تسيطر حالة من الارتباك على السوق السوداء للعملة في مصر مع تعرض الدولار إلى خسائر خلال التعاملات الأخيرة، وسط زيادة كبيرة في حجم المعروض مع عزوف جماعي من قبل المستوردين على طلب العملة الصعبة من خارج البنوك.
وارتفع سعر الجنيه 12% في السوق السوداء خلال الأسبوع الماضي في ظل تقلص الطلب على الدولار، وجرى تداول العملة المصرية عند حوالي 36 جنيهاً للدولار أمس الخميس، مقارنة بـ42 جنيهاً يوم الجمعة الماضي.
تراجع سعر الدولار
وضعف الطلب على الدولاردفع التجار إلى تقليل النشاط، ويُتداول الجنيه عبر القنوات الرسمية بالبنوك عند مستوى 30.9 أمام الدولار، ويرجع السبب وراء تراجع سعر الدولار في السوق السوداء، إلى تحركات الحكومة خلال الفترة الماضية، والتي تمثلت في:
- إعلان تنفيذ صفقتين ضمن برنامج الطروحات الحكومية، ما يشير إلى عزم الحكومة إلى المضي قدماً في تنفيذ البرنامج خلال العام الحالي.
- قرار مجلس الوزراء بإعفاء الذهب الوارد من الخارج بصحبة الوافدين من الرسوم والجمارك باستثناء ضريبة القيمة المضافة التي تحتسب على المصنعية فقط. وتسبب القرار في تراجع كبير في أسعار الذهب في السوق المصرية خلال الأيام الماضية.
- استمرار الحكومة في الإفراج عن البضائع وخاصة الأعلاف التي كانت مكدسة في الموانئ والتي كانت أحد أهم أسباب لجوء المستوردين إلى السوق السوداء وبالتالي زيادة المضاربات على الدولار وارتفاع أسعاره إلى مستوى 42 جنيهاً في تعاملات الأسبوع الماضي.
- وكان أحد العوامل التي أدّت إلى انخفاض الطلب على الدولار هو دعوة رابطة تجار السيارات في البلاد أعضاءها إلى التوقف عن الشراء من السوق الموازية.
وتراجع نشاط المضاربين في التعاملات الأخيرة،مع غياب الطلب على الدولار الذي جرى تداوله في السوق الموازية عند مستويات 35 إلى 36 جنيهاً، وتسبب هذا التراجع العنيف في أسعار الصرف في تكبد غالبية التجار والمضاربين لخسائر عنيفة.
سد الفجوة الدولارية
ومن جانبه، بعث رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، رسالة طمأنة للشعب بأن الدولة قادرة على سد الفجوة الدولارية، وخلال مؤتمر لتوضيح قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، كشف أن مجلس الوزراء ناقش آليات المتابعة المستدامة لكل تلك القرارات، لضمان المضي قدمًا في تنفيذها.
وفيما يخص أرباح المستثمر، أوضح مدبولي أن الدولة خلال الشهور الأولى للأزمة لم تشهد أي مشكلة تتعلق بتحويل أرباح المستثمر، والدليل على ذلك أنه في خضم الأزمة، سمحت الدولة بخروج 21 مليار دولار مما يُطلق عليه "الأموال الساخنة"، ما يثبت أن الدولة لم تضع أية قيود على دخول أموال المستثمرين وخروجها.
وأكد مدبولي أن الدولة ملتزمة بالكامل بتسهيل خروج أرباح المستثمرين، مضيفا: "أود أن أطمئن المصريين بأن مصر قادرة على سدّ الفجوة الدولارية.. وتوجد اليوم خطة واضحة جدًا لذلك".
وأشار إلى أن حجم الاستثمارات التي سيتم ضخها من جانب المستثمرين المحليين والأجانب ستسهم في تخفيض معدل التضخم، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على مستوى أسعار السلع.
وأضاف: أنه كلما كانت هناك زيادة فى حجم الاستثمارات، تبع ذلك زيادة في كمية العملة الصعبة الموجودة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على قيمة الجنيه، ويسهم في تقييمه بقيمة حقيقة.
وأوضح أن تلك القرارات تسهم أيضاً في إتاحة المزيد من فرص العمل للشباب، قائلا: "الدولة مطالبة بتوفير مليون فرصة عمل جديدة سنويا"، لافتا في هذا الصدد إلى جهود الدولة في ضخ المزيد من الاستثمارات العامة لإتاحة المزيد من فرص العمل.
تراجع أسعار السلع
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، إن السبب في انخفاض سعر الدولار في السوق السوداء بنسبة 12 % يرجع للقرارات والإجراءات الحكومية التي تتخذها الدولة للحيلولة دون تفاقم الأزمة وتفاقم أسعار السوق الموازية للدولار خلال هذه المرحلة الهامة والحساسة.
وأضاف الشافعي في تصريحات لـ " صدى البلد"، أن هذه الاجراءات والقرارات الحكومية التي اتخذتها مؤخراً استطاعت أن تقضي على السوق السوداء وأن تعمل على انخفاض سعر الدولار في هذه السوق ومنها القرارات المتعلقة بالذهب والقرارات المتعلقة بتخفيض الواردات وعدم الاعتماد على السوق السوداء في تلبية احتيجات المستوردين وكذلك الضغط على الدولار حتى لا يتفاقم سعره ويرتفع أمام الجنيه المصري.
وتابع الشافعي أن كل هذه الإجراءات كانت قرارات حاسمة بالاضافة لما اتخذ من قرارات متعلقة بالمجلس الأعلى للاستثمار وهو ما يزيد من الفرص الاستثمارية للدولة والأنشطة وتوطين العديد من الصناعات بالاضافة لطرح الشركات المعروضة داخل البورصة.
واختتم أن كل هذه الأسباب الرئيسية تعمل على تلافي ارتفاع أسعار الدولار في السوق السوداء وكذلك من ضمن الأسباب إلغاء الرسوم الجمركية على الذهب وهي قرارات هامة وحيوية استطاعت أن تعمل على تخفيض سعر الدولار في السوق السوداء وهي قرارات فورية تصب في صالح الاقتصاد المصري، مضيفًا: سنشهد المزيد من التحسن بالعديد من السلع الأساسية في السوق بسبب انخفاض أسعار الدولار في السوق المصري.