علق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، على البيان الذي أصدرته الخارجية اليوم ردًا على البيان الإثيوبى.
وقال شراقي لـ "صدى البلد" إن بيان الخارجية المصرية اليوم جيد ويرد على أهم الأكاذيب والادعاءات الإثيوبية فى ردها على قرار القمة العربية فى جدة.
وأضاف شراقي إثيوبيا ردت على قرار جامعة الدول العربية (جدة 2023) بشأن سد النهضة فى بيان أصدرته الخارجية الإثيوبية يكسوه العديد من الافتراءات والادعاءات ، وأعربت فيه عن خيبة أملها إزاء ذلك القرار العربى الذى يدعم الحقوق المائية لمصر والسودان، ويدعو إلى عدم اتخاذ قرارات أحادية، والتأكيد على أهمية التفاوض للوصول إلى اتفاق قانونى عادل ومتوازن وملزم.
وأضاف أن الخارجية الاثيوبية أوضحت أن القرار العربى الخاص بسد النهضة يعد إهانة للاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء التى تسعى جاهدة للتفاوض على حل ودي لمسألة سد النهضة، وأن القرار يتعارض مع التاريخ والقيم المشتركة لشعوب إفريقيا والعالم العربي.
وتساءل هل كانت تنتظر إثيوبيا من الجامعة العربية تأييدها فى اتخاذ قرارات أحادية، واضرارها بالحقوق المائية لمصر والسودان حتى تصاب بخيبة أمل فى القرار؟
وتابع " كما أن مناقشة قضية سد النهضة فى الجامعة العربية لا يتعارض مع الاتحاد الأفريقى أو أى منظمة دولية أخرى، وسبق أن تم مناقشة تلك القضية في مجلس الأمن مرتين 2020 و 2021، والعديد من المرات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى خطابات الرئيس السيسى، وفي الجامعة العربية، وبرعاية الاتحاد الأفريقى منذ 2020 حتى الآن، وفى العديد من المحافل الدولية"
.
وأوضح أنه كما ذكرت الوزارة أنه في عام 2015 ، وقعت مصر وإثيوبيا والسودان اتفاقية إعلان المبادئ، وذكرت أنها تنص بوضوح على أن بناء السد يجب أن يستمر إلى جانب المفاوضات حول المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بالملء الأول وتشغيله لا ينص أى بند من البنود العشر فى اتفاق المبادئ على بناء سد النهضة إلى جانب المفاوضات، ولكنه فى البند الخامس الخاص بالتعاون فى الملء الأول وإدارة السد نص على: "الاتفاق على الخطوط الارشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتى تشمل كافة السيناريوهات، بالتوازى مع عملية بناء السد" وكذلك بالنسبة للتشغيل، والنص يربط بين الاتفاق ومواصلة البناء ولكن لم يحدث اتفاق على قواعد الملء الأول أو التشغيل حتى الآن، وكان مقرراً اجراء بعض الدراسات الفنية عن طريق المكتب الفرنسى (BRL) خلال 12 شهر للاستعانة بها فى وضع تلك القواعد والارشادات، إلا أن إثيوبيا عرقلت عمل أى من هذه الدراسات فى نوفمبر 2018 حتى الآن.
وأشار إلى أن الخارجية الاثيوبية ذكرت أيضا أنه قد تم الاتفاق على تفاصيل ملء السد، بما في ذلك الحجم والمدة، من قبل خبراء الدول الثلاث وهذا ادعاء كاذب لأن المفاوضات فى واشنطن (نوفمبر 2019 – نوفمبر 2020) شملت العديد من الموضوعات الفنية منها مراحل الملء الأول وصاغت أمريكا والبنك الدولى الاتفاق، إلا أن إثيوبيا تغيبت يوم التوقيع مما يعنى رفض جميع البنود المتفق عليها واعتبارها كأن لم تكن، فكيف يعتد بجزء منها ولايعترف بباقى بنود الاتفاق؟
وتابع "أوضحت الخارجية الاثيوبية أن إثيوبيا ظلت تراعي مخاوف مصر والسودان طوال المفاوضاتلم يتضح ذلك من خلال التخزينات الثلاثة السابقة حيث كان العامل المحدد الرئيسى هو مدى الانجاز الهندسى فى السد حتى وقت وصول الفيضان بدقائق حيث ترفع المعدات ايذاناً بعبور المياه حاجز الممر الأوسط، فكانت التخزينات مختلفة فى الكم والمدة الزمنية عن ما كانت تعلن اثيوبيا عنه اعلامياً، مثل ماحدث فى التخزين الأول وقطع المياه عن السودان ومصر لمدة 21 يوم فى يوليو 2020 مما أدى إلى إنخفاض مياه النيل الأزرق فى السودان وخروج بعض محطات مياه الشرب عن الخدمة، كما حدث أيضاً فى التخزين الثانى الذى أرادت فيه إثيوبيا تخزين 13.5 مليار م3 إلا أنها وقت الفيضان لم تستطع تخزين أكثر من 3 مليار م3 مما تسبب فى ارتباك فى ادارة السدود السودانية وفى خطة الزراعة المصرية.
