أصبح نهجاً لا يمكن إيقافه في توجه العالم نحو استخدام العملات المحلية في التسويات المالية بين الدول بدلا من الدولار الأمريكي.
الدولار أقل جاذبية كعملة دولية
قال كلايتون موريس، المحلل والصحفي الأمريكي، إن روسيا والصين وجهتا ضربة مدمرة للدولار أثناء عملهما على استبداله داخل "بريكس".
وأضاف الصحفي في برنامجه عبر يوتيوب: "وجهت موسكو والصين ضربة مدمرة أخرى للغرب، حيث قررت المزيد والمزيد من الدول التخلي عن الدولار الأمريكي، لاوس وباكستان والأرجنتين والبرازيل كلها تبتعد عن الدولار في إجراء المعاملات".
وبحسب قوله، فإن وسائل الإعلام الغربية لم تعر أي اهتمام تقريبا لهذه الخطوة من جانب الدول الأعضاء في "بريكس".
وأضاف أن مشكلة الديون الأمريكية والعجز التجاري جعلت الدولار "أقل جاذبية" كعملة دولية.
وفي حديثه عن العقوبات المناهضة لروسيا، أشار الصحفي إلى أن رفض الوقود الروسي أضر فقط بالغرب، لأن روسيا، بصفتها موردا للغاز، استبدلت دولا أخرى بالمستوردين الأوروبيين.
وفي وقت سابق، أشار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إلى أن دول "بريكس" قد سرعت الانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية، وبحسب قوله، فإن تقييد الصادرات الروسية "يحفز العديد من الدول على التفكير في بدائل للدولار".
زعزعة الدولار مرتبط بأمرين
وفي هذا الصدد، قال الدكتور رائد سلامه، الباحث الاقتصادي، إن استبدال الدولار داخل "بريكس" ربما يكون بمثابة بداية فقط على طريق تطوير ولا يعني تغيير النظام المالي العالمي.
وأوضح سلامه ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الدولار مازال وسيظل مسيطرا بحكم تأثيره كعملة تبادل وبحكم كونه انعكاسا للاقتصاد الاضخم في العالم وبحكم كونه تعبيرا عن تركيبة علاقات سياسية واقتصادية متشابكة مازالت تتحكم في آمور كثيرة في العالم في ظل ظروف دولية استثنائية كأزمة أوكرانيا وأزمة المناخ.
وتابع: لابد أن نفرق بين تحليل اي خطوة تقوم بها قوة كبرى كدول "البريكس" من خلال فهم وتحليل الواقع وبين الأماني والأحلام حتى وإن كانت مشروعة لكن من المهم ان يكون العمل لتحقيقها مبنى على فهم موضوعي للواقع.
وأضاف: من هنا يجب ان ننظر الي امرين اولا أن المجتمع الأمريكي هو مجتمع ضخم جدا حوالي 335 مليون نسمة ينتج ناتج محلى ضخم يقدر بحوالي 26 تريليون دولار وهو ما يزيد بكثير عن الناتج المحلى للصين مثلا باعتبارها القوة المنافسة لأمريكا حسب وثيقة الامن القومي الأمريكي.
ولفت: وبالتالي فنصيب المواطن الامريكي من الناتج القومي لبلاده اعلى بكثير من المواطن الصيني رغم الديون الهائلة، والمجتمع الامريكي يستهلك من خلال الاستيراد بمبالغ هائلة على خلاف الصين، وهو ما يضعه في علاقة دائمة وحيوية بكل دول العالم تستدعى توفير دولار لإتمامها خصوصا وان شبكة العلاقات الاقتصادية الامريكية تمتد لأنشطة اخرى لابد لها من ان تتم بالدولار كأنشطة الاوفشور بكل ملامحها وهي ممتدة في مراكز حيوية في مختلف مناطق العالم ويوجد بها اموال ضخمة مملوكة لرجال اعمال من زوسيا ذاتها.
