تحتفل مصر والقوات المسلحة، غدا الثلاثاء، الموافق الخامس والعشرين من شهر أبريل 2023، بالذكرى 41 لـ تحرير سيناء، تلك البقعة الغالية التي قدم الكثير من المصريين أرواحهم فداء لترابها، ومن أجل حمايتها.
ولم تتوقف التضحيات المصرية من أجل حماية سيناء عند تحريرها من العدو الإسرائيلي قبل 41 عاما، ولكن امتدت إلى اليوم، عندما واجهت الدولة الإرهاب الأسود وجماعات الظلام، التي أرادت اختطاف الوطن بعد ثورة 30 يونيو، حيث كانت القوات المسلحة لهم بالمرصاد، ونجحت في اقتلاع جذور الإرهاب، وكسر شوكته خاصة في سيناء.
يوم العزة والكرامة والشرف
ويرصد "صدى البلد"، من خلال التقرير التالي خطة الدولة المصرية لاقتلاع جذور الإرهاب من سيناء في الوقت الذي وضعت فيه خطة من أجل التنمية والبناء والتطوير لتلك البقعة الغالية من الوطن.
وتنامت ظاهرة الإرهاب، وانتشار التنظيمات المسلحة في أعقاب أحداث عام 2011، وما صاحبها من مظاهر الفوضى المدمرة، التي طالت العديد من دول المنطقة، وباتت تهدد الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة، ولكن بفضل القوات المسلحة بتماسكها وتلاحمها مع أبناء الوطن الدرع القوي الذي حافظ على بقاء الدولة المصرية في مرحلة هي الأصعب في تاريخ مصر الحديث.
وما لبث أن استتبعها ثورة شعبية في 30 يونيو 2013، استطاع خلالها الشعب المصري، بدعم من القوات المسلحة، فك ارتهان الدولة المصرية بقيمها وتاريخها الحضاري، من جماعات الإرهاب، التي استطاعت "خلال عام واحد" أن تبث سمومها وتشيع الظلام والألم في أوصال الدولة المصرية.
لذلك، كانت القوات المسلحة مُدركة لحجم التحديات والتهديدات المحيطة، ليس فقط بالأمن القومي المصري، بل بوجود مصر وكيانها ، تعرف تعلم أن الهدف هو إسقاط هذا الكيان الهائل، والكتلة البشرية الصلبة، وإخضاعها لنظرية التفتيت والتقسيم التي تجتاح عالمنا العربي، ومحوره الرئيسي وعموده الفقري هي مصر.
الحفاظ على وحدة الأراضي المصرية
وقد واجهت مصر تحديات لم تمُر بها من قبل، خاصة خلال الأعوام العقد الأخير، وكان لزاما على الدولة المصرية بأن تتخذ العديد من الإجراءات سواء كانت سياسية أو أمنية أو عسكرية أو اقتصادية، من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي المصرية وتماسك النسيج الوطني للشعب، لمواجهة تلك التحديات، وبعد نجاح ثورة 30 يونيو، ظهر واضحا مدى التحديات التي تواجه الدولة المصرية، وكان على رأس تلك التحديات، هو تحدي مواجهة الإرهاب في مصر خاصة في سيناء.
ووضعت القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقيادة العامة للقوات المسلحة في تخطيطها لمكافحة الإرهاب، العديد من الاعتبارات، منها تنفيذ المهمة بالتوازي مع إعادة الحياة لطبيعتها، خاصة القرى المتاخمة لمناطق العمليات بوسط وشمال سيناء، وذلك بالتوازي مع منع قيام العناصر الإرهابية من تعطيل المشروعات التنموية في سيناء.
وقد نجحت القوات المسلحة في إعادة الإستقرار وتوفير الأمن لأهالي سيناء، كذلك عودة الحياة لطبيعتها، وتدمير البنية التحتية للإرهاب من مخابئ وملاجئ ومخازن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والعبوات الناسفة والأدوات المستخدمة في تصنيعها، والقضاء على القيادات الرئيسية للعناصر الإرهابية وإلقاء القبض على العديد من المشتبه بهم، وذلك مع استمرار تواجد القوات لملاحقة فلول العناصر الإرهابية قبل استعادة نشاطها وقطع أى طرق إمداد لها.
