لعلنا نتابع جميعا محاولات حصار الدولة المصرية عبر حدودها عن طريق افتعال نزاعات مسلحة فى محاولة لجرنا لحروب ليس لنا بها ناقة ولا جمل، وكل ذلك من أجل تمرير مشروع الوطن البديل.
فى عام 2009 اقترح الجنرال «جيورا إيلاند» -الرئيس السابق لمجلس الأمن القومى الإسرائيلى- تصوراً لحل نهائى لإقامة الدولة الفلسطينية، يقوم على مضاعفة مساحة غزة مرتين أو ثلاث مرات، وذلك بضم 600 كيلو متر مربع من سيناء إلى القطاع، لتكون هناك فرصة لبناء مدن جديدة للفلسطينيين فى سيناء مع إقامة ميناء بحرى ومطار دولى.
[[system-code:ad:autoads]]
ما يحقق تنمية اقتصادية حقيقية للفلسطينيين. وتشمل الخطة ضم المساحة المذكورة، لتتجاوز مساحة غزة حدود 1967 التى لم يعد الالتزام بها مقبولاً من الناحية الأمنية لدى إسرائيل، مقابل منح مصر 600 كيلو من صحراء النقب جنوب إسرائيل. وقال «إيلاند» فى خطته: «فى النهاية لن يخسر أى طرف أراضى جديدة، وفى حين أن إسرائيل ستتمكن من التوسع فى المشروعات والمستوطنات فى الضفة الغربية.
ستستفيد مصر اقتصادياً، فالميناء والمطار الجديدان سيكونان حلقة اتصال بين مصر والخليج العربى وأوروبا، كما يمكن لمصر إقامة ممر برى لجعل الحركة من مصر إلى بقية دول الشرق الأوسط أسهل بكثير، دون الحاجة إلى عبور أراضى إسرائيل». وأكد إيلاند فى خطته أن عدد سكان قطاع غزة يبلغ أكثر من 1.6 مليون نسمة فى مساحة صغيرة نسبياً، ومن المتوقع أن يصل إلى 2.5 مليون نسمة بحلول 2020، وهذه المساحة لن توفر الحد الأدنى لاستمرار الحياة لـ«دولة فلسطينية» فى حال قيامها فى غزة، كما أن الحد الأقصى من التنازلات السياسية الذى ستقدمه أى حكومة إسرائيلية سيكون أقل بكثير من الحد الأدنى الذى يمكن أن تقبل به أى قيادة فلسطينية، مما يشكل فجوة بين الجانبين تتزايد بمرور الوقت. ويقدم هذا المشروع المكاسب على النحو الآتى:
أولا - فلسطين: لا تستطيع غزة بمساحتها الحالية الاستمرار فى الحياة، حيث يعيش فى القطاع 1.5 مليون نسمة على قطعة أرض محدودة لا تسمح بالتطوير والتنمية، ويستحيل إنشاء ميناء برى بحجم معقول. أما المشروع الإسرائيلى فيمنح قطاع غزة فى حجمه الجديد 24 كم مربعاً إضافية من السواحل المطلة على البحر المتوسط، ومياهاً إقليمية تصل إلى 9 أميال برية، ويخلق فرصاً وفيرة للحصول على حقول غاز طبيعى فى هذه المياه. كما أن إضافة 72 كم مربعاً لغزة تمكّن الفلسطينيين من إنشاء مطار دولى على بعد 25 كم مربعاً من الحدود مع إسرائيل، فضلاً عن بناء مدينة جديدة تستوعب مليون شخص على الأقل.
