الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كريمة أبو العينين تكتب: دراما رمضان وتعرية المجتمع

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

مما لاشك فيه أن شهر رمضان الكريم أصبح يأتى ومعه الكثير والكثير من الأعمال الدرامية التى تلصق نفسها التصاقا بشهر العمل الصالح والعبادة والتقرب الى الله جل شأنه . 

وبغض النظر عن هذا الالتصاق وتوابعه؛  إلا أن الواقع الدرامي أصبح قادرا على إيقاع ورقة التوت التى يحاول الكثير من فئات المجتمع المصرى التمسك بها ؛ حفاظا على ما يمكن الحفاظ عليه فى عالم التزاحم والتسابق على هدم كل ما تبقى من قيم وأخلاقيات قديمة جميلة. وبعد انتهاء الشهر الفضيل لابد أن نرفع القبعة لكل من قدم أعمالا تفتح الباب أمام المشرعين لتغيير قوانين تقتل كل ما هو حق وعدل . 

دراما رمضان وتعرية المجتمع، لن نفرد ونتحدث عن مسلسلات بعينها ولكن سندعم وبقوة كل ما سردته لنا بطلة مسلسل (تحت الوصاية ) فهى بصدق وواقعية فتحت لنا طريقا مسدودا بقوانين سنت منذ عام ١٩٥٢ لتقنين وصاية الأم على أموال أولادها ؛ وكيف ان المشرع القاسى قد نزعها حق رعاية ابنائها وأعطى الحق لجدهم لأبيهم ؛ بل ان هذا المشرع الظالم رأى أنه فى حال موت الجد تنقل الوصاية لاحد أبنائه الذكور اذا ماكان هناك نزاع بين الام وأي من خصومها من أهل زوجها الراحل ، هل تتخيل وقع مثل هذه التشريعات على كيان أسرة ، وعلى نفسية أبناء يرون أمهم  مطحونة طحنا من أجلهم ، ولا تستطيع ان تحصل على حق الوصاية عليهم من أموال أبيهم ! فما بالك لو ان هذه الاموال كانت من اهل زوجها ماذا سيكون وضعها ووضع اليتامى أبناءها !!؟. 

ليس فقط (تحت الوصاية ) من فتح باب ضرورة اعادة النظر فى التشريعات القانونية، بل دراما اخرى تحدثت عن قوانين وضعية غض عنها البصر التشريع الحكومى ، ومنها اصرار الكثير على عدم اعطاء الابنة ، او المرأة بصفة عامة ، حقها فى الميراث بزعم عدم إدخال الغرباء فى مال الاب والعائلة ، ولا ندري من هم الغرباء أليسوا بذوى أختهم او ابنتهم او خالتهم وعمتهم و ……. 

حدث ولا حرج فى ما بثته دراما شهرا كاملا عن مفهوم تعدد الزوجات؛ وطريقة نظرة الرجل الى المرأة على انها مجرد أداة للمتعة فقط ، فهى خانة فى جدول رغبات الزوج ، يطلبها وفقا لجدول وضعه بيده والمطلوب منها ان تكون على سنجة عشره عندما يحب ويريد ويطلب ، الكثير من القضايا والازمات والموروثات أتت بها الدراما وتعاملنا معها بطريقة النعامة بأن وضعنا أعيننا فى الرمال حتى لانرى ورقة التوت وهى تسقط وتكشف مجتمعا غريبا فى تكوينه ، مجتمعا متناقضا فى تعاملاته ، مجتمعا يتعامل مع كل قضية بطريقة هذه نكرة وتلك نكرة أخرى ، مجتمع يحلل ما يستسيغه ، ويحرم ما لا يجد فيه نفعا له . 

الدراما التلفزيونية لا تهدم المجتمع بقدر ما تنفض عنه موبقاته ، دراما تعمل فى مجتمعنا عمل الطبيب الساعى لبتر العضو الفاسد وان اختلفت طريقة البتر ، فكم من دراما قديمة وحالية وحديثة قامت بدور توعوى لفتياتنا من إفك وضلال الرجال المارقين ، وكم من دراما استطاعت ان تغير قوانين وتسن تشريعات جديدة تأخذ بيد أبناء المجتمع نحو طريق قويم ، ليس كل ما تحمله الدراما سيئ ومدمر ؛ فهى تحمل معها أيضا وجهات نظر ؛ وآراء وقضايا شائكة بحاجة الى اعادة نظر فيها من أجل مجتمع قويم قادر على مواجهة التحديات والتماسك فى وجه الازمات .