استضافت مدينة جدة السعودية الجمعة، أعمال القمة العربية العادية تحت عنوان "قمة التجديد والتغيير"، بمشاركة قادة الدول العربية ورؤساء الوفود تقدمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس السوري بشار الأسد.
وترأس أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها الثانية والثلاثين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، حيث تسلمت المملكة رئاسة القمة من الجزائر.
حضور قوي لمصر
وألقى الرئيس السيسي كلمة أمام القمة العربية الـ 32، قائلا: بداية أتوجه بالشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين، الملك "سلمان بن عبد العزيز آل سعود"، ولسمو ولى العهد، الأمير "محمد بن سلمان آل سعود"، رئيس مجلس الوزراء، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وأضاف السيسي: كما أود أن أعرب عن خالص التقدير، للجهود المخلصة، التى بذلها أخي فخامة الرئيس "عبد المجيد تبون"، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة في سبيل دعم العمل العربي المشترك، خلال ترؤس الجزائر للقمة العربية.
وتابع: الإخوة الأعزاء، لقد مرت منطقتنا، خلال السنوات الأخيرة، بظروف استثنائية قاسية هددت على نحو غير مسبوق، أمن وسلامة شعوبنا العربية وأثارت في نفوس ملايين العرب، القلق الشديد، على الحاضر، ومن المستقبل، مشيرا: لقد تأكد لكل ذي بصيرة، أن الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، فرض عين وضـرورة حياة، لمسـتقبل الشـعوب ومقدراتـها فلا يستقيم أبدا، أن تظل آمال شعوبنا، رهينة للفوضى، والتدخلات الخارجية، التى تفاقم من الاضطرابات، وتصيب جهود تسوية الأزمات بالجمود.
وأكد الرئيس، أن الاعتماد على جهودنا المشتركة، وقدراتنا الذاتية، والتكامل فيما بيننا، لصياغة حلول حاسمة لقضايانا.. أصبـح واجبا ومسـئولية، كما أن تطبيق مفهوم العمل المشترك، يتعين أن يمتد أيضا، للتعامل مع الأزمات العالمية وتنسيق عملنا، لإصلاح منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، وفي القلب منها؛ مؤسسات التمويل، وبنــــوك التنميــة الدوليـة التى ينبغى أن تكون أكثر استجابة، لتحديات العالم النامى أخذا فى الاعتبار، أن حالة الاستقطاب الدولي، أصبحت تهدد منظومة "العولمة"، التي كان العالم يحتفي بها وتستدعي للواجهة صراعا لفرض الإرادات، وتكريس المعايير المزدوجة، في تطبيق القانون الدولي.
وتطرق الرئيس للحديث عن القضية الفلسطينية والتصعيد الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، قائلاً: "لقد تابعنا بالحزن والألم، تصاعد حدة بعض الأزمات العربية، خلال الفترة الماضية، لاسيما ما ينتج عن أعمال التصعيد غير المسئولة، من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وآخرها ما شهده قطاع غزة وبينما تؤكد مصر، استمرار جهودها لتثبيت التهدئة، إلا أننا نحذر، من أن استمرار إدارة الصراع، عسكرياً وأمنيًا، سيؤدي إلى عواقب وخيمة، على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء".
وأكمل الرئيس السيسي قائلاً: "لعله من الملائم، أن نعيد اليوم، تأكيد تمسكنا بالخيار الاستراتيجي، بتحقيق السلام الشامل والعادل من خلال مبادرة السلام العربية وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، ومطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
حلول عربية للأزمات
ولفت الرئيس أيضاً للأزمة السودانية قائلاً: اشتعلت كذلك، أزمة جديدة فى السودان الشقيق تنذر إذا لم نتعاون في احتوائها بصراع طويل، وتبعات كارثية، على السودان والمنطقة، كما تستمر الأزمات في ليبيا واليمن، بما يفرض تفعيل التحرك العربي المشترك، لتسوية تلك القضايا، على نحو أكثر إلحاحا، من أي وقت مضي.
