أثنى الدكتور محمد داود، أستاذ علوم اللغة بجامعة قناة السويس، على الشيخ محمد متولي الشعراوي، في ذكرى وفاته الخامسة والعشرين والتي تتزامن مع اليوم السابع عشر من يونيو.
وقال الدكتور محمد داود، في تصريح له، إن اليوم السبت يوافق الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل إمام الدعاة الإمام الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله وطيب ثراه، قائلا "إنها خمسة وعشرون عاما من الخلود لفكره الوسطى ..السهل الممتنع".
وأضاف داود، أن الإمام الشيخ الشعراوي أسوة وقدوة يطلبها واقعنا الذي يقع تحت تأثير حرب فكرية، حيث يتنازع الشباب تيارات مختلفة، كما يظهر فكر الإمام الشيخ الشعراوى بقوة على الساحة بوصفه الفكر المنقذ للشباب وللأمة من كل تيارات التغريب والإلحاد والإدمان.
وأكد الدكتور محمد داود، أن الواقع يستدعى فكر الإمام الشيخ الشعراوي وبقوة حيث يتعرض العقل المسلم لحملات من التشكيك والشبهات والافتراءات.
وتابع: حقا 25 عاما لربانية العالم التى تحمل سر الهداية فى كل حرف، فى كل كلمة ، فى كل لقاء، مفسرا معنى "ربانية الشيخ" لأنه كان تأثيره بالغ، وليس ملكا لأحد ولا لتيار، إنه لله ولله وحده.
وتابع: أنه تعلم من الشيخ الشعراوي، أنه كان حين يُسأل، فإنه يتوجه بقلبه إلى الله تعالى، أن يمن عليه بما يصلح حال السائل ويقنع عقله ويملأ قلبه بالرضا والسكينة.
وأشار إلى وسطية الشيخ الشعراوي، فقد كان نموذج للوسطية دون إفراط ولا تفريط، وقدم الشيخ الإمام النموذج الإسلامى الذى يرقى بالحياة، ويرقى بالإنسانية وكان يعظم المشترك الإنساني الذي يجمع بين الناس جميعا.
وواصل: ومن لمحاته، أنك إذا أردت أن ترى عظمة الإسلام فانظر إلى موقفه من أعدائه، قال تعالى:
– {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].
– {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 148].
– {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] .
الشعراوي والسهل الممتنع
وأوضح الدكتور محمد داود، أن الشيخ الشعراوي كان يعرف بالسهل الممتنع، فلقد قَّرَّب المعانى القرآنية لعامة الناس وهذه عظمة،وفى ذلك دلالة على وضوح وتمكن الفكر الإيمانى عند الشيخ فالفكر الواضح لغته واضحة.
الشعراوي وسحر البيان
واستطرد: كما استطاع الشيخ الشعراوي، أن يُظهر الجمال القرآني فى الأسلوب، والفروق الدلالية الدقيقة بين الكلمات، ووأسرار التعبير القرآنى، منوها أن هذا الجانب يستحق أن تسجل فيه رسائل وبحوث جامعية.
الشيخ الزاهد
وأكمل: كما تحقق معنى الشيخ بالزهد، في الإمام الشعراوي، فكان منه العزوف عن الدنيا، والشيخ لم يذكر ولو مرة واحدة أنه وزير سابق، والشيخ عبر عن حديثه وبيانه في القرآن بــ "خواطر" تأدبا مع القرآن ولم يقل تفسيرا، كما أن الشيخ الشعراوي فى مظهره كان بسيطا اختار زيا لا تكلف فيه حتى الطاقية التى يرتديها صارت نموذجا كذلك جلباب الشيخ الشعراوى صار نموذجا.
وطنية الشيخ الشعراوي
وذكر أن الشيخ الشعراوي كان ينحاز إلى الوطن فى كل حال، كان شديد الوطنية، ولازالت كلماته تأتى منقذة فى أوقات الشدائد، وهل ننسى كلمته عن ”الثائر الحق" هو الذى يراعى الجميع من معه ومن خالفه، حتى يتفادى الثورة المضادة.
وتساءل: وهل تنسى كلمته (مصر التى علمت الإسلام للدنيا كلها … علمته حتى للبلد الذى نزل فيه القرآن، من يقول عن مصر أنها أمة كافرة فمن المسلمون إذن ؟! مصر بأزهرها الشريف).
ونبه الدكتور محمد داود، على أن الإمام الشيخ الشعراوي، كان أسوة وقدوة للدعاة وللمؤمنين في التوجه القلبي إلى الله عز وجل في الأزمات، وفي الكروب، وفي الشدائد.
وحكى الدكتور محمد داود، موقفا للشيخ الشعراوي قائلا "في مرة كان الشيخ يحضر عنده جماعة من العلماء وكانوا يتدارسون مسائل الفكر ومسائل الإيمان في القرآن وقال أحد الحاضرين من أساتذة الفلسفة: قال والله إني أرى أن الحجة التي قالها سيدنا إبراهيم عليه السلام للنمروذ (الحجة الكونية) هي حجة عبقرية وهي قوله تعالى: (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) لأنها مسكتة، وهي بميزان العقل هي فعلا عبقرية، لكن بميزان الإيمان، بميزان الربانية، قال الشيخ : ليست من العبقرية في شيئ، هي ليست منه ، فقال كيف يامولانا: فقال: إنها من العون الإلهي لأنبياء الله عز وجل، إنها من فضل الله وإنعامه على سيدنا إبراهيم قال : كيف ؟ قال : لو قرأت قول الله تبارك تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم) فهي من إنعام الله من فضل الله، إن الإستعانة بالله عز وجل والتوجه القلبي لله عز وجل يجعل الإنسان في مدد عظيم من العون الإلهي الرباني المنقذ في أي موقف من مواقف الحياة، يتأتى ذلك لطبيب يقوم بعملية جراحية وتصادفه مشكلة ويحتاج إلى العون الإلهي، يتوجه بقلبه دون أن يتكلم بلسانه، مدير في مؤسسته عنده اجتماع ورأى أن الأمور قد اضطربت وارتفعت الأصوات واشتدت الاختلافات فهو يحتاج إلى العون الإلهي،… يتوجه بقلبه وهكذا الزوج مع زوجته.. الإنسان مع إخوانه وأصدقائه ..إن الله عز وجل أعلم بقلوب العباد وبيده سبحانه عقول العباد ، يحول الأحوال في لحظه ، وهو الذي يعلم ما يصلح هذه العقول ويصلح هذه القلوب ، ما يقنع هذه العقول.
واختتم تصريحه: ولذلك نحن جميعا في حاجة إلى أن نتعلم هذا الدرس من إمام الدعاة مولانا الشيخ الإمام الشعراوي أن نتعلم التوجه القلبي إلى الله عز وجل لنفوز بالعون الإلهي في مواقف الشدة، في المواقف التي نحتاج فيها إلى دعم وعون إلهي، رحم الله مولانا الإمام الشيخ الشعراوي.