EN 
شهدت العلاقات المصرية اليابانية طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية, خاصة منذ زيارة الرئيس السيسى لليابان عام 2016 على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية، وهو ما جعل تلك العلاقات تتسم بخصوصية كبيرة تنبع من توافر الإرادة السياسية فى تطويرها بشكل مستمر ومن المصالح المشتركة والفرص الواعدة الكبيرة التى يمكن استثمارها لصالح البلدين.
تاريخ طويل من العلاقات المصرية اليابانية
يجمع الدولتين تعاون فى كافة المجالات وهناك وجود ياباني كبير خاصة فى المجال الثقافي مثل دور اليابان فى إنشاء الأوبرا المصرية، وفى إنشاء المتحف المصرى الكبير، وكذلك فى قطاع النقل ودورها فى إنشاء الخط الرابع لمترو الأنفاق.
وعلى المستوى الاقتصادى تعد اليابان من أبرز الشركاء التجاريين لمصر ويتجاوز حجم التبادل التجارى بينهما 1.25 مليار دولار، كما أن هناك أكثر من مائة شركة يابانية تعمل في مصر في قطاعات مختلفة.
وتستحوذ اليابان على حصة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، وتتعاون الحكومتان لتحسين بيئة الأعمال في البلدين وتشجيع المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وعلى المستوى السياسي، هناك توافق كبير فى الرؤى ووجهات النظر بين البلدين حول التعامل مع التحديات الإقليمية والعالمية، وضرورة التسوية السلمية للنزاعات والحروب، لذلك شكلت القمة المصرية اليابانية محطة مهمة فى إطار مسار تطور العلاقات المصرية اليابانية التى تعد نموذجا مهما في إدارة العلاقات الدولية.
دعوة اليابان للمشاركة في مشاريع المنطقة الاقتصادية
في هذا الإطار أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي حوار مع رئيس التحرير الدولي لصحيفة أساهي اليابانية، على هامش زيارة فوميو كيشيدا رئيس الوزراء الياباني للقاهرة.
وحول التوقعات والعلاقات اليابانية، قال الرئيس خلال الحوار: "لقد واصلت جهدي لتقديم نظام التعليم الياباني إلى مصر وحتى الآن تم تطبيقه في حوالي 50 مدرسة، نحن نخطط لتوسيع هذه التدابير"، مضيفاً أريد أن تشارك العديد من الشركات اليابانية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهي مركز رئيسي للتجارة الدولية".
والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي منطقة تنمية اقتصادية في مصر تتكون من عدة مناطق وموانئ، كل منطقة توفر الفرص في المؤسسات الصناعية والتجارية والبنية التحتية والتطوير العقاري، والخدمات اللوجستية، ووسائل الراحة والتكنولوجيا.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، المستشار أحمد فهمي، بأن الحوار الصحفي تطرق إلى عدد من الموضوعات منها العلاقات المصرية اليابانية الوثيقة، والتعاون بين البلدين في تسوية القضايا والأزمات الدولية، سواء الأزمة الروسية الأوكرانية أو الأزمات الإقليمية الراهنة.
وأشار الرئيس السيسي إلى التنسيق الجاري بين مصر واليابان في إطار رئاسة الأخيرة لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، لإيجاد حلول وتسويات للأزمات الدولية الخطيرة القائمة حالياً، وعلى رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية، وأزمات الغذاء والطاقة والتمويل.
موقف مصر من أزمات المنطقة
أكد الرئيس كذلك موقف مصر من الأزمات القائمة بالمنطقة، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على رفض التدخل في شئون الدول واحترام مبدأ السيادة وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، وعرض موقف مصر من التطورات في السودان، موضحاً الجهود التي تبذلها مصر لوقف وتثبيت إطلاق النار وتهيئة المناخ للحوار السلمي واستكمال المرحلة الانتقالية، لتجنيب الشعب السوداني الشقيق المخاطر الإنسانية المتفاقمة للنزاع.
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، إن اليابان تنظر لمصر باعتبارها دولة رئيسية ومحورية للإقليم فضلاً عن كونها بوابة حقيقية لإفريقيا، كما أنه منذ سنوات طويلة واليابان حاضرة مع مصر في العديد من المشروعات في المجالات المختلفة.
وأضاف فهمي لـ "صدى البلد"، أن اليابان تسعى إلى منافسة الصين والقوى الأخرى ومحاولة الانفتاح على أكبر الدول الإفريقية بالإضافة إلى عمل شراكات مع الدول المركزية فى الأقاليم المختلفة، كما تعمل على تكوين شراكة استراتيجية مع مصر والدول الكبرى الإفريقية المستقرة، تقوم على المصالح المشتركة والأجندة المتجددة.
وأشار فهمي إلى أن اليابان من الدول المهمة لمصر وإفريقيا ككل، إذ قدمت مخصصات مالية لمشروعات تنموية في إفريقيا قدرها 30 مليار دولار، بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية فضلاً عن تقديم رؤى جديدة في مجالات التعاون الدولي وفي مجالات الطاقة والهيدروجين الأخضر والتعليم والسياحة ومشروعات الأمن الغذائي.
