الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأولى من نوعها.. سر زيارة رئيس وزراء الهند وماذا يناقش مع السيسي

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي

تعتبر العلاقات المصرية الهندية فريدة من نوعها ليس فقط بسبب تاريخهما الحديث المشترك، ولكن أيضًا لأنها تظهر تعاونًا بين دولتين عظيمتين، لكل منهما وزن إقليمي خاص.

وتعود جذور هذه العلاقات إلى التحديات والتطلعات المشتركة التي يواجهها البلدان، وتعد الاتفاقيات المشتركة العديدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية أحدى الركائز الأساسية لذه العلاقة ومثالا واضحًا على مدى تميزها وأهميتها.

علاقات ودية بين القاهرة ودلهي 

وتمثل مصر لمنطقة الشرق الأوسط الدولة المحورية، كما تعتبر منفذاً جيداً للصادرات والمنتجات الهندية، وفرصة لاستثمارات مشتركة بين البلدين على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص، ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء فإن قيمة تحـويلات المصريين العاملين بالهند بلغت 5.82 مليـون دولار خلال العام المالي 2020-2021.

و تتمتع مصر والهند بعلاقات صداقة ودية تقوم على أساس الروابط الحضارية والثقافية والاقتصادية والعلاقات عميقة الجذور بين الشعبين، مستندة على القيم الثقافية المشتركة والالتزام بتعزيز النمو الاقتصادى والتعاون فى مجالات الدفاع والأمن والتقارب بشأن القضايا الإقليمية والعالمية، كما يعمل البلدان بشكل وثيق فى المنتديات الدولية ومتعددة الأطراف.

وعبرت العلاقات المصرية الهندية، مع بداية العام الجاري، إلى مرحلة جديدة، انتقلت معها من روابط تاريخية وعلاقات دبلوماسية تعود لأكثر من 75 عاما إلى شراكة استراتيجية بين اثنتين من أقدم الحضارات في العالم؛ شراكة استراتيجية أعلن الجانبان عنها خلال الزيارة التاريخية للرئيس السيسي إلى نيودلهي، حيث حل سيادته كضيف رئيسي في الاحتفالات بيوم الجمهورية.

وفي هذا الصدد، يزور رئيس وزراء الهند ناريندا مودى، اليوم السبت، زيارة رسمية إلى القاهرة بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى تأتى فى ضوء ما تشهده العلاقات بين القاهرة ونيودلهى من طفرة غير مسبوقة على كافة الأصعدة منذ تولى الرئيس السيسى قيادة البلاد.

الزيارات المتبادلة بين البلدين 

وتعد زيارة رئيس وزراء الهند، التى تستغرق يومين، هي الأولى من نوعها إلى مصر منذ توليه مهام منصبه في عام 2014، حيث من المقرر أن يعقد مودي، خلال الزيارة، سلسلة من اللقاءات مع عدد من كبار المسئولين المصريين، كما يلتقى مع أبناء الجالية الهندية بالقاهرة. 

وفي ذلك الصدد، قالت الدكتورة نادية حلمي، الخبيرة في الشؤؤن الآسيوية، وأستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف، إن الزيارات المتبادلة بين الرئيس السيسي ورئيس دولة الهند خلال الفترات الأخيرة، تؤكد أن الرئيس، يمتلك خبرة سياسية واقتصادية كبيرة، يستطيع من خلالها فتح المزيد من المجالات الاستثمارية والاقتصادية لمصر، متطلعاً خلال زيارته للاستفادة من النهضة الاقتصادية لدولة الهند، وما حققته الهند من معدلات نمو سريعة ومتنامية.

وأضافت حلمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مصر والهند تجمعهما علاقات سياسية متميزة، إلى جانب العلاقات التجارية والاقتصادية التي شهدت نمواً ملحوظاً خلال الأعوام الماضية رغم تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. 

وأشارت حلمي، إلى أن الرئيس السيسي زار الهند أكثر من مرة هذا العام، وتعد تلك الزيارات إنجازاً سياسياً واقتصادياً هاماً يؤكد على وجود مصر كركيزة للاستقرار والتنمية في المنطقة، وستكون مناسبة جيدة لطرح وتوضيح مصر للجانب الهندي وللمجتمع الدولي ما تقوم به مصر، وترويج لبرنامجها الاقتصادى ورؤيتها العالمية بشأن الإدارة الاقتصادية، مما يتيح الفرصة لجذب الاستثمارات الأجنبية لمصر وتعزيز النهوض الاقتصادي وتحسين الأحوال المعيشية للشعب المصري. 

صادرات مصرية في الأسواق الهندية 

وتابعت: "تشهد الهند نمواً اقتصادياً متسارعاً. كما أن السوق الهندية تمتلك العديد من الفرص لنمو صادراتنا، خاصةً في قطاعات الكيماويات، والبلاستيك، والأسمدة والفاكهة والحاصلات الزراعية كالقطن، والمنتجات اليدوية من النسيج، والجلود والرخام والجرانيت ومنتجات الألبان، والصناعات المعدنية، والحديد والصلب والبترول الخام، وغيرها، وستسعى مصر لتفعيل الاتفاق بين الحكومتين المصرية والهندية على زيادة حجم التبادل التجاري إلى 8 مليارات دولار، مع العلم أن الاستثمارات الهندية بمصر تقدر بحوالي 10 مليارات دولار". 

