انعقدت القمة العربية في جدة بالمملكة العربية السعودية في دورتها الـ32، في ظل المتغيرات المتلاحقة والأزمات المتصاعدة على المستويين الدولي والإقليمي.
العرب والحرب في أوكرانيا
وهدفت القمة العربية لتعزيز التشاور والتنسيق بين الدول العربية بشأن مساع الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وتعزيز المصالح العربية، ويحضر بها زعماء لاول مرة أيضاً.
وانطلقت اليوم الجمعة، القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين، بمدينة جدة غرب المملكة العربية السعودية، بمشاركة زعماء وقادة الدول العربية في مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوري بشار الأسد ، والرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، الذي يزور المملكة للمرة الأولى.
وجاء انعقاد القمة الثانية والثلاثين وسط ظروف دقيقة وغير مسبوقة تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية بين أزمات أمنية وسياسة وأخرى اقتصادية وصحية، بالتوازى مع مساعٍ من قادة دول المنطقة لتصفير المشاكل وحل الأزمات الداخلية ابتداء من القضية الفلسطينية مروراً بالملف السوري والأزمة السودانية وباقى الملفات كاليمن وليبيا ولبنان، لحلحلة تلك الأزمات الإقليمية عبر الحوار مع الأطراف المعنية مدعومة بأجواء إيجابية أضفتها عودة العلاقات السعودية الإيرانية.
وترأس الأمير محمد بن سلمان القمة العربية والذي رحب بمشاركة الرئيس الأوكراني قائلا: "نرحب بكم في بلدكم الثاني، نرحب بضيف القمة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي، ونأمل أن تكلل جهودنا بالنجاح، كما رحب ولي العهد السعودي بحضور الرئيس السوري للقمة".
وفيما يخص ملف الحرب الروسية الأوكرانية وكيف تم تناولها بالقمة العربية؛
جدد ولي العهد السعودي، موقف المملكة الداعم لكل ما يسهم في خفض حدة الأزمة في أوكرانيا، وعدم تدهور الأوضاع الإنسانية بها، مؤكدا استعداد المملكة لاستمرار بذل جهود الوساطة بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا، ودعم كل الجهود الدولية الرامية لحل الأزمة سياسيا؛ بما يسهم في تحقيق الأمن والسلم .
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته أمام القمة العربية، إن الأوكرانيين لم يختاروا يوما طريق الحرب التي تشنها روسيا ولم تذهب قواتنا إلى أراض غير الأراضي الأوكرانية ولم نبدأ بخوض عمليات لنهب موارد غيرنا ولن نخضع أبدا لأي دولة أجنبية.
وأضاف الرئيس الأوكراني - في كلمته أمام القمة العربية في دورتها الـ 32 في جدة، أننا لا نملك العديد من الطائرات المسيرة المقاتلة التي تمدها إيران لروسيا، ولا نملك أيضا الكثير من الأسلحة المدفعية ولكن نحن نبقى أقوياء لأننا نعرف أن الحق إلى جانبنا.
وتابع: نحاول قدر الإمكان دفع الغزاة من أرضنا وأي شخص يدافع عن أرضه من الغزاة وأي شخص يدافع عن الأطفال من الاستعباد فهو محارب على طريق العدالة، وأنا فخور بأنني أمثل هؤلاء المحاربين المقاتلين وكل الشعب الأوكراني.
كييف تبحث عن دعم عربي
وأضاف، أن أوكرانيا لن تخضع لأي دولة أجنبية، ونحن مجبرون على مواصلة القتال، ولا أحد يوافق على تسليم أرضه.
وأضاف زيلينسكي: “أناشدكم حماية الشعب الأوكراني والجالية المسلمة الأوكرانية” ، مقدما الشكر للمملكة العربية السعودية على دعوته للمشاركة في أعمال القمة، كما ثمن الوساطة السعودية للإفراج عن الأسرى الأوكرانيين.
واستطرد قائلا إن المملكة العربية السعودية تلعب دورًا مهمًا ونحن على استعداد للارتقاء بتعاوننا إلى مستوى جديد.
وكان قد أكد الرئيس الأوكراني، في تغريدة له على "تويتر" ، أن زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وعلاقات أوكرانيا مع العالم العربي.
