الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر الأحمد يكتب: السودان .. جرحٌ جديد!

عمر الأحمد - كاتب
عمر الأحمد - كاتب وصحفي إماراتي

بعد الجهود المثمرة والتحركات الدبلوماسية العربية والخليجية على وجه الخصوص، في إخماد الحرائق بالمنطقة وانتشال العرب من غياهب الضياع والفشل والدمار، حيث لاحظنا هذه الجهود من خلال سياسة "تصفير المشاكل" سواء مع تركيا وإيران، أو في إعادة سوريا إلى الحضن العربي. إذ بدأت تظهر نتائج هذه السياسة في بعض دول المنطقة، وبدأنا نتنفس الصعداء ونضمد جراحنا، حتى ظهر لنا جرح جديد في السودان!

الجهود السياسية والدبلوماسية الخليجية التي تسعى إلى إنهاء القلاقل والصراعات بالمنطقة، والتي نجحت في بعضها، واقتربت من طوي صفحات صراعات أخرى، فُتحت لها صفحة أخرى، وكأن هناك أيدي تسعى لصب الزيت على النار بشكل مستمر، وتزعجها مساعي إطفاء النيران. هي جبهة جديدة، وحرب أهلية أخرى تذكرنا بالحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عام (1975-1990)، أو الحربين الأهليتين في الأراضي السودانية (الأولى: 1955-1972/ والثانية: 1983-2005) ونرفع أكف التضرع سائلين المولى عز وجل ألا تطول أزمة السودان الحالية كنظيراتها وتنتهي في أسرع وقت ممكن، قبل دمار السودان، وقبل خلوها من السودانيين، هربا من ويلات الحرب، فالأرقام والاحصائيات التي تشير إلى نزوح السودانيين مخيفة، حيث كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن نزوح ما لا يقل عن 20 ألف سوداني إلى تشاد ذات الحدود المتاخمة للسودان، وعودة 4000 لاجئ من جنوب السودان إلى وطنهم. بالإضافة إلى آلاف النازحين إلى دول مجاورة أخرى منها مصر والسعودية وجيبوتي، وبلا شك هي أزمة نزوح أخرى تضاف إلى الشعوب العربية، ماذا حل بك أيها الإنسان العربي !.

تعاملت مع السودانيين منذ صغري، سواء كأصدقاء، أو أساتذة المدرسة والجامعة، أو حتى زملاء في العمل، السودانيين لهم رونق خاص، تكوين الشخصية السودانية تتسم بالأدب الجم، والهدوء الملفت، والحِلم الكبير، وحب الخير، والأمانة والثقافة العالية، فلم أصادف سودانيا يفتقد للخُلق، أو ثرثار، أو حسودٌ حقود، أو حتى سريع الغضب، فالسوداني لا يُستفز بسرعة. علاوة على العلم والثقافة الكبيرة، وندرة الأخبار وقصص السرقة التي يكون بطلها سوداني. كما أنني بالمقابل لم أسمع أن أحداً يبغض شخصا سودانيا، فبطيب أخلاق السودانيين جذبوا شعوب العالم. ما ذكرته توصيف بسيط عن الشخصية السودانية، وهي التي جعلت كل الشعوب العربية بلا استثناء تتألم لما يحدث في السودان، وكأن لسان حالهم يقول "السوداني بالتحديد لا يستحق إلا الخير".

وكم هو مؤلم ما نراه من مقاطع في وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيها تعرض بيوت السودانيين لعمليات السلب والنهب والتخريب، فليست هذه الأفعال من السوداني في شيء، ولست أنا وحيدا في ظني الخيّر بالسوداني، فالشعوب قاطبة تجمع على ذلك، وما نراه صدمة للجميع. تواصلت مع زميل سوداني مقيم في الإمارات، لأطمئن على حال أهله في وطنه، وبعد الانتهاء من حديثه الجميل المليء بالذكريات، ختم المكالمة بجملة قالها بحرقة "فقدنا الأمان يا عمر".