ومن جانبه،  قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن العلاقات بين البلدين هي علاقات تاريخية.

وأضاف بدر الدين- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الهند كان لها دور في مصر منذ ستينيات القرن الماضي في تأسيس دول عدم الانحياز وكانت مصر لها دور والهند لها دور، بالتالي العلاقات طيبة بين البلدين سواء على المستوى الرسمي او الشعبي.

وزار الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال يناير الماضي، في زيارة رسمية إلى الهند وهي الثالثة من نوعها، أكد محللون أنها ستتناول "تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون العسكري وتنمية التجارة والاقتصاد"، وتتزامن تلك الزيارة مع مرور 75 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والهند.

وجاءت تلك الزيارة تلبية لدعوة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للمشاركة كضيف شرف في احتفالات الهند بيوم الجمهورية، والذي يوافق اليوم الذي بدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950.

اتفاقيات تفاهم وتعاون بين البلدين

وفي تلك الزيارة شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس وزراء الهند، ناريندا مودي، توقيع اتفاقيات تفاهم وتعاون بين البلدين، في إطار زيارة الرئيس السيسي إلى الهند.

  • مذكرة تعاون في مجال الأمن السيبراني، بين وزارة نظم المعلومات الهندية ووزارة الاتصالات المصرية.
  • مذكرة تفاهم في مجال الزراعة، وقّعها وزير الثقافة الهندي ووزير الزراعة المصري.
  • مذكرة تفاهم في شؤون الشباب، وقّعها من الجانب الهندي وزير الرياضة وشؤن الشباب، ووزير الخارجية المصري.
  • اتفاق تعاون بمجال الإعلام والإذاعة، وقّعها من الجانب الهندي وزير الرياضة وشؤون الشباب، ووزير الخارجية المصري.

وسبق للرئيس السيسي زيارة نيودلهي عاصمة الهند مرتين الأولى في أكتوبر 2015، والثانية في سبتمبر 2016، إلا أن زيارة الرئيس للهند في يناير 2023 تأتي في سياق أول دعوة لرئيس مصري للمشاركة كضيف رئيسي في عيد الجمهورية الهندية، بحسب ما نشرته شبكة سكاي نيوز.

وسبق، وزار وزير الدفاع الهندى راجناث سينج القاهرة فى سبتمبر الماضى والتى تم التوقيع خلالها على مذكرة تعاون عسكرى، والاتفاق على دعم العلاقات العسكرية والأمنية والتدريب ومكافحة الإرهاب، علاوة على انضمام مصر لحوار الهند الدفاعى مع قارة أفريقيا، بجانب المناورات العسكرية البحرية التى ترسى من خلالها الدولتان دعائم الأمن والاستقرار وضمان حرية الملاحة فى المناطق الممتدة من المحيط الهادى مرورا بالمضايق وقناة السويس والبحر الأحمر.

وفي إطار الروابط القوية بين البلدين الصديقين، قام وزير الخارجية سامح شكري خلال شهر مارس الماضي بزيارة إلى العاصمة الهندية حيث شارك في فعاليات اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في إطار الدعوة الموجهة لمصر للمشاركة كضيف للرئاسة الهندية للمجموعة.

ومن جانبه، يقول أشرف سنجر، خلال تصريحات له، إن الدولة المصرية ستهتم بزيارة رئيس الوزراء الهندي إلى القاهرة بشكل جاد وحاسم، مشيرا إلى أن هناك تشابها كبيرا بين السياسة المصرية والسياسة الهندية فكلتا الدولتين تتميزان بعدم الانحياز والتحلي بالقدرة على موازنة العلاقات مع الدول.

وأضاف سنجر: "احتياج الهند لمصر احتياج مهم.. فكافة التحليلات أشارت إلى أن مصر لها تأثير كبير في المنطقة العربية والشرق الأوسط، بالإضافة إلى تأثيرها المعنوي القوي على تلك البلدان"، مشددا على أن الهند تدرك جيدا أن مصر باب مهم لتقوية استثمارتها ووجودها في المنطقة العربية والخليجية.

وتوقع خبير السياسات الدولية أن يتم توقيع اتفاقات اقتصادية وتفاهمات في نواحي متعددة خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى مصر، لافتا إلى أن الاستثمار الهندي سيساعد سوق العمالة المصرية خصوصا أن نيودلهي تفهم الوضع الاقتصادي في مصر والتحديات التي تواجهها.

والجدير بالذكر، أن الهند مستمرة فى تقديم اللفتات الطيبة لمصر، حيث استثنت مصر من قرار حظر تصدير الأقماح الهندية فى إطار حرصها على تحقيق الأمن الغدائى وتقديم الدعم الاقتصادى لأصدقائها،  حيث أن دولة الهند تعد من أكثر الاقتصاديات صعودا فى مجموعة العشرين، وقوى رئيسية يعتد بها على الساحة الدولية.