كشف الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، عن بعض صفات المتكبرين، موضحا خلال حديثه عن ذم الكبر، أنه ينبغي على المسلم أن يحذرها؛ حتى لا يكون مصيره النار.
أهم خصال المتكبرين وسماتهم
وقال مرزوق في بيانه خصال المتكبرين، إن أهم خصال المتكبرين وسماتهم، هو حب قيام الناس له، وقد كره النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذه الخصلة بالتحديد، حيث ذَكَرَ أنس بن مالك - رضي الله عنه - ذلك فقال: "مَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُوا مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ".
وتابع: لا يمشي إلا ومعه أحد يمشي خلفه، كذلك يرى نفسه مميزاً عن الناس وليس أحد منهم مثله، ومنها أيضا إسبال الثياب وسحبها في الأرض، التقعر في الكلام، عدم الاستجابة للحق إن أتي ممن يرى أنه دونه، لا يزور أحداً تكبراً على الناس، يستنكف من جلوس أحد إلى جانبه، أو مشيه معه.
كما أنه لا يتعاطى بيده شغلاً في بيته، ولا يحمل متاعه من السوق إلى بيته، مشدداً: فهذه بعض خصال المتكبرين؛ وسماتهم التي يتميزون بها، وكلها تخالف هدي النبي - عليه الصلاة والسلام -
وأوضح في بيانه الأحاديث الواردة في ذم الكبر:
1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، مَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ) رواه أبوداود وابن ماجة وهو حديث صحيح
2. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ، قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ) رواه مسلم في صحيحه
3. وعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ: الْكِبْرِ، وَالْغُلُولِ، وَالدَّيْنِ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ) رواه الترمذي وهو حديث صحيح انظر صحيح الترغيب رقم ٢٨٩٢
4. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ،
قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم في صحيحه
وأوضح أن هذه بعض الأحاديث التي تدل على النهي الآكد عن الكبر، وحث أهله على التخلي عنه، وكلها تدل دلالة واضحة على حرمة الاتصاف بهذه الصفة الذميمة التي كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يتجنبها، ويحذر أصحابه من أن يقعوا فيها.
وفيما يتعلق بمصير المتكبرين، قال: أما مصير هؤلاء المتكبرين ومآلهم يوم القيامة فقد حدده النبي - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الذي يرويه عَمْرو بْن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ) . رواه أحمد والترمذي وهو في صحيح الأدب المفرد.
أقوال السلف في ذم الكبر
1. رأى ابن عمر - رضي الله عنه - رجلاً يجر إزاره، ويختال في مشيته؛ فقال: "إن للشيطان إخواناً" كررها مرتين أو ثلاث.
2. وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة، فالكبر يمنعه الانقياد، والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها، والغضب يمنعه العدل، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة".
3. وقال مجاهد - رحمه الله - في قوله - تعالى -: {ثم ذهب إلى أهله يتمطى} "أي يتبختر".
4. ويروى أن مطرف بن عبد الله بن الشخير رأى المهلب وهو يتبختر في جبة خز فقال: يا عبد الله هذه مشية يبغضها الله ورسوله، فقال له المهلب: أما تعرفني؟ فقال: بلى أعرفك؛ أولك نطفة مذرة، وآخرتك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة، فمضى المهلب وترك مشيته تلك"23.
5. وقال محمد بن الحسين بن علي: "ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر قط إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك أو أكثر".
6. وقال محمد بن عوف:
عجبت من معجبٍ بصورته وكان من قبل نطفةً مذره
وفي غدٍ بعد حسن صورتـه يصـير في الأجيفة قذره
وهو على عجبه ونخـــوته ما بين ثوبيه يحمل العذره