لاشك أن عالم الجن والشياطين يعد من الخفايا المخيفة، ورغم ذلك يثير فضول الكثيرين فينبشون أسرار هذا العالم سواء بقصد الاستغلال أو حتى من باب الحيطة والتجنب، لذا نجدهم يهتمون بمعرفة علامات وجود الجن في البيت مع اختلاف أسبابهم من الحذر أو الخوف أو حتى تعليق أخطائهم ومشاكلهم على شماعة الجن ، ومن هنا تنبع أهمية معرفة علامات وجود الجن في البيت وكيفية التخلص منهم وطردهم من المنزل.
علامات وجود الجن في البيت
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الله سبحانه وتعالى وصف حال الجن فى القرآن الكريم وقال تعالى: { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ }، منوهًا بأن علاقة الجن بالإنسن هى مجرد وسوسة، فقال الله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَٰهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)).
وأوضح “ وسام” أن الشيطان والجن كل هؤلاء الكائنات توسوس للإنسان، أما ما يحصل من مشاكل ومرض فيبغي علينا أن ننظر فى أسباب ما يقع بينا من بلاء أو مرض، فالمرض فى الغالب يكون له أسباب من عدم الاهتمام والإهمال والتعرض لمسببات الأمراض وهكذا، فعلى المسلم ألا يبادر بإتهام الحسد والسحر فيما يحصل له وإنما ينظر فى الأسباب المادية، التى رتب الله عليها النتائج أولًا، فإن وجد انه ليس هناك سبب مادى، فلا مانع من أنه يتعوذ بما هو مشروع، كالرقية والفاتحة أو بأية الكرسي أو بالمعوذتين.
علامات الجن في المنزل
وجاءت عدة علامات وجود الجن في المنزل ، يمكن من خلالها الاستدلال عليه، وهي كما يلي :
-اختفاء أو انتقال الأشياء من مكانها بالرغم من وجودها الدائم في مكان محدد.
- سماع أصوات غريبة في المنزل عندما يكون الشخص بمفرده مثل صوت أطفال يلعبون خارج الغرفة أو صوت نداء لأحد أفراد العائلة.
- العبث في الإنارة وباقي الأجهزة الكهربائية أو الأدوات القريبة من الشخص، كأن تكون المرأة مثلا في المطبخ وتسمع أصوات ملاعق أو أوانى المطبخ.
- تصفيق الأبواب المفتوحة أو سماع دوى لأصواتها كأنها تفتح أو تغلق.
- سرقة بعض الممتلكات التي لم يذكر اسم الله عليها.
- إشعال النار وحرق الممتلكات بصورة متتابعة بسبب أو دون سبب وغالبًا ما يكون الحريق في الأماكن المغلقة، مثل الدواليب والغرف معصومة الأبواب ودائما يكون الحريق في نطاق ضيق مثل حرق ستارة أو سجاد أو ملابس في دولاب …إلخ وهو لا يحدث إلا في حالة ممارسة عملية تحضير مسبق للجان أو العبث بقراءة إحدى التعاويذ أو الطلاسم.
- إصدار أصوات مرعبة ( بكاء، صراخ، أنين، وضحك)
- رؤية بعض الحيوانات بصورة مفاجئة مثل القطط السوداء أو الثعابين.
- ظهور خيالات حول الشخص مثل الشعور بأن أحدا يمر بجواره أو من خلفه.
- شعور أهل المسكن بانقباض وضيق شديد ونفور من البيت.
- كثرة الأحلام المزعجة والكوابيس والفزع عند النوم، وعندما يمر الإنسان في المكان الذي يتواجد به الجن، يشعر بخفقان مفاجئ في قلبه أو قشعريرة في عامة جسده.