ولفت إلى أن إثيوبيا في بيانها أكدت أنها سوف تواصل احترام مبدأ الاستخدام العادل والمعقول لمياه النيل، ونفت بأن إثيوبيا اتخذت إجراءات أحادية الجانب، ووصفتها بأنها سوء فهم متعمد، ولكن لم يتم الاتفاق على الاستخدام العادل والمعقول حيث أن هذا البند فى جميع الاتفاقيات يتعلق بالمياه التي يوفرها المشروع الجديد مثل ماحدث بين مصر والسودان 1959 بالاتفاق على ما وفره السد من مياه كانت تتدفق نحو البحر المتوسط، وحيث أن سد النهضة لايوفر مياه فإن على إثيوبيا استخدام المياه في انتاج الكهرباء دون التأثير على تدفقات النهر الطبيعى إلا بالتوافق بين دولتى المصب المتضررتين بأى نقص.
أما عن نفى إثيوبيا بعدم اتخاذها إجراء أحاديث فحدثنا عن عدم الاتفاق على تصميم السد، والتخزينات الثلاث، وتشغيل التوربين الأول ثم الثانى وفى الطريق التخزين الرابع، وغيره من الخطوات القادمة.
وقال أن الوزارة الاثيوبية ذكرت بأن إثيوبيا تعمل جنبا الى جنب مع السودان بما يخص سد النهضة
وهذا غير صحيح لأن السودان متضرر أيضا ويعترض على القرارات الأحادية وعدم اجراء الدراسات وتبادل المعلومات وخير دليل توقف محطات مياه الشرب عن العمل يوليو 2020 ، والارتباك فى إدارة سد الروصيرص من حيث التفريغ والتخزين المعتاد سنوياً، واشترط السودان ووافقت مصر فى ابريل 2021 فى كينشاسا على عدم اتخاذ قرارات أحادية، ووجود أطراف دولية فعالة فى المفاوضات ورفضت إثيوبيا تلك المطالب، والمفروض هو العمل جنبا إلى جنب بعد الاتفاق مع مصر والسودان معاً.
وأضاف أن الخارجية الاثيوبية وضحت بأن إثيوبيا تشيد بموقف بعض الدول العربية التي حذرت من محاولات مصر تصعيد الأمر، وذكرت الخارجية الإثيوبية بأنها على ثقة من أن أعضاء الجامعة، ولا سيما الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، سوف تنأى بنفسها عن هذا البيان، وذكرت أيضا أنه يجب عليهم منع مصر من إساءة استخدام الجامعة، مما قد يؤدى إلى حدوث صدع في الصداقة والعلاقات التاريخية العربية الأفريقية الدائمة، وكان هناك إجماع عربى على دعم حقوق مصر والسودان، وهذا ليس القرار الأول للجامعة العربية بل سبقه عدة مرات، وأن تحفظ السودان وطلب الصومال بعدم شملها فى القرار بحجة التهدئة كان منذ عامين.
وتساءل ألا تعلم إثيوبيا أن أحد الأهداف الرئيسية من إنشاء الجامعة العربية وهو الحفاظ على الحقوق العربية؟ وأن العلاقات المصرية والعربية الأفريقية علاقات تاريخية وقوية؟ وأن مصر شاركت فى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقة (أصل الاتحاد الأفريقى 2002) وأول قمة أفريقية كانت فى القاهرة 1963؟ وأن مصر هى التى جعلت مقر الاتحاد الأفريقى فى أديس أبابا؟
وأكد أنه فى البيان الاثيوبى إثيوبيا تحث مصر بالتخلي عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل، مستشهدة بالاتفاقات الاستعمارية البائدة والموقف القائم على العقلية الاستعمارية، وأنه يجب على مصر التفاوض بحسن نية والتوصل إلى نتيجة مربحة للجميع، ووضع الأساس للأجيال القادمة في جميع دول حوض نهر النيل لتنمية الصداقة والتعاون على أساس الاحترام المتبادل رغم أن مطالب مصر قانونية بتنفيذ قواعد القانون الدولى، والأعراف الدولية والاتفاقيات السابقة خاصة المبرمة مع اثيوبيا منذ 1891، 1902، 1906، 1925، 1993، وأخيراً اعلان مبادئ سد النهضة 2015، وهى اتفاقيات دولية مسجلة فى الأمم المتحدة، ولا يبطلها أنها تمت فى فترات استعمارية رغم إن إثيوبيا لم تكن مستعمرة فى تلك السنوات وأن القيادات الاثيوبية هى التى وقعت عليها، ومنها حديثا اتفاق 1993 الذى وقعه مبارك وزيناوى، ولا يجوز إلغاء هذه الاتفاقيات من طرف واحد، واتفاقية 1902 تشمل ترسيم الحدود بين السودان واثيوبيا وإعطاء اثيوبيا منطقة سد النهضة (بنى شنقول)، فى مقابل عدم اقامة منشآت مائية تضر مصر والسودان، الإلغاء يعنى عودة الأرض للسودان.
وتابع أن مصر مطلبها الدائم هو عودة المفاوضات للوصول إلى اتفاق قانونى عادل وملزم يراعى مصالح الدول الثلاث، وليس هناك إثبات أفضل من حسن نوايا مصر من التوقيع بالأحرف الأولى على صياغة اتفاق واشنطن 2020 الذى قبلته إثيوبيا والسودان أثناء التفاوض وتراجعت اثيوبيا يوم التوقيع.