حكى الدكتور أيمن أبو عمر، وكيل وزارة الأوقاف، عن كيف تجلى المولى عز وجل للجبل عندما طلب سيدنا موسى أن يراه، قائلاً:" أن تجلى الله عز وجل للجبل موقف جليل ومهيب، فالله بعظمته وقدرته يتجلى للجبل فى طور سيناء، حكي لنا المولى عز وجل الموقف فى الآية 143 فى سورة الأعراف يقول تعالى{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.
كيف تجلى الله للجبل ؟
وتابع “ أبو عمر”، خلال فيديو منشور له عبر موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الله سبحانه وتعالى وعد سيدنا موسى أن يعطيه الألواح التى ستكون بها الشريعة التى يتعامل بها بنو اسرائيل وان يعلمه هذه الشريعة، قال تعالى { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}، ولما جاء موسي لميقاتنا وكلمه ربه، إزاد شوق سيدنا موسى عندما كلم الله فتمنى ان يرى الله، فقال ربي ارني انظر اليك.
هل رأى سيدنا موسى الله بعينه ؟
قال العلماء ان سيدنا موسى عارف ان رؤية الله فى الدنيا غير ممكنة لأن الانسان بهذه الطبيعة غير مؤهل ان يرى الله تعالى، لكن الرؤية فى الاخرة ممكنة، فعندما طلب سيدنا موسى هذا الطلب طلبه بمحبة عندما زاد شوقه واستمع لكلام الله تعالى، فقال له يا رب عاوز ارتقي فى المحبة والقرب اليك فقال له يا رب ارني انظر اليك قال له عز وجل "لن تراني" فقال اهل التفسير ربنا لم يقل له انا لن أُرى أو لا أُرى بل قال له لن تراني لو قال لن أرى تعنى “اى محدش هيشوفني فى الدنيا ولا فى الاخرة”، ولو قال لا أرى فكذلك “محدش هيشوف الله فى الدنيا ولا فى الاخرة” انما قال لن تراني اى بهيبتك هذه يا موسى لن تتحمل هذه الرؤية، أما فى الاخرة ربنا تعالى يهيئنا تهيئة جديدة لتحمل هذه الرؤية وهذه الأنوار الألهية.
قال تعالى {وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}، إذا تحمل هذا الجبل على قدر قوته وشدته هذا التجلى العظيم هذه الرؤية فبالتالى سيتحمل سيدنا موسى رؤية الله، إلا إن الجبل لما يتحمل وتحول لتراب وصعق سيدنا موسى واغمى عليه فلما افاق قال سبحانك توبت اليك، اى تاب عن هذا السؤال وفى هذا الطلب وأنا أول المؤمنين من بني اسرائيل وأول المؤمنين والمصدقين بانك لا تُرى فى الدنيا.
وأشار الى أن الله عز وجل جعل اعظم مكافأة لأهل الجنة هى رؤيته جل شانه، لقوله تعالى فيها ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ سورة القيامة، وقوله تعالى أيضًا ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ سورة يونس، والحسنى هى الجنة والزيادة هى النظر لله تعالى فيها .
الشعراوي يشرح إمكانية رؤية الله سبحانه وتعالى وقصة موسى والجبل
تحدث إمام الدعاة، الشيخ الشعراوي، عن إمكانية رؤية الله سبحانه وتعالى وتفسير قوله تعالى: " وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ".
فيقول الشعراوي أن موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية ولكن سأل الإراءة، فحين قال رب أرني، تعني أنك إن ترني انظر وإلا فلن أرى، أي أنه بطبيعة تكوينه البشرية لن يستطيع أن يرى الله، ولكنه يعلم أنه ان استطاع تعديل تكوينه البشري سيتمكن أن يراه، فالذي خلقه يستطيع أن يريه، وهو نفس ما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم في آية الإسراء الأرضية، "لنريه" فهي إراءة.
وأوضح الشعراوي أن جواب الله سبحانه وتعالى: "لن تراني"، يبين أن المانع أنه الله لا يرى، ولكن لأن طبيعته لن تستطيع رؤية الله، وبعدها قال له أن ينظر للجبل، وقال له ان ينظر إليه وهو يرى الله، فعلقه على شيء مادي موجود وهو بلا شك أقوى بنية من موسى وأشد صلابة، "فلما تجلى ربه للجبل" تعني أنه لا مانع من أن يتجلى الله سبحانه وتعالى على بعض الخلق، "فلما تجلى للجبل جعله دكا وخر موسى صعقًا"، فالجبل الصلب القوي لم يتحمل هذا التجلي فتفتت مع صلابته ومع قوته، فالسر كان أن طبيعة تكوين الإنسان لن تتحمل رؤية الله سبحانه وتعالى، "فموسى صعق لرؤية المتجلي عليه وهو الجبل فكيف لو رأى المتجلي؟!"، يقول الشعراوي.
وقال الشعراوي إن ذلك دليل على أن الله سبحانه وتعالى من الممكن أن يرى، ولكن الطبيعة البشرية هي التي تعدل حتى تقوى على رؤية الله سبحانه وتعالى، ودليل ذلك تجليه سبحانه وتعالى على الجبل، مؤكدًا ان بعض خلقه يتحملوا هذا التجلي والبعض لا، "وسؤال موسى لربه (أرني) دليل على أن ذلك ليس محالًا بل ممكنًا...فإذا سأل نبي سؤال يقل لا تسألني ما ليس لك به علم".