الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هالة أمين تكتب: هل يؤثر الإخوان على محاكمة حفيد البنا في سويسرا؟

هالة أمين
هالة أمين

يمثُل الأكاديمي طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا أمام محكمة الجنايات في جنيف لمدة يومين اعتبارًا من غدٍ، الاثنين؛ بتهمة الاغتصاب والإكراه الجنسي في قضية تعود إلى ما يقرب من 15 عامًا، حيث تؤكد صاحبة الدعوى السويسرية -التي تعرف في الإعلام الغربي باسم مستعار "بريجيت" لأنها تعيش تحت التهديد من أنصار رمضان-، أن رمز الإخوان ونجمها السابق في أوروبا، اقتادها إلى غرفة فندق في جنيف مساء يوم 28 أكتوبر 2008 وتعرضت على يديه لأفعال جنسية وحشية مصحوبة بالضرب والشتائم.

للقضية في سويسرا أهمية خاصة، أولا لأنها ليست دولة أوروبية عادية، بل هى محور شبكة الإخوان فى أوروبا، وذلك لرمزيتها الكبيرة، وإقامة أسرة سعيد رمضان، صهر "البنا"، هناك، ووجود عدة عائلات إخوانية شهيرة أخرى، وهى الأرض التى تستضيف عدة موجات من العناصر المنتمية إلى الجماعة منذ الخمسينيات.

وبشكل أكثر تحديدا فإن مثول حفيد البنا في محكمة بالعاصمة السويسرية جنيف، يعد أمرا يزيد من سقوط رمضان فهي المدينة التي ولد ونشأ فيها والتي كان يدير والده سعيد رمضان منها خطط وتمويلات الجماعة التي كانت تصل إليها منذ هروبه من مصر، لأنه بعد هروب العديد من أفراد الجماعة فى سويسرا فى ٥ مناطق رئيسية، هى جنيف ونيوشاتيل وفو وتيسينو وزيورخ، وتتزعم تلك المناطق عائلات إخوانية هى عائلة رمضان فى جنيف، وعائلة كرموس فى نيوشاتيل وفو، وعائلة يوسف ندا وغالب همت فى تيتشينو وزيورخ.

ولذلك أصبحت جنيف منطقة حصرية لسلالة "رمضان"، وهى وريثة سعيد الذى أسس فى جنيف عام ١٩٥٩ مركزًا إسلاميًا هناك امتد نفوذه إلى الكثير من الدول الأوروبية خارج سويسرا، وبعد وفاته فى عام ١٩٩٥، تولى ابنه الأكبر "هانى" منصب رئيس المركز الإسلامى فى جنيف والذي توسع في بسط نفوذ العائلة في سويسرا حتى بعد وفاة سكرتير البنا وصهره، ففى عام ٢٠٠١، أنشأ مؤسسة باسم سعيد رمضان، ويتألف مجلس إدارتها من أفراد الأسرة، وهم أرملته وفاء وأبناؤه هانى وأيمن وياسر وبلال وطارق وابنته الوحيدة "أروى".

ثانيا تكمن أهمية المحاكمة في سويسرا في إزالة الخوف من قلوب نساء أخريات لأنه يشتبه في وجود ضحايا أخريات إلى جانب المدعية الملقبة بـ"بريجيت" الذين يلتزمون الصمت خوفًا من انتقام أنصار رمضان من جماعة الإخوان وذلك وفق تحقيق نشرته صحيفة تريبيون دو جنيف السويسرية قبل سنوات، يشير إلى إغواء حفيد البنا عددا من طالباته في مدرسة ثانوية تترواح أعمارهم بين 15 و18 عاما، عندما كان يشغل منصبا تدريسيا هناك.

ثالثا المحاكمة في سويسرا ستسهم في فتح محاكمات جديدة في فرنسا وهي الدولة الأوروبية الأخرى التي تقدمت أربع نساء بدعاوى ضد حفيد البنا يتهمنه فيها بالاغتصاب والإكراه الجنسي.

رابعا ربما تحرك المحاكمة الرأي العام السويسري وتلفت نظر الساسة هناك إلى خطورة المخططات الإخوانية وعناصر الجماعة والخلايا النائمة للإخوان على الأراضي السويسرية.

وبرغم كل ما سردته من أهمية محاكمة حفيد البنا على جميع الأصعدة والتي تمتد حتى إلى الشرق الأوسط ومصر والمنطقة التي عانت لعقود من تحركات وأنشطة جماعة الإخوان الإرهابية ولهثها وراء السلطة من خلال خداع الشعوب هناك ولعبها بورقة الدين، والذي تسبب في الكثير من الدمار السياسي والاقتصادي الذي تحاول الحكومات حتى الآن التخلص من آثاره السلبية العنيفة، إلا أن هناك ما يمكن أن يعرقل سير العدالة في سويسرا وهو نفوذ الإخوان الكبير فيها.

فمنذ وصول عناصر الإخوان إلى سويسرا في خمسينيات القرن الماضي قاموا بتوسيع دائرة نفوذ التنظيم فى البلاد فى ظل سيطرة ٤ عائلات إخوانية على الدوائر المالية والاجتماعية فى ٥ مناطق كبرى فى البلاد عن طريق إنشاء منظمات خيرية تتبع للإسلام السياسي كستار لإخفاء تمويلات الجماعة وأيضا إنشاء عدة بنوك منها بنك التقوى الذي أسسه القيادي الإخواني يوسف ندا بالإضافة إلى ضخ الكثير من الأموال في البنوك السويسرية إلى الآن، ولذلك فإن الحكومة السويسرية عادة ما تتحسس أمرها فيما يتعلق بقرارتها ضد جماعة الإخوان وهل سيؤثر على ضخ الأموال فى بنوك البلاد أم لا، ولا يزال الساسة وصناع القرار في سويسرا مترددين عندما يتعلق الأمر بجماعة الإخوان المسلمين وممثليها.

وأخيرا من المتوقع صدور الحكم في 24 مايو الجاري والذي سيثير جدلا واسعا أيا كان، ولكن نأمل أن تقوم العدالة السويسرية بواجبها ولا تخضع لنفوذ لوبيهات أو فساد أو ضغوط من جماعة الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي التابعة لها هناك.