وكان من المُخطط أن يتم خلق بؤرة إرهابية جديدة تكون في سيناء، ويتم نقل العناصر الإرهابية لها عن طريق المشرق العربي، لكن نجاح قوات الأمن في تدمير البنية التحتية واللوجستيةللعناصر الإرهابية والتكفيرية، ساهم في إحباط ذلك المخطط، وفي ذات الوقت، قامت الدولة المصرية ومؤسساتهاومنها القوات المسلحة، بعملية تنمية شاملة في جميع سيناء، لتصل للعالم رسالة، أن سيناء جزء من مصر وأساس الأمن القومي المصري.
التواصل مع العناصر الإرهابية
نجحت القوات في تدمير مراكز إعلامية وإرسالية وميادين للتدريب، خاصة بالعناصر التكفيرية والإرهابية في وسط وشمال سيناء حيث كانت تستخدم العناصر الإرهابية تلك المراكز في عمليات تلقي وإعطاء الأوامر أو التواصل مع العناصر الداعمة لها من خارج سيناء، كما تم رصد العديد من التهديدات الخارجية ومحاولات التواصل مع العناصر الإرهابية بالمشرق العربي مع نظائرها فى شبه جزيرة سيناء، لخلق بؤر إرهابية جديدة لهم، حيث قامت القوات المسلحة بتأمين جميع العناصر الإستراتيجية حتى إتمام المهام المخطط لها.
ومن ناحية أخرى، تم التخطيط والإعداد والتجهيز للعملية العسكرية الشاملة لسيناء عام 2018، عن طريق قيام أجهزة جمع المعلومات بتنفيذ خطة مكثفة لأعمال الرصد الدقيق لتحديد والكشف عن مناطق اختباء البؤر الإرهابية، وإعداد تنظيم وتشكيل وتدريب عناصر من الجيش والشرطة متخصصة في أعمال مكافحة الإرهاب.
كما أنه تم تحديد المهام الخاصة للقوات على الأرض داخل قطاعات فرعية ومناطق تحت إشراف مراكز قيادة وسيطرة ميدانية، وتم تنفيذ مخطط تدريب واقعي ومكثف على الأرض وتنظيم التعاون بين قوات الجيش والشرطة على المهام الأمنية والعملياتية، كما تم رفع جاهزية الارتكازات الأمنية وتوفير الحماية والتأمين الشامل ضد مصادر التهديد.
وتم تنفيذ خطة تأهيل نفسي ومعنوي للقوات المشاركة يرتكز جوهرها على الالتزام بعقيدة القوات المسلحة "النصر أو الشهادة"، وتنفيذ مخطط التعامل مع الأنفاق عبر استخدام جميع الوسائل التكنولوجية ولمنع استخدام العناصر الإرهابية للأنفاق، كما تم رفع جاهزية المنشآت والوحدات الإدارية والخدمية، خاصة بمحافظة شمال سيناء بالتنسيق الكامل مع أجهزة الحكم المحلي "مخابز – مستشفيات – السلع التموينية - الخدمات الاجتماعية" لتوفير الاحتياجات الأساسية لأهالي سيناء.
وفي نفس السياق، أشادت الأمم المتحدة عبر تقريرها رقم 14 والتي تقدمت به إلى مجلس الأمن الدولي خلال النصف الثاني من عام 2021؛ بجهود مصر في مجابهة ومكافحة الإرهاب.
والتقرير الذي تقدمت به الأمم المتحدة لمجلس الأمن بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش الإرهابي على السلم والأمن الدوليين.
وقد تضمن تقرير الأمم المتحدة جهود الدولة المصرية والقوات المسلحة في مجابهة الارهاب؛ والذي أشاد بجهود مصر في مجابهة ومكافحة الإرهاب؛ بالتوازي مع تحقيق التنمية في سيناء.
وأوضحت الأمم المتحدة في تقريرها أنه في مصر؛ حدث انخفاض في نشاط تنظيم أنصار بيت المقدس ؛ وهذا التنظيم جماعة محلية منتسبة إلى تنظيم داعش تظهر بكثرة في دعايته.
والجدير بالذكر، أن مصر أستطاعت مواجهة الإرهاب والتطرف والقضاء عليه نهائيا وعملت على معالجة جذورهما واقتلاعهما نهائيًا للوقاية منها، وهو ما نجحت فيه مصر بصورة كبيرة على مدار السنوات الماضية.
ومصر حققت إلى مدى بعيد الركائز الأربعة لاستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والتي تتضمن التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى الإرهاب، وتدابير مكافحة الإرهاب والوقاية منه، والتدابير الرامية إلى بناء القدرات الوطنية في مجال مكافحة الإرهاب والوقاية منه وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد، والتدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون كضرورة لمكافحة الإرهاب.