وأشار الرئيس للحضور السوري في القمة بعد الغياب الذي دام 12 عاما، قائلاً: "فى نفس السياق، فإن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تعد بمثابة التفعيل العملي للدور العربي، وبدء مسيرة عربية لتسوية الأزمة السورية استنادا إلى المرجعيات الدولية للحل، وقرار مجلس الأمن رقم "2254".
وتابع الرئيس قائلاً "إن الأمن القومى العربي، هو كل لا يتجزأ فقد حان الوقت، لأخذ زمام المبادرة للحفاظ عليه بما في ذلك من خلال الخطوات المهمة، التي بادرت بها دولنا في الفترة الماضية لضبط إيقاع العلاقات مع الأطراف الإقليمية غير العربية، التي نتطلع منها لخطوات مماثلة وصادقة بما يسهم، في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأكد الرئيس السيسي في نهاية حديثه أن "مصر بما عهدتموه عنها على الدوام، ستدعم بكل الصدق والإخلاص، جميع الجهود الحقيقية، لتفعيل الدور العربي إيمانا منها، بأن المقاربات العربية المشتركة، هي الوسيلة المثلى، لمراعاة مصالحنا، وتوفير الحماية الجماعية لشعوبنا، ودفع مسيرة التنمية، خطوات كبيرة للأمام".
من جانبه أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن المشهد الدولي يمر بواحدة من أشد الفترات خطورة في التاريخ المعاصر، فهو زمن استقطاب وتنافس هائل بين القوى الكبرى على حساب القوى الأصغر أو المنفردة، مؤكدا أنه ليس أمام الدول العربية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة سوى أن تستمسك بالمصالح العربية معيارا أساسيا للمواقف الدولية، وأن تلتزم بالتنسيق فيما بينها وبالعمل الجماعي سبيلا أكيد لتعزيز الكتلة العربية في مواجهة ضغوط الاستقطاب.
وقال أبو الغيط، في كلمته خلال افتتاح فعاليات القمة العربية 32 في المملكة العربية السعودية، "إن أزمات منطقتنا العربية لم تجد للحل طريقا بعد عقدا وأكثر من المعاناة والدماء والآلام فملايين العرب ما زالوا لاجئين ونازحين، واليوم أضيف إلى أحزان هذه الأمة حزن جديد في السودان، ويدفع المدنيون ثمنا ضخما للمواجهة المسلحة التي فرضها البعض على هذا البلد العزيز، وآن لتلك المواجهات أن تتوقف وأن تلتزم الأطراف بمبدأ الحوار صونا لدماء الشعب وحفاظا على السودان ومقدراته ووحدته وسلامة مؤسساته الوطنية".
مشاركة مصر بالقمة
وعلق الكاتب الصحفي عماد الدين أديب، على القمة العربية في جدة بالمملكة العربية السعودية، مؤكدا أنها "شهدت الكثير من الأمور الجديدة الهامة".
وأضاف أديب، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، مقدم برنامج الحكاية، المذاع عبر قناة "إم بي سي" مصر، مساء الجمعة، أن علاقات المملكة العربية السعودية المتوازنة مع أمريكا وروسيا تثبت أنها لا تلعب لعبة أحد وما يهمها الأمن القومي.
وتابع الكاتب الصحفي، أن وجود الرئيس الأوكراني في القمة العربية الرجل المفضل لأمريكا في وجود بشار الأسد الرجل المفضل لدى روسيا مفارقة مهمة لأهمية القمة ومكانها.
وفي السياق نفسه أشار الكاتب الصحفي عماد الدين أديب، إلى أن روسيا وإيران اللي كانوا حلفاء سوريا عندهم مشاكل فالملاذ العربي هام جدا، مؤكدا أن كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية مهمة جدا ولازم نقف عندها، وأن الامن القومي العربي لازم يحصل بأيادي ووساطة عربية.