ثانيا - مصر: فضلاً عن حصولها على مساحة مساوية من صحراء النقب، فإن إسرائيل ستسمح بشق نفق يربط بين مصر والأردن بطول 10 كيلومترات ويقطع الطريق من الشرق إلى الغرب، وعلى بعد 5 كيلومترات من إيلات، بما يسهّل حركة الأفراد والبضائع بين مصر والأردن، وبعد ذلك شرقاً وجنوباً إلى السعودية والعراق. كما سيتم مد خط سكك حديدية بين الميناء والمطار الفلسطينيين -وكلاهما على ساحل البحر المتوسط- مع النفق المصرى- الأردنى، وطريق سريع وأنبوب نفط، كلها تسير داخل الأراضى المصرية بمحاذاة الحدود مع إسرائيل، وبما يحقق لمصر فوائد اقتصادية عديدة، حيث ستحصل مصر على نصيبها من الجمارك والرسوم مقابل كل حركة تتم بين الأردن والعراق ودول الخليج فى اتجاه ميناء غزة.
كما سيتم ضخ استثمارات هائلة فى مجال تحلية وتنقية مياه البحر لحل مشكلة نقص المياه فى مصر، وذلك عبر البنك الدولى ومؤسسات مشابهة. فضلاً عن السماح لمصر بزيادة حجم قواتها فى المنطقة.
ثالثا - من سيناء الملاصقة للحدود مع إسرائيل ج - الأردن: ستجنى مكاسب اقتصادية عديدة أبرزها منظومة الطرق والسكك الحديدية وأنبوب النفط الذى سيربط الميناء الدولى فى غزة الكبرى عبر النفق المصرى الأردنى بدول الخليج، وهكذا تحصل الأردن مجاناً على إطلالة مثمرة على البحر المتوسط (ميناء غزة)، ومن ثم تحقق تواصلاً ما زال مقطوعاً مع أوروبا. هذا بالإضافة إلى أن الجزء الشرقى من النفق هو «عنق الزجاجة» الذى تتجمع فيه حركة البضائع القادمة من أوروبا والمتجهة إلى العراق والخليج، الأمر الذى يمنح الأردن ميزات اقتصادية واستراتيجية عظيمة.
رابعا - إسرائيل: الخطة الرئيسية لبناء الجدار العازل احتفظت لإسرائيل بـ12% من أراضى الضفة، إلا أن ضغوط المحكمة العليا فى إسرائيل حركت هذا الجدار غرباً، وجعل إسرائيل تحتفظ بـ8% فقط من المساحة التى تحتاجها، لكن الخطة تضمن لإسرائيل الاحتفاظ بـ(12%) من مساحة الضفة الغربية، كما أن مساحة الـ12% ستسمح لإسرائيل أيضاً بتقليص أعداد المستوطنين المطلوب إخلاؤهم من الضفة من 100 ألف مستوطن إلى 30 ألفاً فقط، كما ستسمح لها بالاحتفاظ داخل حدودها بأماكن دينية ذات أهمية تاريخية مثل مستوطنتى عوفرا، وكريات أربع.
كل ما سبق مجرد مزاعم غير حقيقية يروجها جيورا آيلاند من أجل تمرير مشروع حدود الدم والمكمل لخريطة الدم التى وضعها رالف بيترز للاستحواذ على سيناء.
موضوع تبادل الأراضى هو إحدى الأفكار القديمة التى يمكن القول إن عمرها هو عمر القضية الفلسطينية نفسها، حيث يروى أن الفكرة طرحها الجانب الإسرائيلى على الرئيس الراحل محمد أنور السادات أثناء مفاوضات السلام، وكانت تتلخص فى أن تتنازل مصر عن جزء من أرضها فى سيناء مقابل قطعة أرض موازية فى صحراء النقب.
المدهش أن السادات وافق ولكن بشرط، هو أن يختار هو مكان الأرض البديلة، وبالفعل اختار الرئيس السادات الذى تميز بالدهاء ميناء إيلات، التى تعتبر المنفذ الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر، وهو ما أبعد الفكرة عن عقول الإسرائيليين.
استمرت محاولات تنفيذ الفكرة فى عهد الرئيس مبارك الذى كان رافضا طوال فترة حكمه حتى مناقشتها، رغم كل الإغراءات والضغوط، إلى أن جاءت جماعة الإخوان وامتطت حكم مصر خلال عام واحد، لا ندرى ماذا حدث فيه.