يوافق يوم 30 مايو ذكرى وفاة الشاعر الإنجليزي ألكسندر بوب، الذي اشتهر بمقطع الشعر البطولي وترجمته لأعمال هوميروس، ويُعّد ثالث كاتب يتم الاقتباس منه في قاموس أكسفورد للاقتباسات، بعد شكسبير وألفريد تنيسون، ورحل في مثل هذا اليوم من عام 1744.
وُلد ألكسندر بوب في 21 مايو عام 1688، لعائلة كاثوليكية، لذا تأثر تعليمه بقانون العقوبات المأخوذ من كنيسة إنجلترا، والتي حظرت على الكاثوليك حينها التدريس ودخول الجامعات والوظائف العامة.
[[system-code:ad:autoads]]
تعلم “بوب” القراءة من عمته، ثم توجه إلى مدرسة “توايفورد” 1698، و في عام 1700 انتقلت عائلته إلى مزرعة صغيرة بالقرب من غابات وندسور الملكية، ولاحقًا قام بوب بوصف الريف حول منزله في قصيدته «غابة وندسور».
أنهى بوب مرحلة التعليم النظامي، ومنذ ذلك الحين كان يقوم بتعليم نفسه بقراءة أعمال الكتاب الكلاسيكيين مثل هوراس وجوفينال وشعراء الملاحم هوميروس وفيرجيل، وكذلك أعمال الكتاب الإنجليز وليم شكسبير وجون درايدن، ودرس العديد من اللغات، وقرأ أعمال الشعراء بالإنجليزية والفرنسية والإيطالية واللاتينية واليونانية.
بعد خمس سنوات من الدراسة، أقام بوب صلات مع شخصيات من مجتمع لندن الأدبي مثل وليام كنجرف، صموئيل جارث، وليام ترمبل، كما كوّن في بنفيلد عددًا من الصداقات المهمة. وكان أحدها جون كاريل ، الذي قام بتقديم ألكسندر بوب إلى الكاتب المسرحي وليم ويتشرلي، ووليم والش، الشاعر المغمور الذي ساعد بوب في تنقيح أول عمل رئيسي له وهو «أغاني الرعاة».
عانى ألكسندر بوب من مشاكل صحية عديدة منذ صغره، ولم يتزوج طيلة حياته.
محطات بارزة
في مايو 1709، نشر ألكسندر بوب الشعر الريفي في الجزء السادس من كتاب تونسون المسمى «منوعات شعرية»، وهو ما حقّق لبوب الشهرة الفورية. وقد تبع ذلك مقال عن النقد نشر في مايو 1711، و تلقى الاستحسان.
وفي حوالي 1711، أقام بوب صداقات مع عدة كتاب محافظين مثل جون جاي، جوناثان سويفت، وتوماس بارنيل وجون أربثنوت، والذين شكلوا معًا نادي «سكريبلروس» ،وكان الهدف من النادي هو هجاء الجهل والتحذلق في هيئة خيالية للباحث مارتينوس سكريبلرس.
وكان له أيضا صداقات مع كتاب من حزب الويغ جوزيف أديسون وريتشارد ستيل. وقد نشرت «غابات وندسور» في مارس عام 1713 وحقق نجاحًا كبيرًا.
أسلوب ملحمي
نشرت قصيدة «اختطاف خصلة شعر» لأول مرة في عام 1712، ونشرت نسخة منقحة في 1714، وتعتبر هذه من أشهر قصائده لأنها كانت نموذجًا لملحمة بطولية، وكتبت كسخرية من خصومات المجتمع بين أرابيلا فرمور –"بليندا" في القصيدة– واللورد بيتر، الذي أخذ خصلة من شعرها دون إذن منها. وتعامل بوب مع الشخصيات في قصيدته بأسلوب ملحمي، فعندما يسرق البارون خصلة شعرها وتحاول استعادتها، يطير الشعر في الهواء ويتحول إلى نجمة.
