قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أحمد نجم يكتب: انتبه.. أنت تكتب ماضيك

أحمد نجم
أحمد نجم

سلوكياتك وأفعالك الآن، هي ماضيك فيما بعد . سوف تذكرها ويذكرها لك كل ما تعاملوا معك . أولادك و أحفادك و ربما مرؤوسوك و ربما جيرانك ويتباهي بها من يذكرها أو يلعنها عليك .. أو ربما يتوارون خجلا منها . ويصمتون حين يذكر اسمك . فأنت بتصرفاتك وسلوكياتك ، تصنع ماضيا مستقبلك ، أو مستقبل ماضيك.

سيأتي يوم ويروي أبناؤك لأحفادك ما كنت تقوم به من تصرفات وسلوكيات تتعامل بها مع الآخرين . و سيأتي اليوم الذي يروي فيه مرؤوسيك كيف كنت تتعامل معهم . سيذكرون لك أنك كنت تقف بجانبهم تعطيهم الثقة و الحكمة و تساندهم في مواقفهم وتنصحهم ، أو تكرههم في وظيفتهم و أيام رئاستك لهم . سيطرحون مواقفك للتذكرة و للنقاش و للاستفادة ، او لصب اللعنة .

سيأتي اليوم الذي يكره فيه من يروي عنك أنه عرفك من الأساس نتيجة قسوة تصرفاتك وتفضيلك لأحدا علي حساب الآخر . سيذكرون أنك كنت عادلا حكيما معهم او ظالما قاسيا في تعاملك معهم.

هناك قانون في الحياة إسمه عدم الاستمرارية . لن يكون هناك أحدا مخلدا في مكانته أو حياته . ستمكث فترة ويقذفك قانون الحياة بعيدأ عن مكانك الذي كنت تجلس فيه وتضع ساقأ علي ساق . تأمر ويطيعك مرؤوسيك . سيبتعدون عنك بمجرد ان يطبق عليك قانون الحياة بعدم الاستمرارية ، يتخلون عنك بمجرد أن تفارقهم ، أو يظلوا علي صلة بك كلما حانت ظروف اللقاء . أو علي الاقل يذكروك بخير . ضع نصب عينيك انك مفارق كرسيك ومكانتك ، فلو دامت لغيرك ما وصلت آليك .

الأن ما عليك سوي مراقبة تصرفاتك ونفسك في تعاملك مع الآخرين . وتعامل بالحكمة و العدل في تصرفاتك . حاول أن تكون المودة هي علاقتك بالآخرين تتقرب
بإنسانية وروح العدل بين الجميع . إذا كنت قادرا وقويا في موقعك و مكانتك ، فلا تختلف وتعاقب من حولك . حاول أن تكون لهم العين الناصحة و العقل المفكر و الحكمة في التصرف . إعط كل مجتهد قدره وخذ بيد المتكاسل للإرتقاء به . لا تستخدم السيف في العقاب ، بل النصح و الإرشاد و الموعظة الحسنة .

لا يوجد إنسان فاشل في كل سلوكياته ، إلا الذي تعرض للإهمال و التغاضي و الظلم و التفرقة في المعاملة من رئيسه . لا يجب أن تكون ندا لمن حولك ، مد يدك لتسيرا معأ في الطريق الصحيح الذي يرفعه ويرفعك في عملك . لا يستطيع القائد فعل كل شئ ، القائد الناجح بمن حوله . هو الذي ينمي فيهم طاقة الإنتماء و الإبداع و التميز و القدرة علي التصرف.

إذا أحبك من حولك نتيجة تصرفاتك معهم سيبذلون كل طاقتهم للإرتقاء بالمكان . معاملتك مع الآخرين ستجعلهم يعملون المستحيل لرفع رأسك ، تفخر بهم ويفخرون بك . إعطهم قدرهم ، ولا تقلل من شأن أحدا منهم ،سواء في محيط أسرتك أو عملك . فلسانك مثل السكين ، يستخدم في الخير و في الشر ، يجب ان تجعله في الخير لتجده فيما بعد .