أما عن الجانب الروسي فكانت هناك مشاركة له بالقمة العربية؛
وبعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، برسالة إلى القادة العرب المشاركين بالقمة العربية الـ 32 بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وقال بوتين في رسالته: رؤساء الدول والحكومات الأعزاء، أرحب بكم بمناسبة افتتاح القمة العربية الـ 32 لجامعة الدول العربية، وتولي روسيا أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الودية مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والشراكات البناءة، بما في ذلك إطار الحوار مع جامعة الدول العربية؛ من أجل مواجهة التهديدات والتحديات التي تواجه الإنسانية الحديثة بشكل فعال.
وتابع بوتين: نعتزم مواصلة الدعم الفعال للجهود الجماعية لحل المشاكل الإقليمية الحادة بالطرق السلمية، بما في ذلك الأزمات في السودان واليمن وليبيا وسوريا، وسنواصل تقديم كل مساعدة ممكنة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس المقاربات المنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وكذلك مبادرة السلام العربية المقترحة من قبل المملكة العربية السعودية التي تستضيف قمة جامعة الدول العربية الحالية.
وأردف: نعتقد أن توسيع التعاون متعدد الأوجه بين روسيا والدول العربية؛ يلبي بشكل كامل مصالحنا المشتركة ويتماشى مع بناء نظام أكثر عدلا وديمقراطية للعلاقات الدولية على أساس مبادئ التعددية القطبية والمساواة الحقيقية، واحترام الاهتمامات الشرعية لبعضنا البعض، وأتمنى لكم عمل ناجح وكل التوفيق.
الرهان يشعل الفتن بالمنطقة
وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أنه "لن نسمح أن تتحول منطقتنا ميدانا للصراعات، ويكفينا سنوات من الصراع عانت منها شعوبنا"، متابعا أن "بلاده تأمل في أن يسهم قرار استئناف مشاركة سوريا في مجلس جامعة الدول العربية في دعمها واستقرارها، وعودة الأمور لطبيعتها، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي بما يحقق الخير لشعبها".
ولفت إلى أن "القضية الفلسطينية كانت وما زالت قضية العرب والمسلمين المحورية، مؤكدا أنها تأتي على رأس أولوية سياسات المملكة العربية السعودية الخارجية"، موضحا أن المملكة تكرس جهودها في دعم القضايا العربية، مؤكدا على أنها تعمل على مساعدة اليمن للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية.
وأضاف أن المملكة تأمل في أن تكون لغة الحوار هي الأساس في الحفاظ على وحدة السودان وأمن شعبها، موضحا أن المملكة ترحب بتوقيع طرفي النزاع على إعلان جدة، والالتزام بحماية المدنيين وتسهيل العمل الإنساني .
ولفت إلى أن المملكة تأمل خلال هذه المحادثات على التركيز على وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن المملكة تواصل -بالتعاون مع الأشقاء والمجتمع الدولي- بذل الجهود الإنسانية لتفعيل قنوات الإغاثة لدعم الشعب السوداني الشقيق .
وفيما يخص التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية؛
قال الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى السعودي السابق، إنه يعتقد بأن القمة العربية في جدة ستكون من أهم القمم العربية، مشيراً إلى أنها تم الإعداد لها إعداداً جيداً من قبل الدولة المضيفة "المملكة العربية السعودية"، وذلك عبر تصفيةالأجواء بين القادة العرب من أجل ضمان نجاح القمة.
وأضاف لــ"صدى البلد"، أن البداية كانت ببذل جهد في تبريد الأجواء، مع الدول الإقليمية مثل إيران وتركيا، خاصة الأولى ذات التاثير السلبي بتدخلها في الشؤون العربية من خلال أذرعها في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا.
وأضاف عضو مجلس الشورى السعودي السابق: صحيح المعضلة غير المتوقعةهي ما يحدث في السودان، ولكن ثقتي انه سينظر في حلها، اذا بقيت قضية عربية عربية، ولم تدخل فيها “ايدي اجنبية”.
وأردف: هناك العديد من القضاياالمتعلقة بالأمن القومي العربي المشترك، مثل الامن الغذائي، والأمن المائي، وهما قضيتان مهمتان، ومطروحتان على جدول أعمال القمة، وأهم ما تعقد عليه الآمال من هذه القمة هو أن العرب يقومون بتقرير مصير، والذي يتطلب منهم، مواجهةقضاياهم بأنفسهم دونما أي تدخل من قوى إقليمية، أو دولية،لأن الرهان أو الارتهان على الغير، هو ما يشعل الفتن في منطقتنا.