يصادف في مثل هذا اليوم 19 أبريل 1923، صدور دستور 1923، حيث ارتبطت الدساتير المصرية منذ نشأتها على مر العصور بالانتفاضات الشعبية والثورات الوطنية.
وصدر هذا الدستور بعد فترة نضال كان يتزعمها آنذاك البطل أحمد عرابي، ونظم هذا الدستور اختصاصات مجلس النواب ودور أعضائه وعلاقتهم بالملك، كما نص على أن يكون أعضاء المجلس بالانتخاب ..
لكن ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزي أن ألغته، لإحكام سيطرتها التامة على مصر، حيث اتخذت عدة قرارات منها حل الجيش وحل مجلس النواب وتشكيل مجالس صورية بدلا منه، وإيقاف العمل بالدستور الذي استبدل به ما عرف لاحقا بالقانون الأساسي.
لكن الشعب المصري في تلك الفترة لم يتخل عن نضاله من أجل الاستقلال وتحقيق الديمقراطية، فقامت العديد من الحركات الوطنية باحتجاجات واسعة ضد قوات الاحتلال وظهرت زعامات شعبية أمثال مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول، ما قاد في النهاية لاندلاع ثورة 1919.
وخلال تلك الفترة نشأت أحزاب سياسية بدأت تؤثر في مسيرة الحركة الوطنية مثل الحزب الوطني والأحرار والدستوري والنبلاء والأمة.. فصدر تصريح 28 فبراير 1922، والذي أعلن فيه انتهاء الحماية البريطانية والاعتراف بمصر دولة ذات سيادة، الأمر الذي مهد لصدور دستور 1923.
وفي 19 أبريل في عهد الملك فؤاد، صدر دستور عام 1923، الذي وضعته لجنة من ثلاثين عضوا ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية بزعامة عبد الخالق ثروت (والذي أطلق عليه الزعيم سعد زغلول اسم دستور الأشقياء رغم تمسكه به لاحقا) ..
واعتبر العديد من المراقبين أن هذا الدستور يعد واحدا من أفضل الدساتير التي وضعت في مصر، لما يتمتع به من ليبرالية وديمقراطية برلمانية، فقد نص على أن:
«مصر دولة ذات سيادة وهي حرة مستقلة ملكها لا يجزأ ولا ينزل عن شيء منه وحكومتها ملكية وراثية وشكلها نيابي»، «الملك هو رئيس الدولة الأعلى وذاته مصونة لا تمس ..
مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة، ويتكون البرلمان من مجلسين»، و«المصريون لدى القانون سواء، وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين ..
الحرية الشخصية مكفولة» ..
إلغاء دستور 1923
تعثر تطبيق دستور 1923 من الناحية العملية، وتم حل مجلس النواب أكثر من مرة، بل إن جميع المجالس التي شكلت في ظل «دستور 23» لم تكمل مدتها الدستورية، وأكثر من ذلك فإن المجلس الذي بدأ اجتماعاته في 23 مارس عام 1925 تم حله في ذات يوم انعقاده، لم يدم دور انعقاده سوى تسع ساعات فقط، ثم ما تلا ذلك من أحداث أفضت لإلغاء دستور 1923، وصدور دستور 1930 في عهد وزارة إسماعيل صدقي.