الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد نجم يكتب : المرأة المصرية .. مسيرة تضحيات وتنمية

صدى البلد

كانت أمي، رحمة الله عليها مثالا للأم المصرية، مثل كثير من السيدات اللاتي إن تعرضن لمحنة، تبدو قوية وتنمي في أبنائها روح التحدي وإثبات الوجود.

ولست بصدد الحديث عنها وعن دورها عقب هزيمة 67  حين كنا في السويس التي احتلها العدو الإسرائيلي وانضمت هي للمقاومة الشعبية ودفعت أيضا بأخي الأكبر فاروق ورسمت مع بقية سيدات السويس أدوارا  لنا برغم عمرنا الذي كان يبلغ 4 سنوات لمد الجنود المصريين المحاصرين بالسلاح والمؤن وما يحتاجونه.

ولا أزال أذكر  دور  البطلة الراحلة السيدة نعيمة عمايم التي شاركت في قيام أول جمهورية عربية في التاريخ، ورواها لي نجلها المرحوم عطية عمايم في حواري الصحفي معه والتي كانت تمد الفدائيين الذين أعلنوا استقلال جمهورية زفتي بالغربية في 11 مارس 1919 بالسلاح وإخفائه في ملابسها وأقفاص السمك التي كانت تتنقل بها بدعوى بيعها، وكانت أكمنة الإنجليز تحاصرها لكنها كانت تفلت منهم بكل براعة.

من الثوابت في الحضارة المصرية أنها تأسست على منظومة القيم الإنسانية والاعتراف بأهمية دور المرأة في المجتمع، لما لها من دور رئيسي في التضحيات والتصديات والتنمية.

 
وتعددت مجالات العمل لدى المرأة منذ التاريخ، فقد خرجت للعمل بجانب الرجل ولم تكتف بأربعة جدران ، بل انطلقت لتشارك في الحروب وإدارة شؤون البلاد وساهمت في مشروعات التنمية سواء الزراعية أو التجارية بجانب مراعاة شؤون بيتها وأولادها.

وأعتقد ان المرأة تقدم من التضحيات وتبذل من الجهد ما يقرب من 150% من مجهود الرجل، فارتباط المرأة بعمل مثلها مثل الرجل تبذل فيه من الجهد نسبة مساوية للرجل في مهن كثيرة وقد تتفوق المرأة لمحاولة إثبات القدرة والذات، مع تحمل مشاق أخرى، مع العودة للبيت يكون هناك صراع آخر مع الإرهاق الجسدي الذي ينتابها وهي تقوم بتجهيز الطعام بعد يوم حافل في العمل ثم الانتهاء من إعداد الطعام تأتي مرحلة النظافة في ذات الوقت الذي تراقب وتتابع أساليب الأبناء المختلفة في الأعمال الدراسية والتربية التي تحتاج لكتيبة من الجيش تتابع مذاكرة الأولاد.

ومع تخلي بعض الآباء عن دورهم الطبيعي في تربية الأبناء وانحصار الدور فقط في الإمداد المادي وقضاء وقت للراحة سواء بالتردد على الكافيهات أو أعمال أخرى، تأتي كوارث التربية على عاتق المرأة التي تتحمل بناء جيل من العقليات المختلفة، تحتاج لحكمة أب ترك دوره واكتفي بأن يكون موردا ماليا بقدر ما يستطيع تاركًا مشاكل الترببة للمرأة.

أنا أؤمن بأن لكل قاعدة استثناء، قد تكون هذه النماذج بيننا بنسبة كبيرة في المجتمع، بجانب نماذج أخرى مثالية تقوم بواجباتها على قدر طاقتها على التعاطي مع متطلبات التربية والتنمية، لكن الجزء الأكبر من المنظومة الحياتية تتحملها المرأة.

ودوما كانت للمرأة المصرية حياتها التي تشعر فيها أن المساواة بينها وبين الرجل شيء فطري . أكدت على ذلك عالمة المصريات الفرنسية كريستيان دى روس التي أكدت أيضا أن الحضارة الفرعونية وضعت تشريعات تنظم تلك العلاقة أهمها الزواج وما يترتب عليه من حقوق وواجبات واحترام متبادل بين الشريكين، ومن أرق تلك المعاني حرص  المصرى القديم  على أن تدفن زوجته معه فى قبره باعتبارهما شريكين فى الحياة الدنيا والممات ثم البعث.

الأديان السماوية أعطت تقديرا كبيرا للمرأة التي شاركت في الحروب والغزوات وكان لها دور رئيسي في الإعداد ومعالجة الجرحى، وارتبط بها مفهوم النهضة في القضايا المجتمعية وأبرزها عصر محمد علي عند تأسيس الدولة الحديثة بأهمية تعليم المرأة اعترافا بأهمية دورها وأنشأ مدرسة المولدات لتتعلم المرأة تشخيص الأمراض النسائية وأعمال الولادة لتكون لها أهمية في مراعاة الجيل الجديد.

كان رفاعة الطهطاوي مهتما أيضا بقضية المرأة وتعليمها وأصدر كتابا اسمه المرشد الأمين للبنات والبنين، الأمر الذي أثار زوجة الخديو إسماعيل وجعلها تقوم بإنشاء أول مدرسة حكومية لتعليم البنات في مصر سنة 1873م، بينما  تبرعت الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل بأرض كانت تملكها لإقامة مبنى للجامعة الأهلية وهي الآن ما تعرف بـ جامعة القاهرة وقامت بالتبرع بمجوهراتها لأعمال البناء  وأوقفت أرضًا زراعية شاسعة للإنفاق على مشروع الجامعة.

إضافة إلى قاسم أمين والدور الحيوي الذي قام به وما نتج بعد ذلك من وجود نماذج مشرفة للمرأة المصرية التي كانت في مقدمة الثورات تضحي وتقدم أبناءها للحفاظ على كيان الوطن وتتقدم وتتفوق في كل مجالات العلوم.

ويؤسفني تلك النماذج الشاذة التي لا تعترف بأهمية دور المرأة وكونها شريكا رئيسيا في الحياة و التنمية، المرأة هي أمك وزوجتك وابنتك، وابنتك، إن فقدت الحنان معك بحثت عنه بعيدا عنك ..  فاحرص دوما على أن لا تهمش دور شريكة حياتك سواء في المناقشات أو التصرفات،  وأن تعطيها قدرها أمام الآخرين، لأن كرامتها من كرامتك، وتعلي من شأنها، وإذا أردت أن تأخذ الحكمة والنصيحة الصادقة فمنها، فقبل أن تكون زوجة فهي الأم، اهتم بها فهي شريك حياة، اهتم بملاطفتها بمشاعر راقية  لأنها تحمي عرين بيتك لكونها هبة الله لك ونعمته عليك.

حافظ على تلك النعمة ولا ترفصها بقساوة قلبك وكلماتك وتصرفاتك لإثبات رجولتك، كن رجلا لها ولا تكن رجلا عليها، والفرق بين المفهومين كبير، هي منظمة بيتك وحياتك ومعدة طعامك ومربية أولادك، إن كانت سعيدة أسعدتهم ونجحت في تربيتهم، لنحصد مجتمعا يضم جيلا قادرًا علي مواصلة البناء والتنمية.

ويعجبني جدا تقدير الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرأة ودعمه لها وضرورة وجودها ومشاركتها وتعيينها في كل المجالات، ولأول مرة يكون لدينا حكومة بها 8 وزيرات في عهده.