كيفية طرد الجن والشياطين من البيت
ورد أن القرآن الكريم غني بالالفاظ والمعاني العظيمة والعميقة لكل منها أثره وفضله وقد ورد أن اطول كلمة في القران هي كلمة (فأسقيناكموه) المكونة من إحدى عشر حرفاً وردت في سورة الحجر الآية الثانية والعشرين والتي تمثل معجزة من فيض المعجزات التي تضمنها القرآن الكريم، ولكي يتم التحصين لكل من البيت والجسد من الحسد وشرور الإنس والجان يمكن ترديد الأذكار الآتية:
- قراءة القرآن وسماع سورة البقرة يوميا بصوت عال، بالإضافة إلى قراءة آية الكرسى والمعوذتين والفاتحة والزلزلة والصافات، وما تيسر من سورة البقرة على إناء به مياه ورشه في أركان الغرف والأماكن المشكوك فيها، مع التعوذ بكلمات الله التامات كما علمنا النبى (ص) "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ". رواه مسلم في صحيحه.
- وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر حينما سأله عن دعاء يدعوا به في الصباح والمساء: (قل: اللَّهمَّ عالِمَ الغَيبِ والشَّهادةِ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ، رَبَّ كلِّ شيءٍ ومَليكَهُ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ، أعوذُ بِكَ مِن شرِّ نفسي وشرِّ الشَّيطانِ وشِركِهِ، قلهُ إذا أصبَحتَ، وإذا أمسَيتَ، وإذا أخَذتَ مَضجعَكَ).
- لكي يتم تحصين الاطفال توضع اليد على رأسهم وقول: (بسمِ اللَّهِ أرقيكَ، مِن كلِّ شيءٍ يؤذيكَ، مِن شرِّ كلِّ نفسٍ أو عَينٍ، أو حاسِدٍ اللَّهُ يَشفيكَ، بِسمِ اللَّهِ أَرقيكَ).
أنواع الجن
ورد أنه خلق الله سبحانه وتعالى الجن لكي يعبدوه ويقومون بتنفيذ ما يأمرهم به جل وعلا، والابتعاد عما نهى عنه ومثلهم مثل البشر منهم من هو مؤمن يعبد الله ومن هو كافر يعصيه، فمن أساء الفعل في حياته دخل النار، ومن صلح عمله دخل الجنة، وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم بالعديد من السور القرآنية حيث قال تعالى «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)، “سورة الذاريات: الآية 56″، كما قال سبحانه وتعالى (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً، وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا»، “سورة الجن: الآيات 14، 15”.
و قد ذكر علماء الإسلام معلومات عن الجن قالوا بها أنهم مكلفون بالنواهي والأوامر، ومن هو عاصي منهم قد يلحق الأذى بالإنسان بالعديد من النواحي والطرق، ولأن في القرآن الكريم دواء وشفاء من كل مرض حتى إيذاء الجن يوجد الكثير من الآيات والسور والأذكار التي تساعد على الوقاية من أذى الجان والتحصين منه، والجن مخلوقات من نار والدليل على ذلك ما ورد في قول الله سبحانه «وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ»، “الحجر: الآية 27″، ولكنهم مختلفون فيما بينهم بأصل الخلقة حيث يتواجدون على أصناف ثلاثة كما ورد في السنة النبوية المشرفة في حديث الرسول صلى الله عليه عله وسلم «الجِنُّ ثلاثةُ أصنافٍ: صِنفٌ لهم أجنحةٌ يطيرون في الهواءِ، وصِنفٌ حَيَّاتٌ وكلابٌ، وصِنفٌ يَحُلُّونَ ويَظْعنون».
و وفقاً للحديث الشريف فإن الجن متواجدون على أصناف ثلاثة وهي «جن يشبهون الحيات والكلاب وغيرهم من أنواع الحيوانات، جن لديه أجنحة قادرون على الطيران في الهواء، جن يرتحل ويقيم».