وأكد: لن يمكن زعزعة مركز قوة الدولار كعملة تبادل عالمية دون فك ارتباط امريكا بحلفائها في العالم وبالأخص في أوروبا واليابان وإسرائيل وهي علاقات ترسخت بفعل الازمة الاوكرانية التي دفعت فيها امريكا دول اوروبا للبحث عن بديل للغاز الروسي وزادت من عمق العلاقة الاوروبية الامريكية كحلفاء سياسيين واقتصاديين.
واختتم: اتمنى ان تنجح خطوات البريكس لفك الارتباط بالدولار وهو أمر الجميع ينادي به منذ زمن طويل لكن لابد من أن يكون حراكهم مؤسس على واقع عملي لا على أمنيات تحكمها العاطفة والشعارات وحتى لا يتم استبدال الدولار (وهو امر إن حدث فسيستغرق فترة طويلة جدا) بعملة أخرى لقوة اخرى تمارس نفس ما تمارسه امريكا الان من هيمنة على العالم.
هيمنة الدولار على المحك
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر "بنك أوف أمريكا" من أن التهديدات الرئيسية لهيمنة الدولار الأمريكي هي إلى حد كبير محلية وتأتي من الداخل الأمريكي، حيث قلل البنك من قدرة العملات الأخرى، كاليوان أو العملة التي يعتزم تكتل البريكس إنشاءها، على منافسة الدولار.
وبحسب ما ورد قال بنك أوف أمريكا في مذكرة حديثة: إنه على الرغم من أنباء إزالة الدولرة التي انتشرت مؤخرًا، فإن الدولار الأمريكي ليس في خطر فقدان هيمنته في أي وقت قريب، ومع ذلك، حذر البنك من أن الدولار الأمريكي معرض لمخاطر بسبب القضايا المالية المحلية، مثل احتمال تخلف الولايات المتحدة عن سداد التزامات ديونها.
لذلك، تبدو التهديدات الرئيسية للدور المهيمن للدولار الأمريكي محلية إلى حد كبير، على عكس المنافسة من العملات الأخرى.
وحذر المحللون أيضًا من أن المخاطر طويلة الأجل على العملة الأمريكية هي الديون المتراكمة، مشيرين إلى أنه بصرف النظر عن اليابان، فإن ديون الحكومة الأمريكية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي هي الأعلى في مجموعة العشر.
علاوة على ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي (IMF) أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة من 122٪ في عام 2022 إلى 136٪ بحلول عام 2028.
ويعتقد بنك أوف أمريكا أنه لا توجد عملات بديلة قابلة لاستبدال الدولار الأمريكي، وذلك باعتباره العملة المهيمنة في التجارة والمدفوعات الدولية ومدفوعات سويفت، ومع ذلك، حذر المحللون من أن الدولار الأمريكي فقد بعض حصته في السوق بين احتياطيات البنك المركزي.
وأشار بنك أوف أمريكا كذلك إلى أن استخدام اليوان الصيني يمكن أن يتوسع دوليًا، لكنه شدد على أن المنظمين الصينيين سيحتاجون إلى فتح حسابات لرأس المال الخاص به وهي مسألة قد تترك الصين عرضة لتقلبات تدفقات الأموال للخارج والتدخل في السياسة النقدية.
استخدام اليوان الصيني كعملة تجارية
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد محللو بنك أوف أمريكا أنه من غير المرجح أن تحل عملة بريكس محل الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية، لأنها ستتطلب تعاونًا بين الدول الأعضاء التي لديها تجارة محدودة مع بعضها البعض، باستثناء الصين، والتي يمكن أن تكون علاقاتها في كثير من الأحيان متوترة، حيث تضم دول البريكس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا واكتسبت الكتلة الاقتصادية نفوذاً عالمياً في الفترة الأخيرة، حيث تقدمت تسعة عشر بلدا بطلبات للانضمام أو أعربت عن رغبتها في الانضمام.
ومع ذلك، يتوقع العديد من الاقتصاديين أن تؤدي عملة بريكس إلى تآكل هيمنة الدولار الأمريكي، إذ قال أستاذ جامعي سويدي مؤخرًا إن انضمام المملكة العربية السعودية إلى مجموعة بريكس سيسرع من استخدام اليوان الصيني كعملة تجارية على المستوى الدولي.