يصادف فى مثل هذا اليوم مولد "المؤرخ أحمد شفيق بن حسن موسى(28 مايو 1860 – 17 أكتوبر 1940)، وُلد أحمد شفيق بن حسن موسى في 28 مايو 1860 بحي السيدة زينب بمدينة القاهرة، ألحقه والده بالكُتاب حيث حفظ القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ثم انتقل إلى مدرسة المبتديان، وتلقى فيها التاريخ والجغرافيا، والحساب والهندسة، واللغة العربية والخط، ودرس اللغة التركية والإنجليزية والفرنسية والألمانية.
وبعد عامين من الدراسة انتقل إلى المدرسة التجهيزية وظل بها عاماً، ثم نقل إلى مدرسة القبة؛ حيث أنهى بها تعليمه الثانوي، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه سنة 1885، حيث درس بكلية الحقوق بباريس، القانون والاقتصاد والعلوم السياسية.
عاد أحمد شفيق إلى مصر في أواخر حكم الخديوي توفيق، فعمل سكرتيراً لناظر الخارجية، ثم عُين رئيساً لقلم الترجمة بالقصر سنة 1893 بعد تولي الخديوي عباس حلمي حكم مصر، حيث أنس فيه الكفاءة والقدرة وحسن التصرف، ثم جعله سكرتيراً خاصاً له سنة 1897 بعد أن ازدادت ثقته فيه، وعهد إليه بمهام صعبة كان يؤديها على خير وجه، كما كان يؤازره في نضاله ضد الاحتلال البريطاني، ثم أسند إليه رئاسة الديوانين العربي والإفرنجي في سنة 1905.
أسندت إلى أحمد شفيق إدارة ديوان الأوقاف الأهلية سنة 1910 للاستفادة من خبرته وقدرته على إصلاح ديوان الأوقاف الذي أوشك على الإفلاس، فنهض بالعمل، ووضع اللوائح التي تنظم سيره، وقضى على الفساد المستشري في الإدارة، وبدأت ثمار عمله تظهر؛ حيث تحسنت الأراضي الزراعية. كما أنشأ الشعبة الأزهرية للارتقاء بالوعظ والخُطاب في المساجد التابعة للإدارة، كما شيد مبنى ضخماً لطلاب المعهد الديني بطنطا، ومعهداً آخر في دمياط.
بعد نشوب الحرب العالمية الأولى وخلع الإنجليز للخديوي عباس حلمي من منصبه في 19ديسمبر1914، سافر أحمد شفيق إلى الآستانة ليكون بجوار الخديوي في محنته، وظل معه حتى سنة 1921، ثم عاد إلى مصر لتبدأ مرحلة جديدة في حياته، أكثر خصوبة في الإنتاج، وأشد تأثيراً في ميدان العلم والثقافة.
بدأت بوادر عناية أحمد شفيق بجوانب الإصلاح منذ وقت مبكر، حيث كان واحداً ممن أسهموا في صدور القانون رقم (1) لسنة 1908، الخاص بإصلاح الأزهر؛ حيث نص القانون على إنشاء مجلس أعلى لإدارة الأزهر يرأسه شيخ الجامع، ويتألف من ستة أعضاء، يقوم بوضع ميزانية الأزهر، والإشراف على معاهده، وتنظيم الدراسة به.
بعد رجوع أحمد شفيق إلى مصر سنة 1921، تفرغ للقراءة والتأليف، وشهدت الفترة التي امتدت حتى وفاته إنتاجاً خصباً، وشغل نفسه بالكتابة التاريخية، وبدأ في نشر مذكراته عن الفترة التي عاشها قريباً من السلطة والحكم، والتي صدرت في ثلاثة أجزاء وأربعة مجلدات.
يتناول الجزء الأول من سنة 1873 وحتى وفاة الخديوي توفيق، والجزء الثاني 1892 وحتى سنة 1914، ويقع في قسمين. أما الجزء الثالث فقد خصصه للفترة من سنة 1915 وحتى سنة 1923.
أما أضخم أعماله فهي حولياته السياسية التي صدرت في سبعة أجزاء، ضمت (10500) صفحة، وزينها بمئات الصور الوثائقية، وقد بدأها بأحداث سنة 1924 حيث انعقاد مجلس النواب المصري، فأصبح عام انعقاده عاماً تاريخياً في حياة الأمة المصرية.
وقدم شفيق للموسوعة بمقدمة طويلة بلغت مجلدين، سجل فيها تاريخ مصر منذ عهد محمد علي حتى سنة 1924، وسجل في حولياته أحداث كل سنة، ووقائعها التاريخية التي تنشرها الجرائد والدوريات، فأصبحت كأنها جريدة الجرائد تحوي حوادث العصر ووقائعه ووثائقه من خطب ومراسلات ومحادثات تعين الباحثين للرجوع إليها بدلاً من مراجعة مطولات الصحف.
إلى جانب ذلك ألف بالفرنسية كتاب "الرق في الإسلام"، و"مصر الحديثة والنفوذ الأجنبي بها"، وله أيضاً "قناة السويس مفخرة القرن التاسع عشر"، و"أعمالي بعد مذكراتي..
وقد اقترن ابنه بــ الأميرة أشرف الشقيقة التؤم لشاه إيران الأخير محمد رضا بهلوي.
وبعد حياة مليئة بالعمل الجاد في خدمة الوطن تُوفِّي أحمد شفيق في 17أكتوبر1940.