وجود الجن في البيت
ونبه الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى أنه قد ذكر القرآن الكريم قضية الجن، وكذا السُنَّة النبوية المطهرة، وهناك إجماع بين المسلمين على وجود الجن وأن هناك عالماً منظوراً وعالماً غير منظور وأن الجن والملائكة والجنة والنار والصراط حق، وهذه من عقائد المسلمين المستقرة والإيمان به واجب فهذا عالم موجود له كينونة وأنه على رأس هؤلاء الجن إبليس.
واستشهد بما قال تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (الكهف: 50)}، و قال تعالى{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ (الأعراف: 27)}، ووصف لنا الله سبحانه وتعالى الجن في الكتاب الكريم وصفاً دقيقاً واضحاً مفصلاً، فقال: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (النساء: 76)} وقال {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (الحجر: 42)} فوصفه بأنه [وسواس] وأنه [خناس] .. أي أن هناك وصف واضح جلي لعالم الجن وكيفية اتصالهم بالإنسان.
ولفت إلى أن هناك فرقًا بين التفكير العلمي وبين الخرافة، فالتفكير العلمي هو الذي جاءنا من الكتاب والسنة .. فهناك عالم من الجن ولهذا العالم خصائص أخبرنا الله عنها: أنهم يروننا من دون أن نراهم، وأنهم لهم القدرة على إلقاء بعض الخواطر عند الإنسان ولكنه بمجرد ذكر الله يخنس ويذهب، وورد في السُنَّة أنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، وأننا نستطيع وبأبسط طريق أن نسيطر عليه فكيده ضعيف جداً، فليس له علينا أي سلطان، كل هذه الأشياء حقائق علمية لأنها ثابتة في كتاب الله المسطور، وفيما صَحَّ عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتابع: لكن الناس الآن مع هذا الإقرار بالوجود وهذا الإقرار بأن شيئاً ما من هذه الأذية قد يحدث من طرف الجن بإذن الله وبأن هذه الأذية لا يمكن أن تستمر وبأن هذه الأذية ضعيفة جداً يغالون جداً في هذا ونسبوا كل مرض عضوي أو نفسي إلى الجن ونسبوا كل مرض مزمن إلى الجن ..... وهذه مصيبة.
وشدد على أنه ينبغي علينا أن نفرق بين الجن وأحواله وأقسامه وأنه من نار وأنه كما يقول القرآن الكريم على لسانهم {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً (الجن: 11)} وأنه منهم المؤمنون والصالحون ومنهم الفاسقون والكافرون وبين ما يدَّعيه الناس من أن كل شخص عنده صداع أو تخيلات أو عنده انفصام في الشبكية أو في مراكز المخ فيدَّعى أن عليه جن، فهذه قضية وهذه قضية أخرى.
وبين أن الجن كما ورد في الكتاب والسنة في منتهى الضعف وفي منتهى الانفصال عن البشر، ليس له إلا قضية الوسوسة وليس له قضية إلا إلقاء مثل هذه الخواطر التي إذا ما خطرت في ذهن وقلب الإنسان شوَّشت عليه آراءه أو فكره، فعليه أن يستعيذ منها بذكر الله فإذ به يخنس ويبعد ولا يمكن أن يكون له أي سلطان في حريته أو في إرادته أو في جسدمه وكذا... إلخ.
واستطرد: إذن ينبغي على الناس أن تفهم أن هناك فرقاً كبيراً بين الإيمان بعالم الجن والإيمان بخصائصه كما وردت في الكتاب والسُنَّة، وبين تحميل كل شيء من غير علم على الجن، فنحن الآن عند خط دقيق جداً بين العلمية وبين الخُرافة .. تحميل كل شيء على الجن هذا خُرافة، وهذه تَكِر عند بعض الناس بإنكارهم الدين - والعياذ بالله تعالى - فهم ينكرون ما ورد في الدين لمغالاة الناس في التطبيق ويقولون ما هذا؟! ولماذا لا يتسلط الجن إلا على المسلمين؟! فنحن لا نسمع هذا إلا عند المسلمين المعاصرين فقط.