بينت دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما.
حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما
وقالت الإفتاء: "أوجب اللهُ تعالى بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضعَ كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24].
ولفتت الإفتاء إلى أنه من بر الوالدين: أن يتصدَّق ويهب ثواب الصدقة لهما، لا سيما إذا كانت صدقة جارية، فإن ذلك يصل إليهما؛ روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي تُوُفيَتْ، أينفعها إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: «نَعَمْ»، قال: فإن لي مَخْرَفًا، فأنا أشهدك أني قد تصدقت به عنها.
فضل بر الوالدين
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن بر الوالدين هو الباب الأوسع للرضا والرضوان، لافتا أن الأبوان ليسا مجرد شخصين عاديين في حياتنا، الأبوان ذوا شأن خاص، لم يتقدمه بعد طاعة الله وعبادته في القرآن الكريم شيء.
واستدل وزير الأوقاف بقول الحق سبحانه: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" (النساء: 36)، ويقول سبحانه: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"(الإسراء: 23-24)، بل إن الحق سبحانه وتعالى قد خصهما بالوصية فقال (عز وجل): "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا" (الأحقاف: 15)، ويقول سبحانه: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" (العنكبوت: 8)، ويقول سبحانه: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" (لقمان: 14).
وأكمل: سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ" (رواه البخاري)، ولما قال له أحد الناس إنَّ أبي يريد أن يجتاحَ مالي، فقالَ (صلى الله عليه وسلم): "أنتَ ومالُكَ لأبيكَ" (رواه ابن ماجه)، وجَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ) يَسْتَأْذِنُهُ في الجِهَادِ فَقالَ: "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟" قالَ: نَعَمْ، قالَ: "فَفِيهِما فَجَاهِدْ" (رواه البخاري)، وجاء رجل فقال: يا رسول الله أردت أن أخرج معك للجهاد، فقال له (صلى الله عليه وسلم): "هل لك من أمٍّ"؟ قال نعم، قال (صلى الله عليه وسلم): "فالزمْها فإن الجنة تحت رجلِها"، حتى ولو كان الوالدان أو أحدهما مشركًا، أو يردان أو يحملاك على الشرك فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا، حيث يقول الحق سبحانه: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا" في ذلك، "وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا"، وعن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) قالت: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ على عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)، قُلتُ: أفَأَصِلُ أُمِّي؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ"، ويزداد حق الوالدين وحق العناية بهما إذا بلغ أحدهما أو كلاهما الكبر، حيث يقول الحق سبحانه: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"، ويقول سبحانه: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ" (الروم: 54).
وتابع وزير الأوقاف، ثم عليك أن تعلم أنك كما تدين تدان، وقد قالوا: ثلاثة تعجل بها العقوبة في الدنيا: الغدر، واليمين الكاذبة، وعقوق الوالدين، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "لا يدخلُ الجنةَ عاقٌّ، و لا منَّانٌ" (رواه النسائي)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ أعمالَ بني آدمَ تُعْرَضُ علَى اللهِ تعالى عَشِيَّةَ كُلِّ خميسٍ ليْلَةَ الجمعَةِ، فلا يُقْبَلُ عملُ قاطِعِ رحِمِ" (رواه البخاري)، فإذا كان هذا حال من يقطع رحمه، فما بالكم بعاق والديه.
وشدد: يتفرع عن حق الوالدين حق الأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والإخوة والأخوات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَواتٍ أو ابنتانِ أو أُختانِ فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ دخَل الجنَّةَ" (رواه البخاري)، فافعل ما تحب أن يُفعل بك، وما تحب أن تلقى الله به، فبر الوالدين هو الباب الأوسع لدخول الجنة.