تعاون ثنائي وتعزيز العلاقات
زار رئيس وزراء اليابان، "فوميو كيشيدا"، مصر الأحد الماضي، في مستهل الجولة الأولى له في أفريقيا منذ توليه رئاسة الوزراء في اليابان، لما تتمتع به القاهرة من ثقل إقليمي لتكون البوابة الأولى لزيارة رئيس الوزراء الياباني لمصر، والتي حرص أن يمكث فيها ثلاثة أيام، حيث أثمرت الزيارة عن نتائج مهمة حرص الجانبان على حسن الإعداد لها على مدار الفترة الماضية فيما يتصل بها في أوجه العلاقات الثنائية المتميزة والراسخة بمختلف المجالات.
وتعد العلاقات المصرية اليابانية نموذجًا ناجحًا للتعاون الثنائي بين بلدين يفتخران بتاريخهما وحضارتهما، ويسعيان لتعزيز التعاون في جميع المجالات الحيوية.
وتحظى العلاقات المصرية اليابانية بتاريخ طويل من التعاون الاقتصادي والثقافي والسياسي، حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1954، ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات في مجالات متعددة منها:
تعاون اقتصادي وثقافي وسياسي
تعتبر اليابان واحدة من أهم شركاء مصر التجاريين والاستثماريين، ففي عام 2019، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.3 مليار دولار أمريكي، وتسعى الحكومتان إلى زيادة هذا الرقم بتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي، وتحفيز المزيد من الاستثمارات المباشرة من اليابان إلى مصر.
تستمد العلاقات الثقافية بين مصر واليابان من تبادل الزيارات الرسمية والثقافية، وقد أسهم ذلك في تعزيز فهم الثقافة والتقاليد بين البلدين، حيث إن الثقافة المصرية واليابانية تتمتعان بقيم ومعتقدات مشتركة.
وتتميز العلاقات السياسية بين مصر واليابان بالتعاون في المنتديات الدولية، حيث تؤكد الحكومتان أهمية التعاون والتشاور في القضايا الدولية المهمة.
وتتميز العلاقات المصرية اليابانية بالتنوع والتعاون المستمر في مختلف المجالات، ويأمل البلدان في تعزيز هذه العلاقات في المستقبل لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى البلدان إلى توسيع نطاق التعاون في مجالات جديدة، مثل التعاون في مجال الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، وتشجع الحكومتان على تبادل الخبرات والتجارب في هذه المجالات، وتوفير المزيد من الفرص لرجال الأعمال والمستثمرين للاستفادة من الفرص المتاحة في البلدين.
وفي السياق الثقافي، تستمر الحكومة اليابانية في دعم الثقافة المصرية، وتنظم العديد من الفعاليات والمعارض الثقافية في اليابان لتعزيز الفهم والتواصل بين الثقافتين.
زيارات مصرية يابانية متبادلة وعلاقات تجارية
وتشهد العلاقات المصرية اليابانية أيضًا تبادل الزيارات الرسمية بين الزعماء السياسيين في البلدين، وفي عام 2016، زار رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، مصر، حيث التقى بالرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون الثنائي.
جدير بالذكر أن اليابان تعد واحدة من أكبر الدول المانحة لمصر، حيث تقدم دعمًا ماليًا وتقنيًا لعدد من المشروعات الإنمائية، مثل مشروع تحسين البنية التحتية ومشروع تطوير النقل العام.
تشهد العلاقات التجارية بين البلدين نموًا مستمرًا، حيث تعد اليابان واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لمصر في آسيا، وتتركز التجارة بين البلدين في مجالات مختلفة، مثل الصناعات الكيميائية والإلكترونية والسيارات والآلات.
وتحرص الحكومتان على تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وتنظم العديد من الفعاليات والمعارض التجارية في كل من مصر واليابان لتعزيز الشراكة الاقتصادية.
ويسعى البلدان أيضًا إلى تعزيز التعاون الأكاديمي، وتشجع الحكومتان على تبادل الطلاب والباحثين في المجالات المختلفة، وتدعمان التبادل الثقافي والعلمي بين الجامعات والمؤسسات التعليمية في البلدين.
وتعتبر الزيارات الرسمية بين المسئولين اليابانيين والمصريين بمثابة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تتم خلال هذه الزيارات مناقشة مختلف القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك، وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات مختلفة، مما يساعد على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
وتشير التوقعات إلى أن العلاقات المصرية اليابانية ستشهد المزيد من التطور والتعاون في المستقبل، حيث يتمتع البلدان بموقع إستراتيجي مهم وثقافة وتقاليد مشتركة، مما يشجع على تعزيز التعاون والتبادل في جميع المجالات. كما تشهد تعاونًا وثيقًا في مجال الأمن والدفاع، حيث تتعاون البلدان في مجالات مثل مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ويعد هذا التعاون مهمًا جدًا في ضوء التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة.
مجالات التنمية المستدامة والبيئة
تشهد العلاقات المصرية اليابانية تعاونًا وثيقًا في مجالات التنمية المستدامة والبيئة، حيث تدعم اليابان العديد من المشاريع البيئية في مصر، مثل مشروع تحسين إدارة المياه ومشروع تطوير الطاقة المتجددة، وتهدف الحكومتان إلى تعزيز التعاون في هذه المجالات وتحقيق تنمية مستدامة في البلدين.
وفي ضوء جائحة كوفيد-19، قامت اليابان بدعم مصر بمبلغ 30 مليون دولار لمواجهة تداعيات الجائحة على الاقتصاد المصري وتحسين الخدمات الصحية، وتواصل الحكومتان التعاون في المحافل الدولية والإقليمية، وتتبادلان وجهات النظر حول القضايا الدولية وتبنيان مواقف مشتركة تجاه التحديات العالمية.
