غموض كبير يحيط بـ مستقبل الدولار الأمريكي، بعد تفاقم أزمة سقف الدين الأمريكي، وعزوف بعض دول العالم عن التعامل بالعملة الأمريكية، في بعض المعاملات التجارية، بجانب حركة البريكس الهادمة إلى إقصاء الأخضر عن الاحتياطي العالمي، أو على الأقل تقليص حصته، وبالتزامن مع هذا وذاك، خرجت كريستالينا جورجيفا، مدير صندوق النقد الدولي، للإدلاء بتصريحات من شأنها طمأنة المجتمع الدولي على مستقبل الدولار، فيما يقول الواقع عكس الرسالة التي تحاول نشرها.
صندوق النقد يتحدث عن مستقبل الدولار
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أمس خلال منتدى قطر الاقتصادي في العاصمة الدوحة، على قوة الدولار الأميركي، موضحة أنها لا تعتقد في صحة التخلي عن الدولار، مستبعدة أي تغيير سريع في حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية.
وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي، إلى أن مكانة الدولار تستند إلى قوة الاقتصاد الأميركي، وأنه على امتداد عشرات السنوات، يأتي الدولار من قوة أسواقه المالية، مرجحة عدم تراجع معدلات الفائدة العالمية قبل عام 2024 أو أوائل 2025.
وأكدت جورجيفا، أنها تثق في الولايات المتحدة وعدم تخلفها عن سداد الديون.
ورغم هذه التصريحات إلا أن الحكومة الأمريكية، قد تتخلف بالفعل عن سداد فواتيرها الشهر المقبل، وإذا لم يرفع الكونجرس سقفًا قدره 31.4 تريليون دولار على الاقتراض الحكومي، وهو فشل قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية وذعر في الأسواق المالية العالمية.
قوة الدولار غير حقيقية
في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات، إن تصريحات كريستالينا جورجيفا، مدير صندوق النقد الدولي، بشأن قوة الدولار، وأنه سيظل العملة الأولى عالميا، وعملة الاحتياط العالمي، وأن عرشه لن يهتز في ظل حركة التخلي التي تحاول تنفيذها بعض الدول، وأيضا تعرض أمريكيا للإفلاس وقدرتها على سداد ديونها، يمكن اعتبار كل هذا تصريحات سياسية أكثر من كونها تصريحات اقتصادية.
20% تراجع في حصة الدولار
وأضاف سيد، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أنه بالنسبة فيما يتعلق بمكانة الدولار في الاقتصاد العالمي، فلا يوجد أي شك أن الدولار يتعرض لهزة كبيرة خاصة خلال الـ 10 سنوات الأخيرة، ولم يعد الأخضر هو العملة الرئيسية التي تسيطر على معظم الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن هناك 60 دولة فقط لا تزال تتعامل بالدولار، بالتزامن مع تراجع حصة الدولار من حجم التجارة العالمية من 85% إلى أقل من 60%، خلال عام 2022 الماضي.
وأكد سيد، أن الدولار تراجع بشكل كبير، في مقابل صعود عملات أخرى، مثل الروبل الروسي، والروبية الهندية واليوان الصيني، واليورو، وهناك توجه من كثير من الدول للتعامل بالعملات المحلية والاستغناء عن الدولار، ضمن عمليات التبادل التجاري مثل الصين وروسيا أو البرازيل.
تأثير تراجع الاقتصاد الأمريكي على الدولار
وأوضح أن هناك دولا كثير بدأت في استخدام سلة من العملات بجانب الدولار، فكل هذه الدلائل تشير إلى أن الدولار لم يفقد دوره كعملة أولى، ولكن تشير إلى تراجع كبير مقارنة بعملات أخرى في العالم، وذلك بسبب ضعف الاقتصاد نتيجة الأزمات التي يواجها الاقتصاد الأمريكي من جائحة كورونا في عام 2021 و2022، والتداعيات الاقتصادية للحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومعدلات التضخم ورفع معدلات الفائدة.
واختتم أن الحديث عن استمرار انفراد الدولار بالهيمنة على الاقتصاد العالمي هو قول غير صحيح كما ورد في تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في منتدى قطر الاقتصادي في الدوحة.
وكان وزير المالية، بالمملكة العربية السعودية، وقطر، انضما إلى جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي، في حلقة نقاشية، مؤكدين على أن هناك حاجة إلى قرار عاجل، حيث قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان: "آمل أن تسود الحكمة وأن تسود عاجلاً (وليس آجلاً) ليس من السهل اللعب مع الأسواق الدولية، وعندما يصابون بنزلة برد، سيعطس الجميع".
من جانبها، قالت جورجيفا، إن الدولار من المرجح أن يظل عملة احتياطي عالمية على الرغم من المناقشات المتزايدة حول تحركات الدول لتقليل اعتمادها على الدولار، والمعروف باسم "إزالة الدولرة، مضيفة: "لا نتوقع حدوث تحول سريع في احتياطيات (الدولار)؛ لأن السبب في أن الدولار هو عملة احتياطية يرجع إلى قوة الاقتصاد وعمق أسواق رأس المال".