يجب عليك مراقبة ذاتك أولا قبل مراقبة الآخرين ، راقبها بكل ما تقوم به و تحكم في تصرفاتك وأفعالك . سجل مواقفك مع من أمامك ، وضع نفسك مكانه . في محيط الأسرة إبتعد عن دور الحاكم وضع نفسك مكان المحكوم ، وسل نفسك ، كيف تود أن تتعامل وأن يقال لك ؟ إن كنت في عملك ضع نفسك مكان مرؤوسيك ، وراقب كيفية تعاملك معهم . ضع نفسك مكانهم و سل نفسك هل تقبل نفس تصرفاتك منهم ..

عندما تحب من حولك بصفاء قلب ونقاء ضمير ، لن تخذلك قلوبهم . تواضع في تعاملك مهما علت مكانتك ، فمصيرك لقانون الحياة قائم في آي لحظة . عليك أن تفتح صدرك لضغوطات حياتهم ، شاركهم فيها والتمس لهم العذر حين تري الضيق علي وجوههم ، فأنت لا تعرف ماذا بداخل كل نفس ، ولكن لأنك القائد القدوة
عليك ان تلتمس الأعذار في شدتهم ولا تكن عنيدا مجحفأ في تصرفاتك مع مرؤوسيك . كن ملجأ أمانهم وقوتهم .

كنت بصحبة صديقي وإبنته الطبيبة حين تقابلنا صدفة بأحد أساتذتها في المرحلة الإعدادية ، تراجعت الطبيبة قليلا في السير تتهرب من اللقاء ، وانشغلت هي بالتحدث في هاتفها المحمول . عقب اللقاء عاتبها والدها قائلا : مش الاستاذ كان مدرسك ، كان المفروض تسلمي عليه ..

تنهيده حارة أطلقتها الطبيبة الشابة ،كان بها حزن دفين حملته سنوات مضت . علمنا منها أن الأستاذ كان يقسو في التعامل مع طلابه ولسانه يحمل الفاظ جارحه و قسوة في التعامل و يحنو فقط علي من يأتي له في منزله درس خاص . اسهبت الطبيبة في سرد تصرفاته وحكت لنا . كان كذا وكذا . كان ماضي الأستاذ معها غير جدير بالتذكره ولديها حق .

عليك أن تقود نفسك لضوابط حسن التعامل مع الآخرين . ضع هدفا لحياتك أن تكون قدوة في تصرفاتك لمن حولك ، وكلّما كانت ثقتك بنفسك وقدراتك الحكيمة العادلة قوية ، إنقلها للآخرين حولك ، ستكون النتيجة في المقابل نمو روح الإنتماء للمكان والعمل لديهم بروح الأسرة و مواصلة الجهود للتميز و التألق في محيطك .

لا تبتعد بعواطفك وإنسانيتك عن ضوابط مكانتك ، يمكنك أن توازن في القرار بين العواطف و الضوابط ، سيكون لديك القدرة غلي إيجاد خيط رفيع يربط بينهما ، فلا أنت قسوت علي من حولك ولا أنت تهاونت في الحفاظ علي الضوابط الحاكمة لمحيط مكانتك . ولن تفشل طالما أردت ان تعدل و تنجح .

لا تهمل أو تتجاهل أراء وشخصية البعض وتعلي من شأن آخرين ، ولا تفرض مكانة أحدهم علي الآخر خاصة إذا كان قليل الآمكانيات متفوق فقط في النفاق ، تغاضي عن كثرة العتاب و التوبيخ و اللوم ؟ و دوما تفنن في النصح و الإرشاد ، ولا ترتدي ثوب الفيلسوف أمام الآخرين ، بل إستخرج معهم و بهم الحلول من عقولهم و أفواههم ، حاول أن تغذي في نفوس من حولك القدرة علي إتخاذ القرار الصحيح ، و لا تستأثر به لنفسك فقط . فلست أنت العالم الوحيد .

الإهمال أحد وسائل القضاء علي الشخصية المنضبطة ، فإحرص علي ألا تصيبها بالإحباط من قسوة تعاملك وتجاهلك لها أو بالضغط عليها أكثر من الآخرين في العمل وتحميلها فوق طاقتها . لا تحتكر لنفسك القيم وتدعي وجودها فيك فقط ، فلا يوجد شخص ولد بكل شئ ، بل يوجد شخص يتعلم كل يوما شئ . ضع هدفأ لنفسك ، أن يقول من حولك فيما بعد لو تذكروك : كان هذا الرجل مثاليا عادلا ..