الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم شعبان يكتب: الانتخابات التركية.. أردوغان ومنافسوه

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

لا أحب أن أبدا الكتابة عن تركيا من منطلق التعصب، رغم أن بعض السياسات التي تبناها أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 20 عاما وبالتحديد في 2002 مستفزة ومثيرة للأعصاب، ولكل المتابعين للشأن التركي.

وقبيل ساعات من انطلاق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية 14 مايو في تركيا، تتعالى الأصوات والتساؤلات حول مستقبل أردوغان، بعد عقدين في حكم تركيا وشكل الانتخابات القادمة في البلاد والمنافسة فيها.


والحقيقة أن، الانتخابات القادمة في تركيا هى أصعب انتخابات يواجهها حزب العدالة والتنمية "الإسلامي"، الحاكم في تركيا وستكون لنتيجتها انعكاسات مباشرة على المنطقة العربية.

وبهدوء شديد، يمكن إجمالي المشهد عن الانتخابات التركية الحاسمة في أنقرة كالتالي:-

يواجه الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان موقفا بالغ الصعوبة، وخصوصا أمام مرشح المعارضة الرئيسي، كليجدار أوغلو، والسبب استياءا تركيا داخليا على مختلف الأصعدة، فنسب التضخم وفق المعلن رسميا وصلت، 44% لكن المراقبين للداخل التركي، يرون إنها تخطت الـ100% ومع ذلك يرفض أردوغان رفع الفائدة، لينخفض التضخم وهى نقطة خلاف رئيسية مع معارضيه. في حين إنه لو فعل ذلك وفق أراء اقتصادية محايدة، فقد ينخفض معدل التضخم الرهيب إلى 30% بنهاية العام الحالي 2023.


ويختلف المعارضون لأردوغان على تشديد سلطاته الرئاسية، والتوسع في صلاحياته والانقلاب على النظام البرلماني الذي كان يحكم من خلاله رئيس الوزراء، في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل عليه عام 2016، ما دفعه لتوسيع صلاحياته الرئاسية. ويعد كليجدار الناخبين، إنه لو فاز في الانتخابات القادمة سيعيد تركيا إلى النظام البرلماني واستعادة منصب رئيس الوزراء، وإنه سيضمن استقلال المحاكم وتعزيز الحريات الصحفية.

وفي الوقت الذي يفتح فيه أردوغان تركيا للجميع وبالخصوص ملايين اللاجئين من دول عدة في مقدمتها سوريا، وقال مرة في إحدى خطبه بشكل شعوبي:"إن تركيا ستظل مأوى للقادمين من سوريا وأوكرانيا وأفغانستان وغيرهم"، فإن مسألة استباحة الوطن التركي بهذا الشكل، مثيرة للأتراك أنفسهم ووفق استطلاعات فإن 80% من الأتراك، يرفضون وجود ملايين اللاجئين السوريين، 3.5 مليون لاجىء سوري بينهم، وهى النقطة التي استغلها كليجدار في خطابه، ووعد بإعادتهم بشكل طوعي الى بلادهم، عبر استعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد في غضون عامين.

وطوال الأسابيع الماضية، هناك حالة ارتباك واضحة في صفوف أردوغان وحزبه، واستطلاعات الرأي

وان لم تكن دقيقة تماما كما هو الحال في واشنطن وباريس وبرلين وغيرهم، من الدول الغربية- تشير فعليا الى تقدم كليجدار أوغلو، مرشح الأحزاب الستة المعارضة في تركيا. علاوة على وجود استياء واسع لسياسات أردوغان في المناطق التي ضربها الزلزال المدمر، وأدت لوفاة 50 ألف شخص وهذه كانت معاقل تقليدية لحزبه الحاكم.

النقطة التي يفتقدها أردوغان في هذه الانتخابات، هى انقطاع الصلات بينه وبين الأكراد منذ عام 2015، فهذه الانتخابات تكتسب أهمية حقيقية بالنسبة لأكراد تركيان والذين يشكلون نحو خمس سكان تركيا. وهناك معضلة في وجه أردوغان، فواحد من بين كل 10 ناخبين يدعم حزب الشعوب الديمقراطي، وقد اعلن الحزب رسميا تأييده لمنافس أردوغان، كيلمجدار وهذه أيضا ورقة اخرى يخسرها أردوغان.


وعلى الناحية الثانية، يعد أردوغان الشعب التركي بتوفير 6 ملايين وظيفة وازدهار السياحة التركية بشكل أكبر مما هو موجود الأن، حال فوزه. كما إنه قرر رفع الحد الأدني لأجور قطاع العمالة الحكومية بنحو 45% بداية من يوليو القادم، وقال أردوغان،  إنه مع هذه الزيادة فسيرتفع أدنى راتب للعمالة الحكومية في بلده، إلى 15 ألف ليرة تركية أي حوالي 768 دولارًا – وهو ما يفيد نحو مليونا و237 ألف موظف. ولكن الخبراء الاقتصاديين، يرون أنه لو فاز أردوغان مجددًا فإن نسبة التضخم ستظل مرتفعة، كما أن الليرة التركية، التي فقدت الكثير من قوتها لن تقف على قدميها مجددا.

الحاصل على الصعيد العربي والإسلامي، فإن أردوغان لم يتحرك بشكل كاف نحو الدول العربية طوال فترة حكمه، لكنه لعب بانتهازية كبيرة على كافة الملفات، وفي وقت من الأوقات وقبل التحركات الدبلوماسية النشطة خلال العامين الأخيرين، كانت تركيا على عداء واضح مع مصر والسعودية والإمارات. كما أن القضية الفلسطينية التي تشدّق بمناصرتها، فقد اتخذ أردوغان مواقف شعبوية تدغدغ مشاعر الشارع العربي والإسلامي دون قرارات حقيقية أو تحرك للضغط على اسرائيل من واقع علاقات بلاده المتينة للغاية لتغيير سياسات قادة إسرئيل.

والخلاصة.. انتخابات تركيا القادمة "ملغومة"، فلو خسر أردوغان، فمنافسوه والمرشح الرئيسي أمامه كليجدار لايبدو إنه يحب العرب، أو سيتفاعل معهم وهناك اشتباكات كثيرة، ولكنه سيعمل على التودد للغرب من جديد بكامل قوته لإصلاح علاقات تركيا في الناتو، والعزف على النغمة القديمة والحلم الأبدي بالانضمام للاتحاد الأوروبي. أمام لو نجح أردوغان فمن غير المتوقع للأسف، إحداث تغيير كبير في سياساته في فترته الرئاسية التي ستكون الأخيرة حتما له، وعلينا التعامل مع الأمر الواقع فيما هو قادم في تركيا.