق المرفوعة، بينما يتدلى شعرها المضفر إلى الخلف وقد انحنى رأسها إلى الوراء، وفي نهاية الضفيرة يعقص الشعر حول كرة يجذب ثقلها الشعر إلى أسفل، حتى أنه عندما تدور الراقصات حول أنفسهن، تدور هذه الكرات في شكل دائرة كاملة، وعندما تتم الدورة تعاود الراقصات الحركة حسب إيقاع تصفيق فتيات وقفن خلفهن، وما زال التصفيق حتى اليوم ظاهرة ملازمة للرقص الشرقي، أما بطء الحركة فهو في رأي البعض تعبير عن الوقار الذي كانيؤخذ به الرقص وانعكاس لطبيعة الحياة السهلة الراغدة، وقد عرف هذا النوع من الرقص باسم رقصة المجموعة، تمييزا له عن رقص المجموعتين.
رسومات توضيحية للرقصفي عصر ما قبل الأسرات
وتم العثور على أقدم الرسوم المعروفة للرقص في هذه المنطقة في المنحوتات الصخرية في عصر ما قبل الأسرات، وكفن من الكتان، ولوحة جدارية، ونموذج من الطين، وفخار في مصر العليا، وجاءت أقدم الأمثلة على الراقصين في عصر ما قبل الأسرات من فخار ثقافة بداري من الألفية الخامسة قبل الميلاد، وثقافتا نقادة الأولى ونقادة الثانية من الألفية الرابعة قبل الميلاد بدت أهمية الرقص تتضاءل بمرور الوقت حيث أصبحت مشاهد الرقص نادرة في أواخر فترة نقادة، كما جاءت الرسوم التوضيحية الأولى للرقص في مصر القديمة من مشاهد في مقابر الدولة القديمة لفناني الأداء المرتبطين بالجنازات.
رقصات جنائزية
ونادراً ما كانت الراقصات يرتدين الثوب العادي المقيد - وهو عبارة عن غمد أبيض مربوط يبدأ من الصدر وينزل إلى الكاحلين، كان الاستثناء في الدولة القديمة للرقصات الجنائزية، لا يُصوَّر راقصو الدولة القديمة في الفساتين فحسب، بل في مآزر الرجال مع وشاح أو تنورات رجالية.
ولميرتدواراقصو الدولة الوسطى والإمبراطورية المصرية أبدًا التنانير الرجالية، لكنهم ارتدوا مآزر الرجال بدون وشاح، وبحلول عصر الإمبراطورية المصرية، كان الراقصون البالغون يرتدون ملابس هزيلة، وغالبًا ما يرتدون حزامًا أو وشاحًا حول وركهم، وأحيانًا يرتدون رداءًا شفافًا للسماح بمراقبة أجسادهم، ارتدى راقصو الإمبراطورية المصرية أيضًا أشكالًا مختلفة من الملابس العادية في عباءاتهم الشفافة الطويلة والواسعة.
وتزين الراقصون أنفسهم بأساور وشرائط أو أكاليل على رؤوسهم، كان راقصو الدولة القديمة يرتدون شرائط حول صدورهم، وكان راقصو المملكة الحديثة يرتدون أطواق وأقراط وأقماع نباتية مصنوعة من دهن شبه صلب معطر أو شمع العسل، وتستخدم لإعطاء عطر لطيف كما يؤدي الراقصون، وتم تحديد عيون الراقصين بشكل كثيف بالكحل.