يعيش السودان أوضاعًا مضطربة منذ سنوات، ولكن اشتعلت الأمور منذ صباح السبت الماضي، حيث اندلعت اشتباكات دامية بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وميليشيا الدعم السريع بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي، بعد تصاعد التوترات بشأن المخطط المقترح لانتقال البلاد إلى الحكم المدني.
جهود عربية ودولية من أجل الوساطة لحل أزمة السودان
منذ اندلاع الأزمة تكاثفت العديد من الجهود الدولية والإقليمية للعب دور الوساطة بين الأطراف السودانية المتنازعة لحل الأزمة والوصول بالسودان إلى الاستقرار الخارجي والداخلي وهو ما يؤدي إلى استقرار المنطقة ككل خاصة وأن الوقت الذي يتأزم فيه المشهد السوداني هو وضع حرج بالنسبة للعالم ككل في ظل ما يشهده من أوضاع مشتعلة، وتكفي الساحة تأزماً فلا تساع لأزمة جديدة.
وبادرت مصر منذ الساعات الأولى من بدء الاشتباكات في السودان لعرض الوساطة، حيث جاء الموقف المصري متناغمًا مع الموقف الأممي، إذ ناشدت مصر الأطراف المتحاربة التوقف فورًا عن إطلاق النار وتغليب المصلحة العامة والحفاظ على أمن البلاد.
ومع عصر اليوم الثاني من اندلاع الأحداث، أعرب الرئيس السيسي ونظيره سلفا كير رئيس جنوب السودان، خلال اتصال هاتفي جمع بينهما، عن استعداد البلدين للقيام بالوساطة بين الأطراف السودانية، مؤكدين أن تصاعد العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة.
جهود عربية مكثفة لحل الأزمة
دعت القاهرة والرياض، بعد ساعات من توتر الأوضاع داخل الخرطوم، إلى عقد اجتماع طارئ في الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، وطالب مندوب مصر في الجامعة العربية عبيدة الدندراوي، خلال الاجتماع الذي عُقد الأحد 16 أبريل، جميع الأطراف السودانيين إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتسوية النقاط الخلافية.
ثم عرضت كل من الرباعية الدولية المتمثلة في السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا الوساطة مطالبين بتجاوز الخلافات وتجنب المواجهات وتسريع العملية السياسية.
ثم عرضت "إيغاد" الهيئة الحكومية للتنمية، متمثلة في رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي للتوسط في وقف إطلاق النار، وكذلك عرض الاتحاد الإفريقي إيفاد الوساطة، حيث تحدث رئيس المفوضية مع الطرفين بشأن وقف إطلاق النار، وكذلك توسطت بعثة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة للمدنيين.
وعبّر الاتحاد الأفريقي عن "قلقه العميق" إزاء الوضع، داعياً قوات الجيش وميليشا الدعم السريع إلى "حماية المدنيين"، وفق ما جاء في بيان صدر عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد، ولم تتوافر في الحين تفاصيل إضافية عن زيارة موسى فقي محمد.
تهدئة الأوضاع في السودان
كما حثّ الاتحاد الأفريقي، الطرفين المتحاربين على "تبني حل سلمي سريعاً وحوار شامل لحل خلافاتهما"، معربا عن "رفضه الشديد لأي تدخل خارجي يمكن أن يعقد الوضع في السودان".
بحث الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي اليوم الخميس، مع نظيره الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، جهود مصر والإمارات لـ"تهدئة الأوضاع في السودان، ووقف التصعيد والعودة للحوار، واستعادة المسار السياسي".
وقالت الرئاسة المصرية، في بيان نشرته عبر فيسبوك: أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أجرى اليوم اتصالاً هاتفيا مع الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وتطرق الاتصال إلى الجهود الحثيثة للبلدين لتهدئة الأوضاع في السودان الشقيق، ووقف التصعيد والعودة للحوار واستعادة المسار السياسي، في ضوء دعم مصر والإمارات للشعب السوداني الشقيق في جهوده لتحقيق تطلعاته نحو تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في البلاد.
وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت، في وقت سابق من يوم الخميس، نجاح جهود تأمين سلامة باقي الجنود المصريين في السودان.
دعم التهدئة وتواصل مستمر مع الأطراف المتسارعة
أعلنت جمهورية مصر العربية نجاح الجهود التي قامت بها بالتنسيق والتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لتأمين سلامة باقي الجنود المصريين المتواجدين في جمهورية السودان لدى قوات الدعم السريع وتسليمهم إلى سفارة جمهورية مصر العربية في الخرطوم. وأعرب البلدان الشقيقان عن تقديرهما للصليب الأحمر الدولي لما بذله من جهود في دعم عملية تأمين سلامة الجنود المصريين.
وذكرت وزارتا الخارجية بجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أن هذه الخطوة تأتي في إطار موقف الدولتين الداعم للتهدئة عبر التواصل المستمر مع الأطراف السودانية لضمان ضبط النفس ووقف التصعيد والعودة للمسار السياسي.
وأكدت الوزارتان التزام جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة بمواصلة جهودهما الرامية إلى وقف الاقتتال وحماية المدنيين والمنشآت المدنية، مشددتان على أهمية تكثيف الجهود الهادفة للعودة للإطار السياسي والحوار لحل جميع الخلافات والمضي قدماً في المرحلة الانتقالية وصولاً إلى الاستقرار السياسي والأمني المنشود في السودان".
تعاون مصري إماراتي
من جهتها، أعلنت الإمارات، في بيان "نجاح الوساطة التي قامت بها بالتنسيق والتعاون مع جمهورية مصر العربية الشقيقة لتأمين سلامة الجنود المصريين المتواجدين لدى قوات الدعم السريع، وتسليمهم إلى سفارة جمهورية مصر العربية في الخرطوم وأعرب البلدان الشقيقان عن تقديرهما للصليب الأحمر الدولي لما بذله من جهود في دعم عملية تأمين سلامة الجنود المصريين.
وذكر المتحدث باسم الجيش المصري في بيان على صفحته بفيسبوك: "تم صباح أمس الخميس 20 أبريل وبالتنسيق مع الجهات السودانية المعنية والدول الصديقة والشقيقة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان تأمين وصول باقي عناصر القوات المسلحة المصرية لمقر سفارة جمهورية مصر العربية تمهيداً لإجراءات إخلائهم من الأراضي السودانية فور استقرار الأوضاع وتوفر الظروف الأمنية المناسبة لعودتهم لأرض الوطن.. وتؤكد القوات المسلحة على صحة وسلامة كافة العناصر المصرية التي وصلت إلى أرض الوطن وكذا المتواجدة بالسفارة المصرية بالخرطوم".