أسهم بوب في مسرحية أديسون كاتو فضلًا عن كتابة الجارديان، والمشاهد. وفي هذا الوقت بدأ العمل لترجمة الإلياذة، والتي كانت عملية شاقة، بدأ النشر في عام 1715 ولم ينته حتى 1720.
في عام 1714 بدأ الوضع السياسي يزداد سوءا مع وفاة الملكة “آن” والتنازع على الخلافة بين بيت هانوفر وحركة اليعاقبة، مما أدى إلى اندلاع “التمرد اليعقوبي” عام 1715، ورغم من أنه من المتوقع من بوب ككاثوليكي أن يؤيد اليعاقبة، بسبب انتمائاتهم الدينية والسياسية، فإنه وفقًا للباحث “ماينارد ماك” فلا يوجد ما يوضح موقفه من المسألة.
مقاله عن النقد
نشرت «مقالة عن النقد» للمرة الأولى بتوقيع مجهول في 15 مايو 1711، وبدأ بوب بكتابة القصيدة في بداية مسيرته، واستغرق نحو ثلاث سنوات حتى انتهى منها.
تم نشر القصيدة بأسلوب المقطع الشعري البطولي، وكان هذا النوع الجديد من الشعر متوسط الانتشار في الوقت. كانت «مقالة عن النقد» محاولة لتحديد وتحسين موقعه كشاعر وناقد.
ترجمة هوميروس
كان ألكسندر بوب من المفتونين بهوميروس منذ الطفولة، وأعلن في عام 1713 عن خطط لنشر ترجمة الإلياذة، حيث سيكون العمل متاح من خلال الاشتراك، مع ظهور مجلد واحد كل سنة على مدى ست سنوات. وضمن بوب صفقة ثورية مع الناشر برنارد لنتوت، والتي جلبت له مائتي جنيه للمجلد، وهو مبلغ كبير جدا.
ظهرت ترجمته لإلياذة هوميروس بين عامي 1715 و 1720.
تويكنهام والمغارة
أتاحت له الأموال التي جناها من ترجمة هوميروس بالانتقال إلى فيلا في تويكنهام في 1719، حيث قام بتشكيل المغارة والحدائق المشهورة. وزين بوب المغارة بالمرمر والرخام، وخامات مثل الموندك والبلور. كما أنه استخدم أيضا الماس الكورني والمقرنصات والساريات وحجر الثعبان والإسفنج الحجري. كما وضع عددا من المرايا ومفاخر أخرى في من العصر الأغسطي حول المغارة. وقيل أن بوب ذكر أن: «لو كانت به حوريات – فسيكتمل به كل شيء».
ترجم بوب أيضا ملحمة الأوديسة وشجعه في هذا نجاحه في إلياذة هوميروس، وظهرت الترجمة في عام 1726، لكن هذه المرة واجهته مهمة شاقة، واستعان بوليام برو وإيلايجا فنتون، وحاول بوب إخفاء تعاون الفريق معه، ولكن تسرب السر، ولحقت بعض الضرر بسمعة بوب لبعض الوقت، ولكنه ربح على الجانب المادي.
وفي هذه الفترة أيضاً تم توظيف بوب من قبل الناشر جاكوب تونسون لإصدار طبعة جديدة فاخرة لشكسبير، ظهرت هذه الطبعة في عام 1725، ونظم أوزان شكسبير للشعر وأعاد كتابة شعره في عدد من المواضع.
كما قام بإنزال حوالي 1560 جملة من مواد شكسبير إلى الهوامش، بحجة أنها كانت «غاية في الرداءة» بحيث أنه لا يمكن أن يكون شكسبير قد قام بكتابتها.
وظهرت طبعة ثانية من شكسبير بقلم ألكسندر بوب في عام 1728، ولكنه لم يقدم الكثير في هذه الطبعة، و رفض معظم محرري شكسبير في القرن الثامن عشر نهج بوب لنقد النص. ومع ذلك فإن الكثيرين شكروا مقدمة بوب. وقد وردت فكرة أن نصوص شكسبير تأثرت بسبب ارتجال الممثلين الذين أثروا على المحررين في معظم القرن الثامن عشر.