صدر حديثًا للدكتور سامى عبد العال أستاذ ورئيس قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة الزقازيق كتاب "العقلانية المرحة..ابتهج بأسئلة طفلك" ويقول الكاتب إن الكتاب مساحةٌ من التفكير الحُر حول الفلسفة والطُفولة، حيث تمثل الفلسفة شيئاً مهماً للأطفال في مجتمعاتنا المعاصرة غرباً وشرقاً، فهي قادرة على تنمية وزيادة وعيهم بما يساير تطورهم العقلي. الفلسفة تأخذ من الأطفال براءة الأفكار والأسئلة وعمقها في الوقت نفسه، وتعطيهم- في المقابل- قدرات فكرية ومنطقية وتعزز لديهم روح الدعابة العقلية.. كلُّ ذلك بدلاً من تركهم نهباً للعنف والإرهاب والفوضى. إن مسألة (الفلسفة والأطفال) موضوعٌ حيوي جدير بالدراسة، وهو ما تحتاجه ثقافتنا العربية كي نرسم مستقبلاً أفضل لأطفالنا في الغد.
[[system-code:ad:autoads]]
"العقلانية المرِحَة" مصطلح يعبر عن رؤى فلسفية واستراتيجيات وتجارب تكتشف جوهر عالمنا الإنساني وتفاهاته بالمثل، وترسم لوحات باسمةً للأشياء والأحداث والناس والمواقف والتواصل. تستجلي مواقعَ البهجة والسعادة فيما يمارس الإطفال وتحثهم على بناء ذواتهم بين الآخرين، إنها تبرز متعةَ التفكير الفلسفي العميق، وتفجر لذة تحليل الأفكار وإبتكار أشكال من المفاهيم والتصورات الأصيلة. هي فنون متجددة للعيش في سعادة واستمتاع بالتفاصيل العقلية وصور الأشياء المحيطة
ويناقش الكتاب دلالة الأسئلة لدى الأطفال باعتبارها نشاطاً عقلياً فلسفياً، فيقترح المؤلفُ أنْ تغادر(الفلسفةُ) أماكنها التقليديةَ بلارجعةٍ، وأنْ ينزل الفيلسوفُ عن المواقع التي تُجمد أفكاره، لتصبح مادةً خصبة للألعاب وصناعةً السعادة والمتعة والبساطة دون إخلالٍّ. ولكن التحدي الكبير من وجهة نظر الكتاب هو: إذا كان الفيلسوفُ صانعاً للأنساق العقلية، فكيف يستطيع أنْ يصنعَ أفكاراً بسيطة؟!، هل يمكن أنْ يكون عقلاً يلهُو ويلعب مع رصانة المعاني وفتح طاقات الشغف والتأمل؟!، بالفعل يستطيع الفيلسوفُ عمل ذلك في عالم الأطفال، لأنَّ الأمر متوقفٌ على أصالة التفكير، لا تغيير الشكل فقط.
ليس الطفلُّ( نقيضَ) الفيلسوفِ على ما يظن البعضُ، لكنهما يلتقيان من طرفي الحياة البعيدة والقريبة. الطفل في مرحلته عقل متفتح ونامٍ وتلقائي بالإمكانية المبدئية لكلمة عقلٍّ، بينما ينشد الفيلسوف هذه الجوانب مارّاً بمعضلات عقليةٍ طاحنةٍ أحياناً. غايةُ الطفل- تحت نظر المجتمعات – أنْ ينمو ويتقدم ويبدع إلى ما ينتهي إليه التفلسفُ(تكوين العقلانية)، في حين أنَّ الفيلسوف يحاولُ إيجادَ أحلامه الطفولية البسيطة بعد درجات التعقيد والتركيب ضمن أفكاره، وكأنَّ الإثنين(الطفل والفيلسوف) يبحثان عن وجههما الآخر في اتجاهين مختلفين، ولكن المفارقة التاريخية أنهما قد أعطيا ظهرهما لبعضهما البعض، فالطفل يتجهُ من البداية إلى النهاية والفيلسوف يعودُ من النهاية إلى البداية. كلاهما يمكن أن يشكل مصدر إلهام للآخر، وهذا فيه عظيم الفائدة لثقافتنا العربية وحياتنا الإنسانية